} عندما بدأ رجال الاتحاد القطري لكرة المضرب في وضع الترتيبات الاخيرة لاستضافة النسخة العاشرة من بطولة قطر الدولية، أطلت تفجيرات نيويوركوواشنطن برأسها وبات الحادي عشر من أيلول سبتمبر... "بعبعاً" يخشاه الجميع، والرياضة طبعاً لم تكن في يوم من الايام بمنأى عما يدور من حولها. وكان العنوان الرئيس للقطريين خلال ترتيبات استضافة الدورة: "نجاح التنظيم مضمون، وتبقى المخاوف الأمنية الهاجس الاكبر... والواقع أنه سرعان ما تلاشت هذه المخاوف لأن إقبال الابطال على المشاركة في هذه الدورة لم يتأثر، بل لم يجد الكثر منهم مكاناً ليكونوا ضمن ال32 لاعبًا المؤهلين لخوض منافسات الادوار النهائية في الدوحة بدءًا من اليوم. حظيت بطولة قطر الدولية لكرة المضرب ومنذ نسختها الاولى التي انطلقت قبل عشر سنوات باهتمام كبير من قبل نجوم اللعبة الذين أبدوا اهتمامًا بالمشاركة فيها دائمًا، لكن الإعداد للنسخة الحالية تطلب جهدًا مضاعفًا من قبل رجال اتحاد اللعبة برئاسة علي الفردان... والسبب أن أحداث "الثلثاء الاسود" وما تلاها من توترٍ خيّم على العالم بأكمله شكلت هاجسًا مخيفًا لدى المنظمين. وأطلّت المخاوف الأمنية برأسها، واعتقد بعضهم أن استضافة هذا الحدث السنوي مهددٌ بالإلغاء شأنه شأن مسابقات كثيرة كان من المفترض إقامتها في منطقة الشرق الأوسط لم يكتب لولادتها النجاح. فمن الصعب جدًا أن تخلع الرياضة ثوب السياسة، ومن المستحيل أن تبقى بمنأى عما يدور من حولها من تحركات عسكرية أو ديبلوماسية. ومنذ أن اندلعت شرارة الحرب الأولى في القرن الجديد من خلال الهجمات الانتحارية على مركز التجارة العالمي في نيويورك ومقر وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون في واشنطن، ومن بعدها المعارك في أفغانستان... والرياضة تعاني الامرّين. وألغيت فعلاً الكثير من المنافسات الرياضية في منطقة الشرق الاوسط تحديدًا، ومن بينها، على سبيل المثال لا الحصر، الجولة السابعة من بطولة العالم لسباق الزوارق السريعة في لبنان، ودورة ألعاب غرب آسيا في الكويت، وبطولة العالم للرماية في قطر وغيرها... وعندما جاء الدور على بطولة قطر الدولية لكرة المضرب لم يستسلم رجال الاتحاد ل"سلطان الخوف"، بل سعوا في مناكب الأرض للاتصال باللاعبين والتأكيد على "نعمة" الأمن والأمان ليس فقط في بلادهم وإنما في الوطن العربي بكامله. ولأن هذه الجهود تكلّلت بالنجاح وبتقدير امتياز، تحتفل قطر اليوم على ملاعب "مجمع خليفة الدولي للتنس والاسكواش" في الدوحة بافتتاح النسخة العاشرة من بطولتها الدولية وبمشاركة نخبة كبيرة من نجوم اللعبة العالميين والعرب، الى جانب الآلاف من محبِّي اللعبة الذين حضروا الى الدوحة خصيصاً لمتابعة هذا الحدث المهم. وبعيدًا من هموم السياسة وويلات الحروب، يتنافس 32 لاعباً على كأس أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وعلى مدى الأيام المقبلة، سنشهد مباريات تنافسية من الطراز الأول بفضل التكافوء والندية اللذين سيكونان من أهم سمات البطولة نظرًا إلى تقارب المستويات الفنية للاعبين المشاركين... وسيعمل كلٌّ منهم على كسب ودّ هذه الكأس الغالية، لكن... من ستختار العروس من بين خطابها؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه بشدة على الاجواء المحيطة بالدورة، والأكيد أن كل شيء وارد... لكن الأكيد أيضًا أن خانة التوقعات لا تتسع للجميع وفي النهاية سيكون هناك زوجٌ واحدٌ لهذه الجميلة. ربما يرى بعضهم أن نظرةً واحدةً على أسماء المشاركين، خصوصًا هؤلاء المصنفين الثمانية الاوائل، قد تكون كافية لتحديد هوية المتنافسين، لكن من يقدر على انتزاع اللقب... فإن الأمر يبقى مرهونًا بعدم السماح لغير المصنّفين بتسجيل مفاجآت من العيار الثقيل، وإن كان من المأمول أن يفرض تقارب المستويات نفسه وأن تبقى الحال النفسية والذهنية أثناء المباريات من بين أهم العوامل المحددة للنتائج. وسيشهد الدور الأول 16 مباراةً يلعب في أبرزها المصنف أول الروسي يفغيني كافلنيكوف مع التشيخي دانيال فاتشيك، والمصنف الثاني الكرواتي غوران إيفانيسيفتش مع الاسترالي ستيفان كوبيك، والتشيخي ييري نوفاك الرابع مع الاسترالي ماركوس هيبفل، والتشيخي بوهدان أوليراخ الخامس مع الاسباني غاللو بيانكو، والمغربي يونس العيناوي السادس مع الفرنسي سيدريك بيولين الذي يشارك ببطاقة دعوة، والالماني راينر شوتلر السابع مع الفنلندي جاركو نيمينن... في حين ينتظر الاسباني ألبرت بورتاس الثالث ومواطنه فيلكس مانتيا الثامن لاعبين صاعدين من الأدوار التمهيدية. واللافت أن حامل اللقب التشيلي مارسيلو ريوس لن يشارك هذا العام لأسباب خارجة عن إرادته. ورأى الامين العام للاتحاد القطري لكرة المضرب محمد إسماعيل في تصريح خاص إلى "الحياة"، أن القرعة وفّرت فرصة ثمينة للكبار لشقّ طريقهم نحو الأدوار المقبلة ما يزيد من روعة المنافسات التالية للدور الأول. وأضاف: "لكن كنا نتمنى ألا يلتقي العيناوي مع بيولين في هذا الدور تحديدًا لأن خروج أحدهما سيعز علينا كثيرًا... فالأول نجمنا العربي الذي نأمل له أن يصل إلى المباراة النهائية، والثاني اسم معروف له وزنه وقيمته في عالم اللعبة وخروجه من الدور الاول يحرمنا من مشاهدة أحد أبرز المشاركين". وحول الاستعدادات التي سبقت البطولة، أوضح اسماعيل أن الاتحاد بذل كل جهوده من أجل توفير متطلبات كل المعنيين بالبطولة ولم يدع أي شاردة أو واردة للصدفة، مشيدًا بالدعم المستمر من المسؤولين عن الرياضة في قطر لهذه الدورة، ومؤكدًا أن الاهتمام الرسمي بها يزيد من مكانتها محليًا وعالميًا. وقال: "الدولة لا تبخل قط على الرياضة والرياضيين في بلدي، وتوفر لهم سبل التطور والنجاح كلها. وبطولة قطر الدولية لكرة المضرب واحدة من الوسائل المهمة التي تدعم الرياضة القطرية من خلال إيجابياتها الكثيرة، وفي مقدمها تعريف الشباب على أصول اللعبة وقوانينها وعلى أبطالها الكبار في العالم ما يحببهم فيها ويدفعهم الى ممارستها فتتسع القاعدة الاساسية للممارسين ما يسمح لنا بانتقاء أفضلهم للمشاركة في المنافسات الخارجية... ويجب ألا ننسى أن هذه البطولة أفرزت فعلاً أبطالاً قطريين توجوا بألقاب خليجية وعربية، وتبقى الأمنيات أن نرى قريبًا هؤلاء الأبطال يشاركون في المناسبات العالمية".