تمر المرأة في منتصف العمر بتغيرات فيزيولوجية يصحبها قلق وتوترات وانفعالات واكتئاب، اضافة الى ضعف الرغبة الجنسية لدى بعضهن، لذا تُقبل بعض السيدات من ذوات المداخيل المرتفعة على عمليات التجميل، وهناك عدد منهن يلجأن الى الهورمونات التعويضية لتفادي أعراض سن اليأس. استطلعت "الحياة" آراء عدد من السيدات والأطباء المتخصصين في أمراض النساء والتوليد، بعضهم أكد أهمية دور الأسرة والزوج في تغيير الحال النفسية لدى السيدات والبعض الآخر أكد أن المرأة المثقفة تشعر دائماً انها متجددة بمعرفتها الجديدة، ويمكن لمرحلة سن اليأس أن تكون بداية مرحلة سعيدة في حياتها. قالت نادية برسوم 39 عاماً، موظفة ومتزوجة ولديها صبي وبنت: "ان الحال النفسية والجنسية في هذه المرحلة تحكمها تغيرات هورمونية، ومن المعروف أن هورمون الاستروجين هو المؤثر على الحال المزاجية للمرأة، فعندما يقل هذا الهورمون في مرحلة سن اليأس تقل الرغبة الجنسية لشعورها بنوع من النقص لأنها غير قادرة على العطاء الجنسي، لذا يجب أن نعرف أن كل مرحلة من حياتنا لها اهتماماتها الخاصة واحتياجاتها، فالعلاقة الزوجية تحتاج الى تفهم من الزوج والأسرة للسيدة في هذه المرحلة، وكلما كانت العلاقة مبنية على الحب والتفاهم يتم اجتياز هذه المرحلة بسلام، ولكن اذا كان كل ما يرجوه الرجل من زوجته علاقة جنسية فقط فالأمور تهتز في مرحلة ما بعد الأربعين، واذا وضعت المرأة في ذهنها أنها بدأت تفقد شيئاً من انوثتها فينعكس هذا سلباً على علاقاتها الاجتماعية وعلى ابنائها". وأضافت برسوم "ان الموروثات الثقافية لها دور مهم في تشكيل هذا الشعور، فإطلاق كلمة "سن اليأس" على هذه المرحلة يصيب المرأة بتوترات نفسية، ولكن تصحيح "سن اليأس" كما يقال حالياً ب"ما بعد القدرة على الإنجاب" افضل". وقالت ميرفت جورج 40 عاماً، مدرّسة، متزوجة لديها ثلاثة اولاد في مراحل عمرية مختلفة: "في هذه المرحلة يراودني للحظات شعور بأنني اصبحت سيدة مسنّة، مع ان شكلي لا يعطيني هذا السن وأعود بسرعة الى صوابي، وأؤكد لنفسي انني ما زلت شابة يافعة، لأنني قادرة على العطاء. أهتم دائماً بمظهري الخارجي وكذلك اعتاد على القيام ببعض التمرينات الرياضية التي تكسبني نشاطاً وحيوية وتلعب دوراً مهماً في تغيير حالي النفسية، ومع أنني أمرّ بمرحلة اوائل الأربعينات لكن زوجي يشعرني دائماً بأنني في العشرينات، لذا أجتهد لأكون انيقة وجميلة، ولكن هناك حدود لا أحاول ان اتخطاها بالنسبة الى محيط العمل. وفي المحيط العام أسرف في اناقتي بارتداء القصير والمزركش، أما بالنسبة الى اولادي فدائماً يشعرونني بأنني صديقة لهم وكل هذه العوامل تجعلني اكثر شباباً". وتقول نعمة توفيق 40 عاماً، موظفة ولديها صبي: "أشعر بضيق عندما يذكّرني أحد بأنني في مرحلة الأربعينات مع انني اصبحت اكثر معرفة بالدنيا وأمورها. فذكاء المرأة في هذه المرحلة يجعلها متجددة لعدم الوصول الى حياة نمطية تؤدي الى الملل، وأحاول دائماً القراءة لزيادة معلوماتي". وأضافت "ان العقل والقلب هما الأساس في الشعور بالشباب. فالمرأة الكثيرة الاطلاع تشعر دائماً بأنها متجددة، اضافة الى العلاقات الاجتماعية الواسعة المبنية على العطاء ومساعدة الآخرين من خلال تقديم بعض الخدمات. فكل هذه الامور تجعلني دائماً نابضة بالحيوية". وتقول نشوى أحمد 45 عاماً، ربة منزل متزوجة ولديها ولدان: "في هذه المرحلة اشعر بتغيرات نفسية وجسمانية، وبين الحين والآخر يراودني شعور بالاحباط والاكتئاب، ولمقاومة هذا الشعور