منذ الآن، تتنافس جهات الانتاج العامة والخاصة في مصر على التعاقد مع كبار النجوم للقيام ببطولة الأعمال التلفزيونية التي ستصور خلال العام الجاري. واللافت في هذا التنافس ان هذه الجهات تبدو غير مبالية بالأجور العالية لهؤلاء النجوم، والتي تلتهم في كثير من الأحيان أكثر من نصف موازنة العمل، في حين يُصرف النصف الآخر على بقية الممثلين والمخرج ومساعديه والعناصر الفنية. وأصبح التنافس بين شركات الانتاج على من لديه المقدرة على التعاقد مع نجم قبل الآخر. وزاد من حماه ان نجوماً كثيرين عادوا الى التلفزيون خلال العام الماضي، أبرزهم فاتن حمامة ويسرا ومحمود ياسين وميرفت أمين. وأبرز من تم التعاقد معهم حتى الآن محمود عبدالعزيز وإلهام شاهين للقيام ببطولة مسلسل "الكومي" من تأليف خيري شلبي واخراج محمد راضي في أول تجربة تلفزيونية له. ورشحت ليلى علوي، وتعاقدت شريهان على بطولة مسلسل "وحلقت الطيور نحو الشرق" أمام حسين فهمي عن قصة من قصص الجاسوسية، من تأليف اللواء عز الدين مختار واخراج علي عبدالخالق. ورشحت غير نجمة الى بطولة مسلسل "البر الغربي"، من تأليف محمد جلال عبدالقوي واخراج هاني لاشين. واستقر الأمر على رغدة لتؤدي دور البطولة أمام ممدوح عبدالعليم وسناء جميل. في حين ستعود صابرين بعد غياب في مسلسل "عدّى النهار" من تأليف محمد صفا عامر واخراج مجدي أبو عميرة. ويعود محمود مرسي من خلال مسلسل "فكرة" عن قصة مصطفى أمين وسيناريو وحوار لهشام أبو سعدة، واخراج ابراهيم الشوادي. ويصور يحيى الفخراني راهناً دوره في مسلسل "العدالة" أمام دلال عبدالعزيز، من تأليف مجدي صابر، واخراج محمد فاضل. وتسعى غير شركة الى التعاقد مع ليلى علوي وآثار الحكيم وفاروق الفيشاوي للمشاركة في أعمال ما زالت في علم الغيب. عن هذه الظاهرة، يقول المؤلف علي عبدالقوي الغلبان ل"الحياة": "يجب ألا نغفل ان معظم المسلسلات يباع باسم النجم، والشق التجاري أصبح أعلى من الفني والموازنة تُحدد تبعاً للأسماء سواء أكانت أسماء ممثلين أو فنيين ومسألة النجم قد تستشري الآن، عاماً أو أكثر، بسبب ضغط الأعمال، ولكن في النهاية لن يصح إلا الصحيح. ونحن ليست لدينا محطات لتفريخ نجوم جدد لأن ذلك في حاجة الى مخاطر لن يقوم بها غير الدولة، وبما ان رأس المال الخاص جبان. ويضيف الغلبان: "مشكلتنا الكبرى ان ليس لدينا نسق عام موحد. فمقاييس الفن والرقابة والاداء مختلفة على رغم انها تخضع لإطار واحد، لأن المتلقي في النهاية واحد ومن المفترض توحيد الجرعة". التلاؤم الضروري ويقول الممثل أحمد عبدالوارث: "مهم أن يحضر أحد النجوم في كل عمل شرط أن يكون ملائماً للشخصية، وأعتقد ان مسألة البيع في التلفزيون تختلف كثيراً عنها في السينما. فالمطلوب في السينما نجم الشباك الذي يذهب الجمهور من أجله الى دور العرض، أما في التلفزيون فليس في الضرورة أن يكون نجم شباك، ولكن من الذين يعرفهم الجمهور وشاهد لهم أعمالاً من قبل". ويضيف عبدالوارث: "مسألة البيع، وإن كانت تركز على الأسماء، تتدخل فيها ايضاً جودة العمل. وقد يغالي النجم في أجره، الأمر الذي يترتب عليه وقوع ظلم على بقية عناصر العمل. ومرد ذلك الى غياب صناعة النجم في مصر، وهي ملتصقة التصاقاً وثيقاً بصناعة السينما. ففي الستينات عندما كان يوجد رمسيس نجيب وآسيا داغر كصانعي نجوم، الى جانب هيئة صناعة السينما، كان ثمة نجوم تقترب أعمارهم من الثلاثين، في حين كان تعداد سكاننا أقل بكثير من الآن، ومع ذلك تضاءل عدد النجوم الى أصابع اليد الواحدة الآن. ثم ان المنتج أصبح أضعف من أن يغامر بوجوه أو فكرة جديدة لأنه يريد ضمان أمواله". أما المؤلف مدحت عبدالقادر فيقول: "النجوم هم الممسكون بعصا الانتاج سواء في الفيديو أو في السينما. إذ تبقى الكلمة الأولى والأخيرة للنجم الذي يفرض شروطه المادية، لأنها قد تبتلع ثلثي موازنة العمل، الى جانب فرضه أسماء ممثلين بعينهم. وقد يطلب تغيير المخرج. وفي المقابل أصبح المنتج يسعى الى ارضائه ولو جاء ذلك على حساب النص أو الممثلين الآخرين أو الانتاج أو أي شيء آخر. ومن وجهة نظري، هذه آفة تهدد الفن المصري وتمثل بداية انهيار له لأن الهرم قلب. فبعدما كان النجم قديماً يختار الموضوع أولاً، أصبح يختار المنتج القادر على دفع الأجر الذي يريده. ويعاب على النجوم الأنانية المطلقة لأن ما يهم معظمهم الآن الظهور وحدهم دون غيرهم". ويضيف عبدالقادر: "أصبحت المسألة تحكم عنصر بكل العناصر، لا مسألة عناصر يكمل أحدهم الآخر. ولنا أن نتخيل حجم المأساة التي نعيشها. ففي الأعوام العشرين الأخيرة، لم يظهر من النجوم الرجال غير محمود حميدة وماجد المصري، ومن السيدات الراقصتان فيفي عبده ولوسي. والمنتج صاحب رأس المال "يلعب" على الحصان المضمون بغض النظر عما يقدمه". ويقول المنتج عبدالحميد داود: "لولا النجوم الكبار لما ظهر الشباب والنجوم الصغار، وأي عمل لا بد من أن يضم عدداً من النجوم الكبار حتى تمكن مشاهدته في شكل جيد، وكذلك تسويقه الى سائر الدول العربية، والدليل أن عملاً مثل "الرجل الآخر" الذي أدى بطولته نور الشريف وميرفت أمين، لم يكن ليحقق هذا النجاح لولا وجودهما. ثم ان وجودهما ساعد وجهين جديدين هما أحمد زاهر وحلا شيحا حتى يحصلا على فرصة كبيرة وينالا ثقة ويصبحا نجمين مطلوبين في أعمال تالية". ويضيف داود: "بالنسبة الى مسألة الأجور العالمية للنجوم، فإنها شبه محسومة إذ أن كل نجم يعرف جيداً حدود المسألة الانتاجية".