} أدى الخلاف بين أعضاء الهيئة التأسيسية ل"لجان المجتمع المدني" على اصدار وثيقة "توافقات وطنية عامة" في اجتماعهم الثلثاء الماضي، الى انسحاب الكاتب ميشيل كيلو من الهيئة التي اصدرت بداية الشهر الماضي "الوثيقة الاساسية" او ما عرف ب"بيان الالف". وكان كيلو يريد الردّ على انتقادات قادة حزب "البعث" الحاكم لاعضاء "الهيئة"، لكن زملاءه الاخرين رأوا "اننا لم نكن موضع شك كي نجدد مواقفنا" التي جاءت في "بيان الالف". واللافت ان مشروع الوثيقة أعطى حيزا كبيرا لموضوع "الصراع العربي - الصهيوني"، مجددا دعم "خيار الاصلاح والتغيير" الذي اعلنه الرئيس بشار الاسد، على أمل الوصول الى "نظام ديموقراطي". وحصلت "الحياة" على مشروع الوثيقة الثانية ل"لجان المجتمع المدني" التي حملت عنوان "توافقات صادرة عن الهيئة التأسيسية" ل"لجان المجتمع المدني"، وهنا نصها قبل اقرارها في صورتها النهائية: "تصدر الهيئة التأسيسية ل"احياء المجتمع المدني" هذه التوافقات الوطنية العامة، كي تحدد الارضية العامة التي ستملي مواقفها واهدافها وتوحد مواقف الساحة الثقافية السورية المليئة اليوم بالجمعيات والمنتديات واللجان وتحول بين بعض الجهات وبين استغلال ما فيها من تنوع طبيعي وصحي في الآراء من أجل التحريض عليها وتشويه سمعتها وضربها بعضها ببعض. بعد "الوثيقة الاساسية" التي قالت رؤية "لجان احياء المجتمع المدني" النظرية للواقع، تريد وثيقة "التوافقات" هذه تحديد نواظم سنتخذ مواقفنا في ضوئها ونصوغها في شكل معايير وطنية عامة لنلزم انفسنا بها في القول والفعل، خصوصا ان بلادنا في حاجة الى ما يجمع لا ما يفرق، وان دورنا سينصب على انجاح خيار التغيير والاصلاح وصولا الى نظام الديموقراطية والعدالة المنشود، واننا نعتزم المشاركة بنشاط في تلمس سبلهما وتأمين موازين قوى ملائمة لهما. ليست "التوافقات" التي نقدمها غير حاضنة اطارية لعملنا، نتمنى ان تجد فيها اطراف الساحة الثقافية والسياسية السورية مشتركات مقبولة وان تعتبرها ارضية عامة ترسم وتحدد انطلاقا منها مواقفها من المؤسسات والقضايا المختلفة الداخلية والخارجية وتعيين علاقاتها بعضها مع بعض. اما التوافقات المطلوبة فهي الآتية: 1- ان نرى في مواطنينا ذوات حرة، الاساس في وجودها والتعامل معها ضمان حريتها وحقوقها دستوريا وقانونيا وعدم التعدي عليها ماديا او معنويا وتأمين كل ما هو ضروري لقيامها بأوسع مشاركة ممكنة في الشأن العام من القاعدة الى القمة. ان مواطننا الحر يجب ان يعتبر اساس النظام السياسي والاجتماعي وحجر الزاوية في استقراره وتقدمه. 2- ان نرى في مواطنينا شعبا واحدا لا فرقا مذهبية او طائفية او طبقية او سياسية، وان نقوم بكل ما من شأنه تعزيز هويتهم الوطنية وتلاحمهم الداخلي ونقاوم كل من يسعى الى المساس بوحدتهم لاي سبب او غرض كان وان نمتنع عن فعل او قول ما يسيء الى تضامنهم والى مصالحهم الوطنية والقومية، وفي مقدمها حريتهم وكرامتهم. ولتعزيز وتقوية وحدة شعبنا من الضروري ان تقوم حياتنا على تعاقدات وطنية مقبولة ومعترف بها تشكل عقدا اجتماعيا-سياسيا ملزمة لاطرافه في الدولة كما في المجتمع يحدد القيم والمصالح والسياسات الوطنية والقومية والانسانية التي تلتزم مؤسسات الدولة والمجتمع بها صونا وتعزيزا لوحدتنا الوطنية على ان يتم تلمسها وتحديدها عبر حوار وطني عام علني وصريح يشارك فيه الشعب الذي لابد ان تحظى بموافقته. 