بدأت باستخدام المستحضرات التي تحتوي على الهورمونات للحفاظ على شباب البشرة وحيويتها، ولكن النسبة التي تحتوي عليها المستحضرات لا تكفي لتغيير طبقة اي بشرة بل تؤثر على موازنة اسرتي". وأكدت انها لجأت الى هذه المستحضرات لأن زوجها يشعرها دائماً بأنها ليست شابة. وقال الاختصاصي في امراض النساء والتوليد الدكتور سعيد عبدالعظيم ل"الحياة": "انه يمكن التخفيف من حدة الاكتئاب المصاحب لهذه المرحلة عن طريق تفهم الزوج ومساندة جميع افراد الاسرة، لذا يجب مناقشة القلق مع طبيب الاسرة، وأكثر الأطباء ينصحون باستعمال الاستروجين للتخفيف من حدة اعراض المرحلة، ولكن في بعض الحالات ينصح باستخدام الهورمونات. ففي هذه المرحلة يصاب الاتزان الهورموني بالاضطراب، فالهورمونات التي يفرزها المبيضان تقلّ في شكل ملحوظ، وقد وجد أن هناك علاقة قوية بين مستوى الاستروجين في الدم والهورمون الذي تفرزه الغدة النخاعية في المخ وأي اضطرابات تؤثر على هذا التوازن الهورموني الذي يتسبب في ظهور اعراض سن اليأس". ولفت عبدالعظيم الى "وجود اعتقاد سائد بين السيدات في هذه المرحلة بأنهن يفقدن جاذبيتهن وانوثتهن، ولكن كل هذا هراء. وفي الواقع ان الكثير من السيدات يتخلصن من الخوف من حدوث الحمل ومتاعب الدورة الشهرية، ويمكن لمرحلة "سن اليأس" أن تكون بداية مرحلة سعيدة في حياة المرأة". واشار الى "ان استخدام الهورمونات في هذه المرحلة اثار جدلاً واسعاً. بعضهم يؤيد والآخر يعارض في شدة، ولكن هناك استقرار على مزايا استعمالها، مع الاخذ في الاعتبار ان الهورمونات لا تصلح لكل الحالات، لذا يجب فحص كل سيدة بدقة قبل اتخاذ القرار للتخفيف من حدة الشعور بالسخونة المصاحبة لسن اليأس". وقال "ان السيدات اللواتي يستعملن الهورمونات لا تظهر عليهن اعراض الشيخوخة سريعاً مثلما يحدث في حال السيدات اللواتي لا يعالجن بالهورمونات". وقال استشاري امراض النساء والتوليد الدكتور سمير عبدالعزيز ل"الحياة" "ان الكثير من السيدات بعد سن الخامسة والثلاثين يشعرن بالقلق تجاه سن اليأس، سواء عبّرن عن هذا القلق أم لم يعبّرن، وهذا القلق ينبع من المعتقدات الخاطئة التي توارثنها من جيل لآخر عن هذه المرحلة من عمر المرأة، وسن اليأس تعني تلك المرحلة التي يبدأ فيها حصول الدورة الشهرية يقل تدريجاً حتى تنقطع تماماً. أما سن انقطاع الطمث فيختلف من سيدة لأخرى ومن منطقة لأخرى، فهناك حالات بدأت فيها سن اليأس في الثلاثين وحالات اخرى تعدت الخمسين ويصحب هذه المرحلة الشعور بالإجهاد، وكلها اعراض تؤثر على استقرار السيدة النفسي. وتزداد هذه الحال خطورة حينما تعتقد المرأة انها فقدت جاذبيتها وأنوثتها، وتنتهي هذه الاعراض عند الاضطراب الموقت او نقص الهورمونات التي يفرزها المبيضان والغدد الصماء الاخرى، ويُستخدم الآن هورمون الاستروجين، وهو هورمون الانوثة، في شكل كبير للتخفيف من حدة هذه الاعراض، ومن الأعراض الشائعة في هذه المرحلة الشكوى من التوتر وعدم النوم، وتساقط الدموع من دون سبب، اضافة الى الاعراض العضوية مثل زيادة العرق والسخونة ومشكلات المسالك البولية والمثانة وهشاشة العظام، الى جانب ضعف الرغبة الجنسية لدى بعض السيدات، وإن لم تقل هذه الرغبة لدى البعض منهن فهن لا يستمتعن جنسياً، لذا تقبل بعض السيدات من ذوات المداخيل المرتفعة والمذيعات والفنانات على عمليات التجميل وشفط الدهون والاسراف في الكريمات المغذية للجلد، وهناك عدد من السيدات يُقبلن على الهورمونات التعويضية لتفادي اعراض الشيخوخة.