مع تحقيق الحملة الاميركية العسكرية في افغانستان لأحد أبرز أهدافها بإسقاطها حركة "طالبان"، ينتشر الآن العشرات من جنود البحرية الاميركية مارينز في تلال تورا بورا شرق افغانستان مزودين صورا لأسامة بن لادن وقادة شبكة "القاعدة" للتعرف اليهم. وتواصلت في هذه المنطقة العمليات العسكرية التي شاركت فيها قاذفات "بي 52" الثقيلة. وفي حين اكد قادة القبائل ان زعماء "القاعدة" موجودون في التلال المستهدفة، ذكر مصدر افغاني ل"الحياة" ان الثلوج المتساقطة ربما تكون أشد فتكاً بالفارين من القصف الأميركي. وتحسباً لاحتمالات فرار بن لادن او زعيم طالبان الملا محمد عمر الى خارج افغانستان شددت السلطات الباكستانية اجراءاتها الأمنية على الحدود بين البلدين وعززتها بالمروحيات، خصوصاً ان عمليات الملاحقة مرشحة لأن تطول بحسب ما أعلن الرئيس جورج بوش الذي رفض أي هدنة أو معاهدة مع شبكة "القاعدة"، مشدداً على ضرورة تحقيق النصر الكامل. تورا بورا، معسكر رينو أفغانستان، إسلام آباد، قاعدة نورفولك البحرية فرجينيا - "الحياة"، أ ب، رويترز، أ ف ب - يركز أفراد مشاة البحرية الاميركية المارينز اهتمامهم في الوقت الراهن على شبكة "القاعدة" بزعامة اسامة بن لادن، وذلك في أعقاب تسليم حركة "طالبان" مدينة قندهار. وقال الكابتن ستيوارت اوبتون من مشاة البحرية: "ما زلنا نبحث عن ارهابيين محددين، خصوصا في القاعدة". وأضاف: "ليس من الضروري ان نبحث عن جنود طالبان". وذكر ان الرتباء من المارينز يحملون صوراً لأعضاء بارزين في "القاعدة". لكنه لم يكشف اسماء اصحاب الصور. ويراقب مشاة البحرية الذين يتنقلون بمروحيات وعربات عسكرية وعلى اقدامهم منذ يومين كل الاماكن الممكنة للهرب من منطقة قندهار. لكنهم يتوقعون مشكلات من "القاعدة" اكثر من حركة "طالبان". ومضى الضابط يقول: "نأمل بأن يدرك مقاتلو طالبان ان الحرب انتهت ويلقون اسلحتهم ويسيرون في طريقهم السعيد. ونحن نعرف ان القاعدة تريد القتال حتى الموت ونحن سعداء بمساعدتهم في تحقيق غايتهم". وذكر الضابط ان هناك بعض المدنيين يغادرون قندهار لكن تدفقهم "ضعيف". معارك تورا بورا وقصفت قاذفة "بي - 52" اميركية بعنف مواقع "القاعدة" في منطقة تورا بورا الجبلية شرق افغانستان. وحلقت الطائرة طويلاً في اجواء المنطقة قبل إلقاء مجموعة من القنابل. وتصاعدت سحب الدخان والغبار في السماء فوق جبل ميلاوا في تورا بورا. ونفذت مقاتلات اميركية من طراز "اف-16" و"اف-18" ليل أول من أمس غارات جوية منتظمة. وبقي خط الجبهة صباح أمس على حاله مقارنة مع أول من أمس عندما تصدى مقاتلو القاعدة لمحاولة خصومهم الافغان التقدم. وفي وقت سابق اعلن القائد حضرة علي الذي تتواجه قواته مع القاعدة في تورا بورا ان "اسامة بن لادن موجود على الارجح هناك". وكان حضرة علي موجوداً عند الساعة السابعة بالتوقيت المحلي 30،2 توقيت غرينتش على تلة قبالة جبل تورا بورا في سلسلة الجبال البيضاء سبين غار، حوالى 30 كيلومتراً جنوب جلال اباد، عاصمة ولاية نانغرهار. واعلن حضرة علي ان العمليات المرفقة بقصف جوي عنيف ستتكثف. وقال: "مجاهدونا يرغبون بالقتال نظن اننا سنأمر اليوم أمس او غداً اليوم بشن هجوم كثيف على المتطرفين. وسيستسلم عندها المتطرفون". وشنت قوات حضرة علي الاربعاء الماضي هجوماً على تنظيم "القاعدة" بالاشتراك مع قوات القائد العسكري للولاية القائد حاج محمد زمان وقوات حاج ظاهر نجل حاكم المنطقة الحاج عبدالقادر. وحضرة علي هو نظرياً قائد الشرطة لكن لديه القوات المسلحة الاقوى في المنطقة. واتى