المرأة - الشريك الحضاري والأزلي بشهادة التاريخ البشري - لقيت كل اهتمام وعناية في المملكة العربية السعودية، من خلال تعليمها الذي فتح آفاقاً جديدة لم تكن موجودة حتى في حسابات المرأة نفسها. ولم يكن أكثر المتفائلين يتخيل أن تتجاوز المرأة السعودية مهنة التدريس، الا ان هذا التفاؤل كان قاصراً لا يرى ابعد من محيط قدميه، لان الوقت فقط كان العائق الوحيد أمام تحقيقها ذاتها وخصوصيتها، ما خلا ذلك كانت البيئة ملائمة جداً لحضور المرأة السعودية في مختلف المجالات، جنباً الى جنب مع الرجل. وتعد الصحافة احد تلك المجالات التي توجهت إليها المرأة مبكراً، منذ نهاية العقد السادس من القرن الماضي، وهذا ما يقودنا إلى طرح محاور عدة مهمة، تتناول حال الصحافة النسائية السعودية، والأعمدة والمقالات المكتوبة بقلم نسائي، وتدور كلها على نظرة المجتمع الى مهنة الصحافة بالنسبة الى المرأة، ولماذا تكثر المجلات الموجهة الى النساء؟ ولماذا لا توجد، الى الآن، صحيفة نسائية سعودية يومية؟ كل هذه الاسئلة وغيرها طرحت على عدد من الصحافيات السعوديات... فكانت هذه الاجابات: وهم العضوية في "نادي الصحافة" - سالمة الموشي الصحافية في مجلة "اليمامة" السعودية: "فليكن طموحاً مشتركاً ذلك الذي نخوض في تفاصيله، ولنكن اكثر وضوحاً في التعاطي مع رؤية راهن الصحافة النسائية. واذ من الأجدر ان نضع كل الاجتهادات والتطلعات على الطاولة للبحث والنقد، بعيداً من أي ضجيج او مواربة. فاحدى اهم سمات الصحافة في تعاملها مع المرأة كعضو في الكيان الكبير، ولنقل "وهم العضوية"، هو انها تتم ضمن إطار مرجعي يغدق عليها هيمنته لا أهميته. وعليه فإن الصحافة التي تمارس دورها المتفق على أهميته الاتباعية داخل هذا الاطار المرجعي، لا يمكن ان تتحرك خارج شروط هذا الحضور. ويمكنني القول إن الوصول الى مرحلة الاسئلة الصعبة والحاسمة عن جدوى وتقويم الصحافة النسائية واكتساب الاهمية الجادة والحقيقية التي تتضمن الفاعلية والانتماء الى الوجود الاعلامي، ما زال مبكراً جداً. فهناك مسافة كبيرة، انما يمكن ردمها بين فعل التغيير وحيز الثبات الضيق القائم كواقع. وهناك، في المقابل، مساحة متسعة ومتفائلة لكن يصبح التقارب ممكناً من خلال ايجاد قنوات تدريبية لعناصر تنمو وتتفاعل وتتبادل الأدوار بعيداً من الارتجال والعشوائية. ومن شرفة الصحافة اقول ان هناك تطلعات كبيرة وكثيرة ليست مفصولة عن طبيعة العمل الإعلامي الذي يفرضه الواقع بمقدار ما هي فعلاً تواصل، علينا الا نكف عن التطلع الى أفقه، إذ يشكل مطلباً في راهن التجربة الإعلامية وآفاقها. وإذا كنا في صدد الكشف عن مناحي الاضاءة في هذا الاتجاه ينبغي النظر اليه جدياً على انه عالم مغلق ومفتوح في آن، وعموماً تقف الصحافة موقفاً سلبياً عاماً من المرأة كعضو منتسب اليها اجمالاً. فهي ما زالت تحت خط الثقة: مديرة تحرير ومستشارة اعلامية ومديرة مكتب اقليمي، انما شكلياً فقط وبضمنية مؤسفة، وليست لها اية صلاحيات، عدا تنسيق اوراق هامشية وتنميقها. من هنا أسأل: هل من الممكن الا تكون هناك نساء قادرات على الادارة الصحافية الفعلية؟ ولماذا دأب الاتجاه الصحافي العام على تصنيف دور المرأة في الصحافة المكتوبة! القضية ليست في وجود صحافة نسائية مستقلة وصحافة رجالية، بل ان تُقبل المرأة او لا تُقبل في نادي الصحافة الكبير، لنشوء حركة صحافية فاعلة تمثل قطبي المجتمع المرأة والرجل، لا تحويل كل ذلك صراع صحافة - نسائية ورجالية واشكالية فكر نسائي - رجالي! إذ عفَّى الزمن على مثل هذه التقسيمات البائدة. واذا كان من مجال لاستحداث ذلك وضرورته، فبترك المجال متاحاً للفرص المتكافئه ليوثق كل من الرجل والمرأة في ميدان الصحافة عمله وأحقيته كما يليق بجدارته. اعتقد ان المجتمعات العربية اجمالاً ما زالت تنظر الى الصحافة النسائية، من منظار بيولوجي، وساعد على ذلك انسياق صحافيات كثيرات في خضم هذا التقسيم والتسليم به. ونجد ان سيناريوات الصفحات النسائية في كل صحفنا ومجلاتنا، على اختلافها، تعبر عن كل ذلك بعدما ابتلعت الطعم، وظلت معلقة بصنارة كبيرة، وأهمه أن ما تكتبه وعياً وان ما تحققه انجازاً، فيما هو انتحار حضاري واختياري. لذلك، وفي ظل غياب تصور المجتمع عن دور المرأة في الصحافة وتهميشه وتأطيره بإطار أنثوي بحت، سيظل هناك خلل ما يحتاج الى مفاهيم جادة غير مكبلة وغير مقيدة لتشكيل المشروع الصحافي والاعلامي الذي تعمل المرأة من خلاله، وتعبئته. ثمة شواهد واضحة تدل الى انعدام الحضور الحقيقي لما هو معروف تيمناً بالصحافة النسائية. من هنا يمكن ان أسأل: كيف تصبح الصحافة التي تمثل المرأة وعياً وهي مغروسة داخل انساق خطاب ذكوري يتحدث نيابة عنها؟ وكيف يمكن تضييق هوة التواصل بين الامتدادين وهنا المحك؟ منذ سنوات طويلة تخوض الصحافة النسائية في مكان ضيق محاولة تحريك الأبواب الفولاذ من دون فائدة، وعلى رغم كل المحاولات وكل ما يحيط بدور المرأة الصحافية سواءً في المؤسسة التي تعمل فيها او في المجتمع او الأسرة، فإن التعامل معها بصفتها كائناً واعياً، ما زال في طور النمو وأوراقه على طاولة مهملة تحتاج الى الكثير من الوقت لاثبات "هوية صحافية" واضحة المعالم لا افتراض وجودها من خلال المركزية التي تحيطها من كل جانب والمتمثلة في سلطة الانماط ودفعها الى الانكفاء والتماهي؟ من الصعب ان نجد اجابات محنطة للأجابة عن: لماذا لا توجد حتى الآن صحافة نسائية مستقلة أو صحيفة نسائية يومية مستقلة؟ ولكن يمكن طرح اكثر من مثال لهذا الواقع. قبل مدة قريبة، ظهرت مجلة "البنات" بإدارة نسائية، لكن الواقع فرض وجوده بقوة، اذ اقتصرت على كونها مجلة إدارية رسمية تسير وفق سياسة موجهة ومنفصلة نفسياً وثقافياً عن وعي المجتمع الخارجي، بكل توجيهاته، إضافة الى خروجها اصلاً من تحت عباءة الرجل، وها هي تلوح لنا في الأفق النسائي جريدة اسبوعية واعدة صادرة عن "دار الاختيار"، سعدت بها واذا بي ابحث عن دور المرأة الحقيقي في هذه الواعدة، فإذا هو مقتصر على كونها مجرد مستشارة اعلامية... بينما يتصدر اخواننا قائمة المهمات في الجريدة ضعوا خطاً أحمر تحت مستشارة اعلامية وتأملوه ولكم الحكم. اتطلع فعلاً بحب كبير وأمل الى أن يعاد النظر في وجود المرأة في هذا الكيان الاعلامي المهم