اعتبر الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في بيان أمس الخميس ان الحكم الذي صدر في شأن اعتداء لوكربي "سياسي وليس قانونياً". واعلن ان لديه "حقائق سيكشفها" الاثنين المقبل وتؤكد براءة الليبي عبد الباسط المقرحي من تفجير طائرة ال "بان أميركان" سنة 1988. وأكد ان "ضغوطاً مورست من الولاياتالمتحدةوبريطانيا على القضاة الذين اصدروا الحكم ... كان أمام القضاة ثلاثة خيارات: قول الحقيقة أو الاستقالة أو الانتحار". وقال القذافي خلال استقباله في ثكنة باب العزيزية أمس الأمين خليفة فحيمة الذي عاد الى طرابلس بعدما برّأته محكمة كامب زايست من تهمة تفجير الطائرة الأميركية، ان عقوبات مجلس الأمن على بلاده يجب ان تُرفع. وسُئل عن موضوع التعويضات التي تطلبها واشنطنولندن، فأجاب: "يجب ان لا تنسوا مجزرة 1986 الغارات الأميركية على طرابلس وبنغازي. ماذا تقول المحاكم عن أولئك الضحايا؟ ... هل هم بشر أم قطعان ماشية؟". وسبق موقف القذافي تأكيد ليبي بالرغبة في "فتح صفحة جديدة" مع الغرب، في ضوء الحكم الذي أصدرته محكمة كامب زايست أول من أمس بإدانة المقرحي وتبرئة فحيمة. وأعلنت أنها مستعدة بالفعل لدفع تعويض لذوي الضحايا ال 270، وهو أمر شددت واشنطنولندن على ضرورة حصوله قبل رفع عقوبات مجلس الأمن. وأضاف الرئيس السابق لجنوب افريقيا نلسون مانديلا الذي لعبت بلاده مع المملكة العربية السعودية دوراً في ترتيب تسليم المتهمين الليبيين الى هولندا، صوته أمس الى أصوات المنادين برفع العقوبات عن طرابلس. وقال ان على واشنطنولندن ان تتراجعا عن رفضهما رفع العقوبات التي كان مجلس الأمن "علّقها" بُعيد تسليم المقرحي وفحيمة في نيسان ابريل 1999. وردت حكومة توني بلير على مطالب شعبية وإعلامية بمحاكمة "المسؤولين الليبيين" الذين "أمروا" المقرحي بتفجير الطائرة الأميركية، قائلة أن لا دليل لديها يسمح بمحاكمة متهمين جدد. وعلى رغم ان السلطات أبقت الباب مفتوحاً أمام احتمال بدء ملاحقات جديدة على أساس ان "المقرحي لم يعمل بمفرده"، إلا ان المدعي العام الاسكتلندي كولين بويد - الذي قاد فريق المدعين في كامب زايست - اعتبر أمام البرلمان الاسكتلندي ان حصول ملاحقات جديدة مُستبعد. وأكد السفير الليبي الجديد في لندن السيد محمد أبو القاسم الزوي في مقابلة مع "الحياة" استعداد بلاده لدفع تعويضات لذوي ضحايا لوكربي. وقال ان بلاده كانت تعهّدت للأمم المتحدة ان تدفع تعويضات في حال دانها القضاء بتفجير الطائرة. وأوضح ان المقرحي "دانته محكمة جنايات، والحكم ليس نهائياً. عندما يُصبح نهائياً وتؤكده محكمة النقض، يستطيع أهالي الضحايا ان يطلبوا تعويضات أمام المحاكم المدنية، مثلما حصل مع قضية طائرة ال "يوتا" الفرنسية. الخلاف مع البريطانيين والأميركيين أنهم يقولون ان علينا الآن ان ندفع التعويضات. كأننا نحمل صناديق أموال! التعويض يأتي لاحقاً، بعد تأكيد الحكم في محكمة النقض وتُحدد قيمته المحاكم المدنية". وقدّم الزوي نسخة من أوراق اعتماده الى الخارجية البريطانية ويُتوقع ان تستقبله الملكة اليزابيث الثانية في آذار مارس المقبل. وهو شدد على رغبة ليبيا في تحسين علاقاتها مع بريطانياوالولاياتالمتحدة. وقال ان "البريطانيين أبلغونا أنهم أيضاً يريدون تنمية العلاقات بمعزل عن قضية