أدى طرح قضية التنصت على الهاتف وإصدار المراسيم التنظيمية الملحقة بقانون وضع ضوابط له، عن مجلس الوزراء الى أزمة خافتة بقيت طي الكتمان خلال الساعات القليلة الماضية، تدل الى الإرباك والبلبلة اللذين سببتهما إثارة هذه القضية في أوساط السلطة السياسية والحكم مذ بدأ السجال عليها. فالحكومة كانت أمام استحقاق عقد اجتماع خاص للجان النيابية يعرض قضية التنصت على الهاتف الذي تجدد البحث في ضبطه، بعدما أثاره رئيس الحكومة رفيق الحريري أثناء جلسات الثقة بحكومته قبل نحو ثلاثة أشهر، على ان تتقدم الحكومة بنصوص المراسيم التنظيمية لقانون صدر العام 1999 يضع الضوابط لهذه العملية الأمنية. وفي جلسة مجلس الوزراء الأخيرة الخميس الماضي، طرح وزير الداخلية الياس المر المرسوم التنظيمي لضبط التنصت على مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال، نظراً الى الحاح الأمر وارتباطه باجتماع اللجان النيابية التي طلبت من الحكومة التعاطي جدياً مع المرسوم وعدم تأجيله. وأودع المر نسخة عن مشروع المرسوم، الأمانة العامة لمجلس الوزراء، من دون ان يوزع على الوزراء، لضيق الوقت. واعترض وزير المهجرين مروان حمادة على سلق الموضوع، مؤكداً اهميته السياسية وارتباطه بالحريات. وحصل سجال على الموضوع. وتسربت الى بعض الصحف وقائع منه نسبت الى رئيس الجمهورية إميل لحود ان التنصت بكل الوسائل "قائم وان أي شخص يستطيع شراء جهاز معين بمئتي ألف دولار اميركي". وأفادت المعلومات ان الرئيس الحريري اقترح ان يطلب من المجلس النيابي تأجيل البحث في التنصت الى ما بعد اقرار المراسيم. وحيال نشر هذا الكلام قامت جهات موالية للعهد مساء الجمعة بتوزيع كلام نسبته الى "مصادر وزارية" عن طبيعة ما دار في مجلس الوزراء، صححت ما جاء على لسان لحود ونسبت اليه "ان القانون ينظم التنصت على الهاتف الثابت فهل هناك من يستخدمه للحديث في أمور سرية بعد؟ وإذا كان الأمر مرتبطاً بالأمن فالتنصت يفترض ان يتم على الخلوي وهذا غير متاح الا لشركتي الخلوي في لبنان من السنترالات الخاصة بها والدولة غير قادرة على شراء تجهيزات لهذا الغرض وان التنصت عبر جهاز سعره 200 ألف دولار ممكن على أربعة خطوط فقط". وأوحى لحود بحسب المصادر الموالية بأن صدور قانون ينظم التنصت لن يؤدي الى نتيجة. ولم تنشر هذه المعلومات في بعض وسائل الاعلام الرسمي لأنها منسوبة الى مصادر وزارية، في وقت ان قائلها ليس وزيراً. ومن مضاعفات القضية اعلان وزير الاعلام غازي العريضي استغرابه نشر محاضر جلسة مجلس الوزراء على لسان مصادر وزارية. وقال: "اذا كان هناك من يسرب ولا يتحمل مسؤولية ما يحصل داخل الجلسات ونشر معلومات فيها شيء من الصحة ومن الخطأ، وإذا كان لا بد من توضيح الأمور فلا مانع من ان نعلن بوضوح حقيقة ما حدث ولسنا في حاجة الى تلبيس الموقف لمصدر وزاري... وآن الأوان ان ننتهي من هذا الأسلوب". يذكر ان التصريحات باسم مصادر وزارية كانت من مواضيع الخلاف بين الحكم والمعارضة.