لتأسيس حضور هو في أشد الحاجة الى من يرصد واقعه ويتحرى متطلباته ومعطياته". الصحافة الالكترونية أفضل مجال - ناهد باشطح، كاتبة وصحافية: "الحديث عن الصحافة النسائية السعودية متشعب، ولست في موضع تقويم، انما من واقع تجربة. فعلى رغم عدم وجود بيئة علمية اكاديمية مناسبة لانتاج الصحافيات وعدم وجود جهة مسؤولة عن حقوقهن المادية المعنوية، استطاعت الصحافية السعودية الى حد ما ان تشق طريقها الوعر، وقد يكون الوضع افضل حين يعتنى بتكوين الشخصية الصحافية علمياً ومهنياً، على ان ثمة مؤسسات صحافية بدأت تدرك أخيراً أهمية التدريب المهني وتلحق صحافياتها بدورات تدريبية. لكن السؤال القائم: هل هذا ما تحتاج الىه الصحافية حتى تقدم صحافة تناسب ايقاع العصرالسريع؟ اما اذا تحدثنا عن الأعمدة النسائية فهي منتشرة لكاتبات قديرات واكاديميات متخصصات في مجالهن العلمي، ومبتدئات في طريق الاحتراف المهني لكتابة العمود الصحافي. لذلك يوجد في صحفنا العمود الطويل جداً، الذي يذكرني بأثواب السهرة النسائية، ويوجد العمود الذي يطرح وجدانيات هي اقرب الى الخواطر. ان فيها انواعاً عدة من الاعمدة النسائية، وهي تسعد بالحضور النسائي كمّاً لا كيفاً. وثمة مجلات نسائية سعودية تصدر في الخارج. اما داخل المملكة فالاجابة عن هذا السؤال لدى وزارة الاعلام! مع ان الكوادر الصحافية السعودية موجودة بدليل ان هناك صحافيات يعملن في الصحف السعودية بعقود قانونية، لكن الأمر الآن يبدو اسهل في عصر الانترنت. اذ في امكان المرأة، وهي في بيتها، ان تصمم موقعاً يحوي مجلة الكترونية، وكنت أول كاتبة وصحافية سعودية تنشئ موقعاً على الانترنت بجهود فردية، وكانت "شمس العصافير" تجربة مثيرة: استمتع بمقالي الشهري في موقعي، واتحكم باخراجه وتعديله، فيظهر كما اريد تماماً. ومن هنا فكرت بانشاء مجلة الكترونية مع بعض الزميلات من الصحافيات اللواتي يهتممن بهذا الجانب. وأرى ان الانترنت عالم منصف للصحافية السعودية، تستطيع من خلاله ان تحقق ما لم يتحقق في الواقع، اي متابعة المادة من دون ترقب، كما هي الحال في مرور هذه المادة بالاجازة والصف والإخراج والطباعة في الصحف الورقية. ولكن، ويا للأسف، لم يلتفت الى الانترنت حتى الآن في شكل جيد. واذا تحدثنا عن مهنة الصحافة النسائية، فهي عمل شريف والمجتمع يحترمه. لكن السؤال: هل المجتمع يحترم الصحافية ويقدرها في ظل عدم الاعتراف الرسمي بها؟ أنا اؤمن بالمثل الفرنسي القائل: "ليس هناك مهنة سخيفة بل هناك أناس سخفاء". فهل استطاعت الصحافية أن تكون جديرة بمهنة سامية كالصحافة؟ أم ان حال الصحافية مع مهنتها ينطبق عليها المثل العربي: "لدى الخزاف يقدمون الماء في ابريق مشقوق"!! اما التوجه السائد في حصر القلم النسائي بكتابة الأعمدة أكثر من اي فن صحافي آخر، فلأنه الأسهل ولا يحتاج الى تحقيق ومتابعة مستمرة ودقة وبحث وتحر، من دون ان يكون فيه احياناً التفات الى قواعد المقال الصحافي وشروط نجاحه. علماً ان الكتابة في رأي فولتير "رسم للصوت واتصال مباشر بالقارئ الذي قد يقبلك او يرفضك". والكاتبة الذكية تعرف ماذا يريد قارئ عصر