نال حكام كرة القدم في السعودية خلال المواسم الماضية سمعة طيبة في ادارة المباريات الدولية منحتهم ثقة الاتحاد الدولي للعبة، الذي استعان بخدماتهم غير مرة لتحكيم مباريات بطولات كأس العالم، وجاء ذلك بمثابة الاعتراف ببلوغهم المستوى الجيد، بيدَ ان الظهور المميز للحكام السعوديين في المباريات الدولية لم يشفع لهم بتحقيق نجاح في قيادة مباريات الدوري المحلي التي شهدت خلال المواسم الثلاثة الأخيرة تراجعاً لافتاً في مستوى اداء الحكام أثار حملة احتجاجات شنّها رؤساء الأندية وطالبوا اتحاد اللعبة باستقدام حكام أجانب لإدارة المباريات الحاسمة. وشهدت مباريات الموسم الحالي هفوات تحكيمية برهنت ضعف مستوى الحكام السعوديين قياساً الى تفوقهم دولياً. وأثارت أخطاء الحكام المتوالية تذمراً شعبياً أصاب الشارع الرياضي في السعودية بحال من عدم الرغبة في متابعة مباريات الدوري التي باتت هفوات الحكام تسرق منها المنافسة والاثارة. وبلغ التذمر ذروته حين أعلن المسؤولون في نادي النصر انهم سينسحبون من البطولة احتجاجاً على حكم مباراة فريقهم ضد الجار اللدود الهلال، والتي انتهت هلالية 2-1، واعتبروا ان الحكم محمد السويل تعمّد اتخاذ قرارات ضد النصر للتأثير على لاعبيه ومساعدة الهلال للخروج فائزاً. وزاد الاتحاد السعودي حكامه حرجاً حين أصدر قراراً بإيقاف السويل عن التحكيم وسحب الثقة من اللجنة المسؤولة عن الحكام في سابقة اعترف من خلالها الاتحاد ضمناً بتقصير حكامه الذين نعموا طويلاً بحصانته، واعترف بتقصيرهم، وعاقبهم علناً. علماً أنهم كانوا لا يجدون حرجاً في محاباة الأندية الكبيرة أو التي تلعب على أرضها واتخاذ قرارات ميدانية لمصلحتها على حساب الفرق المنافسة مستفيدين من حصانتهم التي تكفل تمرير قرارات خاطئة في مباريات مهمة والحصول لاحقاً على تأييد من لجنة الحكام ينفي تقصيرهم ويرفض الاعتراف باللقطات التلفزيونية والصور التي تظهر عدم صحة قراراتهم!! وتحولت الأخطاء التحكيمية الأخيرة الى قضية الموسم في الأوساط الكروية السعودية التي انشغلت طوال الشهرين الماضيين بتصريحات رؤساء الأندية التي تهاجم الحكام وتطالب اتحاد الكرة بالتدخل وتوفير حماية للأندية من أخطائهم، خصوصاً أن القرارات الأخيرة للاتحاد لم تفلح في تبديل حال الحكام الى الأفضل، بعدما تضاعفت الأخطاء في المباريات الأخيرة ما زاد تذمر الأندية من مستوى التحكيم. ويؤكد المتابعون لمباريات بطولة السعودية ان هذا التذمر مبرر، نظراً الى تراجع مستوى التحكيم الذي برهن ان المباريات المحلية تعاني من أزمة تحكيم حقيقية من شأنها التأثير سلباً على قوة المنافسة في البطولات المحلية التي باتت مهددة بغياب الجماهير عن الملاعب وابتعاد رجال الأعمال والأثرياء عن تقديم دعم مالي للأندية، تحت تأثير حال الاحباط التي صنعها ضعف مستوى الحكام في المباريات الحاسمة، خصوصاً ان الهفوات التحكيمية في المواسم الأخيرة سلبت الفوز في أكثر من مناسبة ومنحته الى الفريق الذي لا يستحقه. ويرى المنتقدون لمستوى الحكام ان نهج الاتحاد في التستر على تقصير الحكام ورفض الاعتراف بالأخطاء الفاضحة التي يرتكبونها في المباريات ساهم في تردي اداء الحكام، فباتوا لا يكترثون للعقوبات السرية التي يفرضها الاتحاد من دون علم الشارع الرياضي، وتقف العقوبات المفروضة عند الحسومات المالية والانذار والايقاف لفترة محدودة ما يجعلها عقوبات يسيرة قياساً الى اعلانها للشارع الرياضي واظهار تقصير الحكم. ويميل الكثيرون الى جدوى كشف اخطاء الحكام واعلان العقوبة، ويعتقدون انها خطوة مناسبة لحث الحكام على تطبيق قوانين اللعبة بحذافيرها والابتعاد عن اصدار قرارات عاطفية تجنباً للوقوع في هفوات تعرضهم للجزاء وتنال من سمعتهم. ويرى هؤلاء ان تبرير أخطاء الحكام ومحاولة اثبات صحتها من قبل اتحاد اللعبة سبب ضرراً جسيماً للحكام الذين باتوا يتساهلون في المباريات المحلية بخلاف المباريات الدولية التي يتميزون في قيادتها ويجتهدون في الابتعاد عن الأخطاء التي تعرضهم لعقاب علني من الاتحادات القارية أو الاتحاد الدولي يؤثر على سمعتهم. الشمّاعة وعلى رغم الانتقادات الواسعة ضد الحكام الا أنهم وجدوا من يدافع عنهم ويلقي باللائمة على رؤساء الأندية والصحافيين الذين يحاولون النيل من قدرات الحكام والتأثير عليهم من خلال التصريحات والتعليقات التي صنعت أجواء غير ملائمة لظهور الحكام بمستواهم الحقيقي. ويؤكد المدافعون عن أصحاب الصافرة ان الانتقادات الموجهة ضد الحكام باتت موضة يحرص عليها الفريق الخاسر لحفظ ماء الوجه أمام أنصاره، وان لا وجود لأخطاء جسيمة ارتكبها الحكام بالطريقة التي صوّرها اصحاب الانتقادات. وينفي هؤلاء تهمة تعمّد الحكام اصدار قرارات لمصلحة فريق ضد آخر تبعاً لميولهم الخاصة، وذكّروا بأن اخطاء الحكام ظاهرة مألوفة في ملاعب كرة القدم المحلية والعالمية، وليست سابقة سعودية. واعتبروا ان من غير العدل البحث عن الحكم وتصيّد الأخطاء التي يصعب مشاهدة مباراة في كرة القدم من دون وقوعها.