فجر أمس الى جلال اباد للتشاور مع قائديه المحليين في هذه المنطقة الاستراتيجية. واوضح "قبل ثلاثة ايام اسرنا شخصاً قال لنا ان اسامة يقيم هنا وانه انتقل الى قمة الجبل. اظن انه على الارجح هنا". ويمضي قائلاً: "نأمل بأن نقبض عليه قريباً". وقال ان قتيلين او ثلاثة قتلى سقطوا في صفوف قواته في اليومين الاخيرين في حين قتل 28 شخصاً من تنظيم "القاعدة". وأكد ان قواته تملك ما يكفي من الاسلحة والذخائر، موضحاً: "لدينا كل الذخائر التي ضبطناها من حركة طالبان. لدينا ما يكفي من الاسلحة لمحاربة الارهابيين". بن لادن والثلج الا ان مسؤولاً افغانياً رفيع المستوى لمح الى صعوبة تمكن القوات الاميركية من قتل أو اعتقال بن لادن على الأقل في الوقت الحاضر. وذكر المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه في اتصال هاتفي اجرته معه "الحياة" في جلال آباد ان منطقة تورا بورا من المناطق الشديدة الوعورة مما يصعب أي عملية عسكرية ضد المتمركزين فيها حتى ولو استمر القصف عليها 24 ساعة، مثلما هو حاصل الآن، الا ان الوضع اكثر صعوبة مما يبدو. وأضاف ان هناك مجموعة كبيرة تتحصن مع بن لادن في تلك المنطقة منهم شيشان وأفغان وعرب لم يتمكنوا من العودة، او بمعنى أصح لم يعطوا خيارات للنجاة بأنفسهم. وأوضح المصدر ان عدداً من المقاتلين اصطحبوا عائلاتهم معهم الى تلك المناطق الوعرة، وقدر عددهم بنحو 100 عائلة يتحصنون بالجبال والكهوف. وعن المواد الغذائية ذكر بأن هناك مؤونة تكفي الموجودين مع بن لادن حتى سنة ونصف السنة، وعلق بقوله: "لا أعتقد بان بن لادن يخشى في الوقت الحاضر الأميركان او الجوع، وإنما يخشى بشكل أكبر الثلوج التي بدأت تتساقط على المنطقة والتي قد تكون أشد فتكاً من القنابل الأميركية التي يتم إلقاؤها على مدار الساعة". أميركا تزأر ومع الانتهاء عسكرياً من "طالبان"، احتفل الرئيس جورج بوش أول من أمس بالانتصار قائلاً: "اليوم لا يسيطرون طالبان الا على بضعة كهوف". وأضاف بوش اثناء زيارته لحاملة الطائرات الاميركية "يو اس اس انتربرايز" في ذكرى الهجوم على بيرل هاربور في السابع من كانون الاول ديسمبر عام 1941، "ان يوم 11 سبتمبر 2001 سيبقي في الاذهان باعتباره تاريخاً ملطخاً بالعار". وقال بوش "انهم يحتفلون بالموت عندما يؤدون مهمة قتل ويجعلون الانتحار عملاً مقدساً. ولسبب ما لا يتم الدفع سوى بالاتباع الصغار فقط، للسير في هذا الطريق المهلك الى الجنة بينما يهرع الزعماء الارهابيين الى الكهوف لانقاذ انفسهم". وأضاف انه منذ وقت ليس ببعيد وصف زعماء القاعدة اميركا بانها نمر من ورق، وذلك قبل ان يزأر النمر". وتعهد بوش عدم استرضاء القاعدة. وقال: "يجب ان يهزموا. هذا النضال لن ينتهي بهدنة او بمعاهدة. سينتهي بالنصر للولايات المتحدة ولأصدقائنا ولقضية الحرية". واعتبر وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد من جهته، في مقابلة نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" أمس ان الحرب التي تخوضها الولاياتالمتحدة في افغانستان لا تزال طويلة على رغم سقوط قندهار، وان الوضع لا يزال "خطيراً" وتسوده الفوضى. وأضاف ان استسلام قسم فقط من مقاتلي طالبان في قندهار يثير مخاطر اندلاع مواجهات جديدة، لكنه عبر عن ثقته لواقع ان القوات الاميركية وقوات المعارضة الافغانية ستكون اكثر يقظة، مما كانت في مزار الشريف حين حصل تمرد اسرى طالبان قبل اسبوعين وأوقع مئات القتلى بينهم عنصر من وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي. آي. أيه..