المعلوماتية، وارى ان كثرة المجلات الموجهة الى النساء ترجع الى اعتبار البعض أن المرأة، بكل قضاياها وهمومها ومشكلاتها، ورقة رابحة. ولأن هذا هو قرنها، فهي بالفعل ورقة رابحة لمن اراد استثمارها ولا استغلالها. وتاريخ النساء كما قال كوندورسيه "هو تاريخ العالم العام لو كُتب، اذ ليس ثمة ثورة في الامبراطوريات والأسر ليس النساء سبباً فيها او غاية او وسيلة". ولأن المستثمرين في الاعلام المطبوع يبحثون عن المال والانتشار فقط، والمجلات المهتمة بالشؤون النسائية تبحث في الأزياء والجمال وعقل النساء خاوٍ الا من هذه الاهتمامات، فلماذا مثلاً لا تهتم المجلات بالتوعية والبحث في علاقة الرجل بالمرأة، وهي جزء من مشكلات الأسرة وتهم المرأة بالتأكيد". عمود محصن... مادياً - جميلة السعدي صحافية في جريدة "المدينة": "استطاعت المرأة السعودية دخول كل المجالات من تدريس وطب وأعمال حرة وصحافة على رغم ان عملها اقتصر على مهنة التدريس في ما مضى. وبدخولها مجال الاعلام، على صعوبته، اثبتت جدارتها. وما زالت تخطو خطوات ثابتة ومتزنة، إلا انها تطمح الى المزيد من التفوق والنجاح دائماً. واستطاعت الصحافية السعودية ان تصبح اكثر نضجاً من قبل، فأصبحت تلامس مشكلات بنات جنسها في شكل واع ومثقف يعي ويدرك ما وصل اليه العالم من تطورات تكنولوجية، وتواجه الظروف والصعاب التي كانت تقف عثرة في طريقها الصحافية، علماً أن كل هذه الاجتهادات شخصية ومن دون دراسة مسبقة او تأهيل اكاديمي. واعتقد اننا من خلال الاعمدة والمقالات النسائية السعودية، نجد ان بين كاتباتنا من وصلن الى القمة بابداعاتهن، ما اثر في الصحافة السعودية والنسائية خصوصاً. ونجد أنهن عالجن قضايا ومشكلات اجتماعية نسائية عموماً، في حين نرى اخريات ما زلنا يتخبطن في عشوائية الكتابة من دون إلمام بأبرز سماتها المعالجة لقضايا المجتمع. فثمة كاتبات اتخذن من الكتابة برجاً عاجياً يخفين وراءه كل تناقضاتهن، كي يظهرن واعيات ومثقفات، وهن عكس ذلك. وما زال الوعي ينقص المجتمع بما هي الصحافة النسائية، وبما تحمله من مضامين واهداف سامية. فالصحافة تمثل عملاً شريفاً للمرأة، كمثل الطب والتدريس وغيرهما، ومن اسباب عدم وجود صحيفة نسائية يومية مستقلة في السعودية الى الآن، ان ليس هناك كفاية نسائية تدير مثل هذا العمل الضخم الذي يحتاج الى جهود جبارة ودعم معنوي ومادي. ثمة مجلات متخصصة بالشؤون النسائية، لكنها ليست كثيرة، من مثل "اليقظة" و"النهضة"، و"الأسرة" التي تهتم بهذا المجال من منظور اسلامي. ولان المرأة عمود المجتمع ولانها تحتاج الى تنفيس عن الضغوط والمشكلات الاجتماعية، نفسية، وصحية التي تواجهها، وجب ان تكون هناك مجلة متخصصة في شؤونها، لأن ذلك يساعدها على تنمية ثقافتها التربوية والصحية. أما توجه الأقلام النسائية الى كتابة المقالات والأعمدة فيعود الى نقاط عدة منها ان ثمة اقلاماً نسائية تعطى حرية الرأي، في تناولها مثلاً معاناة موظفين في هذه الوزارة او تلك الجهة الحكومية، على عكس خبر او تحقيق بقلم صحافية، اذ قد يسبب لها مشكلات عدة منها تكذيب الخبر. ثم ان هذه الاقلام