المعارض الكثيرة في لندن منذ مطلع السنة تؤكد سمعة العاصمة البريطانية لمركز دولي رائد لثقافات الشرق الأوسط. من بين المعارض يوم الثقافة الأفغانية في الثالث من الشهر المقبل في قاعة محاضرات "بريتيش بتروليوم" في المتحف البريطاني. والقاعة جزء من الباحة الكبرى الجديدة للمتحف التي افتتحتها الملكة اليزابيث الثانية في كانون الأول ديسمبر الماضي. عنوان الفعالية "أفغانستان: بوتقة آسيا الوسطى". وقالت ل"الحياة" فينيشا بورتر، من أمناء المجموعات الاسلامية في دائرة الشرقيات في المتحف أن "الهدف هو الاحتفاء بثقافة أفغانستان وتسليط الضوء على ثرائها وتنوعها". ويأتي يوم أفغانستان بعد سلسلة من دورات اليوم الواحد الدراسية عن آسيا الوسطى في المتحف البريطاني. وقالت بورتر: "لما كانت أفغانستان على حافة آسيا الوسطى قدّرنا ان تخصيص يوم للتركيز على مختلف أوجه ثقافتها سيثير الكثير من الاهتمام". من المواضيع التي تغطيها الفعالية الحفريات الأثرية والمعمار وقطع العملة والمنسوجات. ومن بين المتكلمين بول برنار مدير بعثة الحفريات الفرنسية في أفغانستان، وأوزموند بوبياراشي من المركز الوطني للبحث العلمي في باريس، ومايكل روجزر من كلية الدراسات الآسيوية والأفريقية سواس في لندن، وروبرت هيلنبرانت من جامعة ادنبره، ونانسي دوبري من جمعية الحفاظ على ارث أفغانستان الحضاري. هناك أيضا وليام ريف من القسم العالمي ل"بي بي سي" الذي يتكلم عن حياة المراسلين الأجانب في كابول. ويترافق المعرض الأصلي مع معرضين ثانويين: الأول يقدم صوراً فوتوغرافية من أفغانستان من جوليون ليزلي، منسق الأممالمتحدة السابق في كابول، فيما يقدم الثاني قطعاً مختارة من الآثار البوذية اضافة الى عرض للسجاد والمنسوجات الأفغانية. وسيكون هناك بعد المؤتمر عرض للموسيقى الأفغانية التقليدية يقدمه الدكتور جون بيلي، الذي يعزف على الرباب والدوتار، وأغان مع الدف تقدمها زوجته فيرونيكا دوبلداي، ثم ضارب الطبلة الأفغاني يوسف محمود. وكان الزوجان بيلي ودوبلداي أقاما فترة في مدينة هيرات خلال السبعينات لدراسة الموسيقى الأفغانية، وأصدرت دوبلداي كتابا عن الموسيقيات الأفغانيات بعنوان "ثلاث نساء من هيرات". الدكتور بيلي محاضر متقدم في الموسيقى الأثنية في كلية غولدسمث في لندن، وهو يقوم حالياً بأبحاث عن الموسيقيين الأفغان في مهاجرهم في باكستان وايران وكاليفورنيا وألمانيا. وأكمل اخيراً تقريراً الى مؤسسة "فريميوز" الدنمركية عن الرقابة على الموسيقى في افغانستان. ويصدر التقرير، مرفقا بقرص مدمج عن موسيقى البلد، في حفل استقبال في لندن أواخر نيسان أبريل المقبل. كلفة المشاركة في دورة اليوم الواحد عن أفغانستان، من ضمنها العرض الموسيقي، 25 جنيهاً استرلينياً، وسعر تذكرة العرض الموسيقي ستة جنيهات. الباحة الكبرى الجديدة للمتحف نفسها تستحق الزيارة. انها المساحة المغطاة الأكبر في أوروبا، بسقف رائع من الصلب والزجاج. في قلب الباحة "غرفة القراءة" الشهيرة بقبتها العالية، التي عرفت دارسين مواظبين مثل كارل ماركس وتشارلز ديكنز وفرجينيا وولف. وأكمل المختصون اخيراً العمل على صيانة القبة، واستعادت ديكورها الأزرق والذهبي الزاهي. الباحة نفسها تبقى مفتوحة للعموم بعد انتهاء ساعات الدوام في المتحف بالمتاجر العديدة فيها، ومساحاتها المفتوحة حيث يمكن التمشي بين التماثيل من مقتنيات المتحف، وهي تعد بين