لوكربي. ونحن نرغب في ذلك، ونريد فتح صفحة جديدة في العلاقات مع لندنوواشنطن". واعتبر ان "لا مشاكل تعيق العلاقات مع بريطانيا. نحن تجاوبنا مع قرارات مجلس الأمن وقمنا بكل ما طُلب منا. البريطانيون يعرفون أننا أبدينا تعاوناً في قضية الجيش الجمهوري الايرلندي والشرطية ايفون فلتشر ولوكربي". وفي نيويورك، أكد سفير بريطانيا لدى الأممالمتحدة السير جيرومي غرينستاك ان على الحكومة الليبية أن "تقبل مسؤوليتها عن أعمال أحد المسؤولين فيها المقرحي". ودعا في تصريح الى "الحياة" الى "التعاطي مع هذا الأمر بهدوء. فالمسألة ستستغرق وقتاً". وأكد ان على الليبيين "ان يدفعوا التعويضات التي ستقرها المحاكم المدنية". وقال ان "الخطوة التالية ستتمثل باجراء محادثات بين وزيري الخارجية البريطاني روبن كوك والأميركي كولن باول في واشنطن في 5 شباط فبراير، تليها محادثات خاصة مع الليبيين عندما يحين الوقت" ربما بعد اسبوعين. أما المندوب الليبي لدى الأممالمتحدة السفير أبو زيد دوردة فقال ل "الحياة": "فوجئنا جداً ببروز مطالب ليست لها أي أسس في قرارات المجلس بل تناقض تماماً الاتفاقات التي تم التوصل اليها مع بريطانياوالولاياتالمتحدة بما يُعد رجوعاً عن التعهدات الرسمية". وأضاف: "لم يسبق في التاريخ ان تحمّلت دولة مسؤولية تصرف أحد مواطنيها ... هل تحملت ولاية أوكلاهوما مسؤولية ما قام به ماكفاي" الذي نفذ عملية تفجير المبنى الاتحادي في اوكلاهوما. وقال دورده ان "ليبيا ليست متهمة في الحادث لوكربي وهي غير مسؤولة عنه". وقال ان الاتهامات وُجّهت الى "شخصين" وليس الى الدولة الليبية. وأوضح ان ان الاجتماع الذي حصل قبل اسبوعين بينه وبين غرينستاك والقائم بأعمال البعثة الأميركية السفير جيمس كننغهام "كان هدفه التحضير لاجتماعات ستجري بعد اعلان الحكم بهدف رفع العقوبات ... نحن الآن ننتظر منهم أن يشرحوا ماذا يريدون". وشدد على ان إدانة المقرحي ليست نهائية وتنتظر رأي محكمة الاستئناف. وشدد المستشار القانوني للأمم المتحدة، القاضي السابق هانز كوريل، في تصريحات الى "الحياة"، على ان ما قيل عن "صفقة" بين الأمين العام للأمم المتحدة والحكومة الليبية "لا أساس له من الصحة". وقال: "ان ما فعله الأمين العام هو انه نقل المعلومات التي تلقاها من الأطراف المعنية"، في اشارة الى رسالة كوفي انان الى الحكومة الليبية. وتابع: "ليس هناك أية صفقات أبرمها الأمين العام". وأضاف: "واضح ان المحكمة حاكمت رجلين، وليس الحكومة الليبية ... الأمر عائد الى المعنيين الآن للتوصل الى الاستنتاجات المترتبة على الحكم". وشدد على أن "مسألة رفع العقوبات تعود حصراً الى مجلس الأمن"، وقال ان رئيس المجلس للشهر الجاري سفير تونس السفير سعيد بن مصطفى "كان حكيماً عندما قال ان الحكومات المعنية يجب أن تفكر مليئاً" بالموضوع. واستبعدت مصادر مطلعة عرض موضوع رفع العقوبات عن ليبيا أمام مجلس الأمن في غضون الاسبوعين المقبلين. ووضع أمس الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرد ايكهارت، مسافة بين كوفي انان والملف الليبي. وقال، تعليقاً على توجه الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد الى نيويورك، ان انان يرحب بالاجتماع بمن يريد ان يبحث معه الأمر "لكن الطرف المعني بالملف هو اساساً مجلس الأمن".