تعطى حقوقها المادية كاملة من دون نقصان، لكن الصحافية تجد ان ليس لديها معايير ثابتة للتقدير المادي. لذلك نجد ان هناك توجهاً الى كتابة الأعمدة النسائية اكثر من اي فن صحافي آخر". الاتحاد أساس النجاح - دينا شهوان، صحافية وكاتبة: "هناك تطور كبير في المجال الاعلامي السعودي، في ما يتعلق بالمرأة، فمع التجربة والخبرة صقلت المرأة تجربتها في الصحافة، وأصبح لها دور بارز، سواء كانت مرئية او مقروءة او مسموعة. والعمل الصحافي اعطاها صفة بارزة في المجتمع وطور من إمكاناتها العملية، في ظل ما تحظى به وسائل الاعلام المتعددة من تطور. وأرى أن للأعمدة والمقالات النسائية دوراً في تنشيط التنمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية. والمرأة السعودية تكتب في مجالات عدة، ما يؤثر في المجتمع، وان غلبت على كتاباتها مواضيع التنمية والنهضة الاجتماعية. واعتقد ان فكرة وجود صحيفة نسائية يومية مستقلة في السعودية غير ناجحة لأنني، كإعلامية متخصصة، أرى أن نجاح الصحيفة بوجود الرجل والمرأة معاً افضل بكثير، وخير مثال صحيفة "الحياة". المجتمع ينظر الى المرأة ايجاباً، ومع التطور والنهضة تغير واتسعت مفاهيمه. ربما كان في الماضي يستهجن عملها في الصحافة، اما الآن فعلى العكس تماماً، اذ صار موضع احترام. اما عن توجه القلم النسائي إلى كتابة الاعمدة اكثر من اي فن صحافي اخر فليس بكثير. فمن تكتب عموداً وتثابر عليه تكون تميل الى الكتابة لا الى العمل الصحافي الميداني. والصحافة عالم غني بالفنون. وكل امرأة تبحث عما يناسبها. قد تكون كتابة العمود بالنسبة الى المرأة فسحة من الحرية او خلطاً بالذاتية والموضوعية، لاثبات الوجود النسائي على الصعيدين الصحافي والادبي. وتكثر المجلات النسائية المتخصصة نظراً الى متلقيها من النساء والفئات الاخرى، اي الشركات والمؤسسات بدافع اعلاني، لأن المرأة هي صاحبة القرار في الشراء، ولظهور نسبة كبيرة من سيدات الاعمال واستثمارهن في المجال الاعلامي". الشعر الشعبي والرياضة - فوزية الشدادي الحربي، محررة صحافية في جريدة "الجزيرة": "الصحافة النسائية في السعودية قطعت شوطاً كبيراً، واثبتت الصحافية السعودية انها مبدعة في هذا المجال، اذا عرفنا انها تقدم اشكالاً متعددة من فنون المادة الصحافية، من مثل التحقيق او الحوار او كتابة المقال او صوغ الخبر او التقرير، باجتهادات شخصية ومن دون خضوغها لتأهيل اكاديمي أو حتى دورات بسيطة. أما بالنسبة الى الأعمدة والمقالات النسائية فمنها الجيد ومنها الأقل جودة، كما هي حال الأعمدة والمقالات الرجالية وعدم وجود صحيفة نسائية يومية مستقلة في السعودية حتى الآن يعزى الى اسباب كثيرة اهمها عدم ثقة المؤسسات الاعلامية بالتزام المرأة تقديم مادة صحافية يومية، لما يتطلبه ذلك من تفرغ كامل وتنقل بين مكان وآخر. ولا يختلف اثنان على أن الصحافة عمل شريف مئة في المئة، وقد استطاعت المرأة السعودية ان تمارسه بخصوصية تتناسب وشريعتها وعاداتها وتقاليدها. اما عن نظرة المجتمع، فأشعر انها نظرة احترام خاص الى سيدات خارقات لهن مكانة مميزة، لما يتمتع به الإعلام