أماكن اللقاء المفضلة في لندن. يحيط بجدار "غرفة القراء" صعودا سلّم يقود الى "غاليري جوزيف هوتنغ" التي تشهد من 12 نيسان أبريل الى 26 آب أغسطس معرضاً رئيسياً عن "كليوباترا: من التاريخ الى الأسطورة"، الذي يتبع حياة الملكة المصرية وعلاقاتها مع القائدين الرومانيين العظيمين يوليوس قيصر ومارك أنتوني. يشمل العرض التماثيل وقطع النحاس والسيراميك وقطع النقد والمجوهرات، كما يظهر الاعمال الفنية الكثيرة عن كليوباترا في مجالات الرسم والمسرح والموسيقى والأدب والسينما. وستعقد في أيار مايو دورة دراسية مرتبطة بالمعرض، اضافة الى دورة من يوم واحد في 9 حزيران يونيو تركز في شكل خاص على التصورات السينمائية لكليوباترا. كما تقدم "غاليري جوزيف هوتنغ" ربيع السنة المقبلة معرضاً رئيسيا عن أمرأة شهيرة اخرى من الشرق الأوسط هي بلقيس. المعرض بعنوان "اليمن وملكة سبأ". وتنظم دائرة الأثريات الشرقية في المتحف معرضاً للمجوهرات من امبراطورية المغول في الهند، وذلك من الثالث من أيار الى الثاني من أيلول سبتمبر في صالة العرض في الجناح الغربي. المعروضات مستعارة من مجموعة الصباح في الكويت، ومن بينها 300 قطعة مجوهرات من منتصف القرن السادس عشر الى الثامن عشر. ويترافق المعرض الرئيسي مع معارض أصغر عن قطع نقد ولوحات تبرز مجوهرات من امبراطورية المغول. في الطابق الأسفل من الباحة الكبرى تفتتح في الثالث من الشهر المقبل "غاليرهات سانزبري الأفريقية" المكرسة لاعمال الانكليزي هنري مور. يشمل العرض ايضا اعمالاً من فنانين مغاربيين ومصريين معاصرين. على مقربة من المتحف البريطاني هناك "غاليري بروناي" التابعة لكلية لندن للدراسات الشرقية والأفريقية سواس. في الطابقين الأعلى للغاليري معرض أخّاذ لازياء سيلبسها المغنون في اوبرا "تامرلانو" تيمورلنك لهاندل، من اخراج الدكتور جوناثان ميلر. يستمر المعرض الى 23 من الشهر المقبل، وتبدأ عروض الأوبرا في حزيران يونيو، أولاً في مسرح غوته في باد لاوخشتاد في المانيا، ثم في مسرح الشانزاليزييه في باريس، واخيراً في دار اوبرا سادلر ويلز في لندن. الأزياء النسائية والرجالية الزاهية الألوان في المعرض من تصميم جودي ليفن، التي استوحتها من الأزياء العثمانية والفارسية القديمة وايضاً من منسوجات ولوحات ومحفورات من فنانين استشراقيين. ألّف هاندل الأوبرا في 1724، وهي تدور على انتصار القائد المغولي تيمورلنك على السلطان العثماني بايزيد في معركة انقرة في 1402 التي انتهت بأسر السلطان. وتروي قصة غرام معقدة بين تيمورلنك واستيريا ابنة بايزيد، على الرغم من خطوبته الى آيريني اميرة طربزوند. وتنتهي الاوبرا بانتحار السلطان العثماني. ويشكل العرض الحالي استعادة للعرض الذي اخرجه ميلر في أوبرا "غليمرغلاس" في نيويورك، واستعملت فيه الأزياء التي تقدمها "غاليري بروناي". وكانت مجموعة "البلاط والانتصار" هذه عرضت سابقاً في نيويورك وفي متحف جامعة ولاية كنت. وهناك خطط لنقلها الى فرنسا وربما ايضاً تركيا. يضم معرض "البلاط والانتصار"، اضافة الى الأزياء، مقتنيات تاريخية، من بينها نماذج جميلة من ازياء النساء في تركيا وايران، اضافة الى أبازيم دقيقة الزخرفة للأحزمة من المرحلة العثمانية، ومحفورات لنساء بأزياء عثمانية، ونماذج من الحرير المقصّب العثماني من القرن السادس عشر، وخوذتين من تركيا وايران، ونصٍ لموسيقى أوبرالية يحمل توقيع هاندل.