أول الكلام: للشاعرة العمانية/ بدرية الوهيبي: - تقتاتني الأيام في خطواتها وأصبُّ طهر الأرض في أمطاري منبوذة في كهف جارية هوَتْ وجهَ الغريب، وحطّمت أسواري منذورة للريح تعصف وجهها وتذوب نوراً في سنا أقماري!!
كانت يدي ترتعش، وهي تضغط على رسالة صديقي المفاجئة لي. انه "صديق" قديم... تغيَّب عن الحضور في حدقتَيْ عينيّ، وفي رحابة سمعي ردحاً طويلاً من الزمان. حين سألت عنه متفقّداً... عرفت: ان "ريشة نَعام" طعنته، فقتلَته! فأيُّ حزن عظيم هذا: أن يموت انسان بطعنة من ريشة نعام؟!!
هكذا أنت - أيها الحزن - سمّيتُك في أحلك أوجاع قلبي: أنت مفتاح الفرح! وقد تذكّرت مع رسالة صديقي: لحظة الحزن الممزوج بفاتحة الفرح! في اللحظتين العميقتين هاتين... عجز حزني عن أن يتمدد ليتحوّل الى اطارٍ لكلمات رسالة صديقي، ولصوت السلطانة على هذا القلب! اللحظة في هذا الحزن: كانت مُحيطاً من التوجع الذي يفيض من زمن السخرية، على أرض المعاناة! إنها لحظة حب مبعثر تحت نُتَف السحاب، والتعلُّق على هذه النُّتف مرهق، قبل اعادتها آلاف المرات!
إصغوا معي - إذن - للسطور، وهي تتناثر كالحب تحت نُتف السحاب... تقول: هل أسألك عن الأخبار، والأصحاب، والأحباب؟! أم أسألك عن مغارة الليل التي "يصير طرفها الأسفل ناراً، والأعلى قمراً"... كما صوّر أحد الشعراء المنثورين؟!! ها أنذا أعود مرة أخرى لأثرثر لك يا تلميذ الحظ الأعمى: يا صانع الخلاخل... وما زلت حتى الآن تبحث عن قدم تليق بِحَمْل هذه الخلاخل، وتُبهج الرائي لرقصتها! سمعت أحدهم يجعلك حكاية... ويقول عنك: - لقد ذبحوك بريش النعام... مثلما السلطانة على هذا القلب ذَبحَتْك قبلهم، حين منحتك نصف قلبها! في ذلك الموقف، ومن تلك اللحظة... وأنا عاجز عن الالتصاق بِظِلّي حيث تبدو لي الشمس: شمسين، وعيني مسحولتين... وتعجز - أيضاًَ - عن ان تكون ضريرة!
الموت لعقدة "الآه"! الموت لعقدة "العجز"! لقد ظلمت نفسي... وها أنذا أردد: اليوم لا أحزان لي!! غداً... لا أريده! لأن خطوتي قد تعدّته الى حيث طاحونة الزمان التي تصفع الوجنات النضّاحة بحمرة الشباب، والزهو، و... شيء من خجل الاستحياء "البناتي"! لأن صوتي قد تجاوزه الى حيث: عشق الحياة بالحب... والعجز عن وصال الحياة!!