3-ان نرى في وطننا كيانا عربيا مستقلا ونعمل كل ما من شأنه ابقاءه كذلك في جميع الظروف والاحوال. وان نقاوم اي يد خارجية تمتد الى وطننا وشعبنا بسوء ونقطع اي يد تمتد من داخله الى الخارج بقصد المساس المادي او المعنوي به وبشعبه. 4- ان تكون سلطتنا شفافة لانها سلطة دولة حق وقانون تخص مواطنيها جميعهم وتكفل حريتهم باعتبارهم مصدر شرعيتها وقوتها والجهة التي تمنحها القدرة على تحدي ودرء المخاطر الخارجية والداخلية. انها دولة حق وقانون تساوي بين مواطنيها وتلتزم ما تصدره هي نفسها من قوانين وقرارات وتتيح لشعبها مجالا داخليا يتحرك ابناؤه فيه بحرية وبلا قيود ويدافعون عن مصالحهم بلا خوف او تمييز. 5- ان لا نسمح للاصلاح بأخذنا الى وضع أوروبي شرقي، وضع يحل السوق محل الدولة، والتبعية محل الاقتصاد، يدمر مجتمعنا ويستعبد كتلته الكبرى ويحول تنميتنا الى تنمية تابعة لا خير فيها لنا، وثرواتنا ومواردنا الى ملك للاجانب، ويمّكن المافيات من افتراس القسم الاكبر من مواطنينا ومن رميهم الى ما دون خط الفقر بعد ان يحول الحرية الى اداة يفكك بواسطتها مجتمعنا ويذر افراده ودولتنا الى جسر تمر عليه تبعية الداخل للخارج يعيش من يوم ليوم على ما يتسوله في مواجهة ذلك مجتمعا حرا لمواطنين احرار فصحاء واقوياء ومنتجين ودولة تستطيع الدفاع عن شعبها ومصالحه ونظاما اجتماعيا عادلا هدفه حل مشكلات العاملين والمنتجين دون تعطيل قدرات المبادرين والنشطاء، يرى اهمية الاجيال الجديدة فيتيح لها افضل ظروف التعلم والعمل والعيش لانها بالنسبة اليه مستقبل الوطن. هل يستقيم هذا كله بغير خطط وبرامج اصلاح معلنة يناقشها المجتمع ويعلن تأييده لها. 6- ان ندعم معركة تحرير اراضينا المحتلة خصوصا اراضي العرب المحتلة في فلسطين وخارجها عموما ونكرس كل طاقتنا وجهودنا لها. وان لانرى في التسوية نهاية الصراع بيننا وبين العدو الصهيوني، وان نأخذ بلدنا الى نظام قومي لا شرق اوسطي ولا متوسطي يفتح الطريق الى ما بعد اسرائيل ويغلق الطريق التي تحاول اميركا واسرائىل فتحها الى ما بعد الامة العربية. 7- ان ندعم اي جهد وحدوي تقوم به دولتنا وقيادتنا ونحول انفسنا الى مشاعل للوحدة العربية ولدولتها العتيدة التي لطالما حلمنا بها التي يجب ان نبدأ من الآن فصاعدا في ربط حتى حياتنا اليومية بها ما دام قيامها ضرورة وجودية بالنسبة الينا: مجتمعات ودولا وافرادا. 8- ان لا نقبل غير الحوار سبيلا الى حل مشكلاتنا وننبذ العنف في صوره واشكاله ونتحد في وجه اي طرف يأخذ به او يدعو اليه. وان ننبذ كذلك القمع والاكراه وسيلة الى تنظيم حياتنا الوطنية والى ضبط علاقات سلطتنا بمجتمعها او بطرف من اطرافه او مكون من مكوناته وعلاقات هذا بها. يجب ان نحول وطننا الى ساحة حوار سلمي وصريح لا يقتصر الحوار فيها على اطراف محددة او علي موضوعات بعينها بل يغطي مشكلاتنا جميعها التي يجب ان يتعامل معها باكبر قدر من الوضوح والصراحة ويبين الحلول المطلوبة لها. بعد التجربة التاريخية التي مررنا بها بسلبياتها وايجابياتها نعتقد ان الاصلاح سينجح اذا ما تم بقوى السلطة والمجتمع الذي نريد له ان يتحول الى حامل له. رهاننا ك"لجان احياء مجتمع مدني" ليس معارضة سلطة ما او قلبها بل تحويل مجتمعنا الى حامل لمشروع التغيير والاصلاح الذي سينطلق من ايجابيات واقعنا ليشكل بداية لشعبنا ودولتنا وامتنا لكل مواطن مكان دور فيها بما انها تجديد لنهضتنا يحتم عصرنا ان يكون تجديدا من نمط جديد".