تميز "المنتدى العربي للاقتصاد الرقمي"، الذي عقد أخيراً في بيروت، بأنه لم ينته باصدار عشرات التوصيات الطنانة - كما ينتهي معظم المؤتمرات العربية - بل اكتفى بتوصية وحيدة هي تأكيد ضرورة متابعته من خلال عقد الخبراء اللبنانيين والسوريين لقاءات وورش عمل لتطوير التعاون في ما بينهم، وتحديد آلية عملية له، لأن إمكاناته واسعة جداً في هذا الميدان. ومن ناحية أخرى، بدت عبارة قالها وزير الإصلاح الإداري السوري حسان النوري خير ملخص لواقع التجارة الإلكترونية أو للواقع التكنولوجي في الدول العربية، إذ ذكر أن معظم الذين كانت لهم مداخلات خلال المنتدى أوردوا إحصاءات وأرقاماً عن التجارة عبر الإنترنت في دول أوروبية وأميركية، ولم يتحدثوا إلا قليلاً عن العالم العربي، لأننا لا نملك الكثير للحديث عنه، وتجربتنا تحتاج إلى تطوير في هذا الميدان. وتضمنت جلسات المؤتمر عرضاً لتجارب جمعيات سورية - أوروبية، ولبنانية - أوروبية، مع التأكيد أن هذا التعاون يشمل تأمين خدمات الإنترنت، واستيراد البرامج الجديدة. وفي ما يتعلق بتطور القطاع الرقمي في العالم العربي، كان تشديد على ما ورد في مؤتمرات سابقة، ومنها المؤتمر الذي عقدته منظمة "اسكوا" عن التجارة الرقمية، وهو أن العالم العربي يتطور في هذا الميدان، لكن وضعه لا يزال متخلفاً ويحتاج إلى التطور بوتيرة أسرع مما يحدث راهناً، خصوصاً أن القدرات البشرية متوافرة في عدد كبير من بلدانه. وطرح المتحدثون اللبنانيون، في هذا الإطار، المشكلة التي تعانيها الكفايات البشرية اللبنانية في مجال التكنولوجيا، إذ تجد فرص العمل الملائمة في أوروبا أو الولاياتالمتحدة الأميركية أو كندا، وتعجز السوق المحلية عن استيعابها، وهذه المشكلة ليست لبنانية فقط، إنما يعانيها ايضاً معظم دول العالم الثالث. الاهتمام بالطاقات البشرية قسم برنامج المنتدى الذي استمر ثلاثة أيام، محاضرات وورش عمل، وتضمن مناقشات للتطبيقات العملية في التسويق الإلكتروني، وتقويماً لدور البورصة التقليدية في مواجهة السوق الإلكترونية، والاستثمار في تكنولوجيا الاتصالات في لبنان وسورية، وتمويل الاقتصاد الإلكتروني في العالم العربي. وعرض ممثلون لمصارف لبنانية تجارب مؤسساتهم في ميدان التعامل المصرفي الإلكتروني، كذلك عرض تطور تكنولوجيا المعلومات في مصرف سورية المركزي. وفي مناقشة سبل تفعيل الاقتصاد الرقمي، أكد وزير الاتصالات اللبناني جان لوي قرداحي ضرورة الاهتمام بركيزتين، هما: تطوير العامل المدرك أو الطاقة البشرية والمستخدمين، والعناية بالسوق المتفاعلة. وشددت المداخلات التي اندرجت تحت هذا العنوان على تحرير قطاع الاتصالات السلكية كمدخل إلى المنافسة، ونوقشت أساليب التمويل الإلكتروني وعدم انتشارها في العالم العربي. وفي ما يتعلق بواقع أنظمة الدفع في عالم التجارة الإلكترونية ومستقبلها، تعدت المناقشات المسائل التقنية والتكنولوجية لتركز على التقرب من وجهات نظر الزبائن ومعرفة حاجاتهم.