من وهج جذاب. وقد يكون السبب في توجه المرأة الى كتابة العمود او المقال سهولة هذا الفن، مقارنة بغيره، فضلاً عن ان له متابعين وقراء، ويحقق لها شهرة اكثر من الصحافية التي تلهث لاتمام تحقيق مثلاً قد لا ينتبه اليه احد. هذا شيء، والشيء الآخر ان من تكتب العمود توقع، عادة، عقداً يلزم المطبوعة دفع مبلغ مالي ثابت لها. أما المجلات النسائية في السعودية فليست كثيرة مقارنة بالمجلات الاخرى المتخصصة مثلاً بالشعر "النبطي" او الرياضة. وفي حين لا تخلو صحيفة او مجلة من ملحق رياضي او شعري، يندر ان تجد ولو ملفاً نسائياً فيها، فكيف بلا مجلة نسائية؟". لا إرادة قوية - ايمان التركي، محررة في جريدة "الجزيرة": "أشعر الآن ان الصحافية السعودية تنافس غيرها من الاجنبيات اللاتي درسن مجال الاعلام وحصلن على شهادة، على رغم انها لم تدرسه ولم تدرك ما فيه. ومع ذلك، لا استطيع ان اقوّم الاعمدة النسائية، لانني اقرأ بعضها منذ زمن، ولم افكر في قراءة غيرها. واعتقد ان عدم وجود صحيفة نسائية مستقلة في السعودية حتى الآن، سببه غياب العزيمة النسائية القوية لذلك. وأرى أن الصحافة عمل شريف بالنسبة الى المرأة، وان المجتمع يقدرنا ويحترمنا، ولم اشعر بمقاطعة اي شخص لي، سواء من الجيران او الأصدقاء، لا بل كثر تبادل الآراء بيننا. أما التركيز على الأعمدة النسائية، فمرده الى انه مجال خالٍ من التقيد والالتزام، وفيه حرية ابداء رأي شخصي. وأما كثرة المجلات المتخصصة في الشؤون النسائية فسببه ان المرأة موضع اهتمام الرجل وتمثل هموم بنات جنسها وأفراحهن". انفتاح متطور - داليا قزاز، صحافية في مجلة "لها"، تطورت الصحافة النسائية في السعودية في شكل لافت عما مضى، وهناك نوع من الانفتاح أو التطور في المساحة المتاحة للمرأة السعودية عموماً والصحافية السعودية خصوصاً، واهتمام من النساء في السعودية بالإعلام وبدخول مجاله. وعندما أصبحت المستحقات المالية للصحافيات مضمونة ومكفولة، عُدّ ذلك اعترافاً بالمرأة كصحافية لها حضورها المهم في صحافة المملكة. أنا سعيدة بهذا التحول الذي سيجعل من المرأة ممثلة كاملة المواصفات لشريحتها النسائية في المجتمع. لكن القضية ان ثمة فئات في المجتمع السعودي لا تنظر في احترام الى عمل المرأة في الصحافة على أنه شريف، من دون أن يلغي ذلك تقدير سائر المجتمع لها. والحقيقة ان عمل المرأة في الصحافة مناسب، لأنه غير مقيد بدوام أو مكتب أو التزام على المستوى الإداري، بل يمكنها انجاز عملها في البيت، خصوصاً بوجود وسائل الاتصال المتطورة والمنتشرة في كل مكان. وأعتقد ان عدم وجود صحيفة نسائية سعودية يومية حتى الآن يرجع الى أسباب عدة، أهمها عدم توافر الامكانات والتسهيلات التي تُوجِد بيئة مناسبة لذلك، وصعوبة تنقل المرأة لانجاز عملها الصحافي، وأيضاً لأن التعامل بين امرأتين صعب جداً تدخل فيه مؤثرات كثيرة، منها الحساسية والغيرة، تنعدم في التعامل مع الرجل، ولأن العمل بوجود ممثلي المجتمع الرجل والمرأة أفضل بكثير من انفراد أحدهما بالمجال الإعلامي. وبكل بساطة، العلاقة في الصحافة تكاملية تصب في النهاية في خدمة المجتمع.