لم يمض وقت طويل على إطلاق مبادرة العمل بنظام الحكومة الإلكترونية في إمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعتبر الاولى من نوعها في العالم العربي، حتى لوحظ مدى صعوبة تأقلم الجمهور مع هذا المشروع الجديد، بعيداً من أجواء الحماسة التي رافقت الحملة الإعلامية المكثفة وامتدت لأكثر من عام ونصف العام وتبعها افتتاح ولي عهد دبي وزير دفاع الإمارات محمد بن راشد آل مكتوم البوابة الرئيسة لهذه الحكومة. وتربط هذه البوابة مختلف دوائر الحكومة المحلية، وتقدم خدماتها من خلال الإنترنت الى نحو ثمانمئة وخمسين ألف مواطن ووافد، ما اعتبر خطوة "ريادية"، هي "الأولى على طريق طويل وشاق". وأفادت مصادر مطلعة أن المشروع يعتبر جريئاً بحد ذاته خصوصاً من حيث الفكرة، ولكن المشكلة تكمن في اسلوب التطبيق، خصوصاً من ناحية المستفيدين من الخدمة التي يتم تقديمها إليهم. وعلقت هذه المصادر بالقول: "المشكلة تكمن في غياب الدورات التثقيفية، وإلا كيف يفسر عدم تأثر حركة معقبي المعاملات في الدوائر الرسمية. فالجمهور لم ينبه إلى أهمية الخطوة، والمسؤولون غاب عن بالهم حجم الهوة التي تفصله عن هذه التقنية واستخداماتها". واستغرقت اجراءات "تأليف" الحكومة حوالى 18 شهراً. وجاء تأسيسها نتيجة الجهود المشتركة بين دوائر دبي الحكومية والفريق التنفيذي للمشروع الإلكتروني ومدينة دبي للإنترنت التي استضافت هذه الحكومة. وسبق اطلاق "الحكومة" نشاطات ومؤتمرات عدة، أبرزها "المؤتمر العالمي للحكومة الإلكترونية" الذي شاركت فيه مجموعة من كبار الخبراء في مشاريع مماثلة في عدد من الدول المتقدمة منها أميركا وبريطانيا وفرنسا وكندا وسنغافورة وماليزيا وغيرها. وفي سياق تنفيذ المشروع، بذلت الجهود من أجل وضع إجراءات الخدمات العامة مثل فواتير المرافق الرسمية ومخالفات المرور على قواعد بيانات في شبكة الإنترنت. وصممت واجهة موقع الحكومة بطريقة تيسّر تعاملات الجمهور ومجتمع الأعمال، ما يعزز صورة دبي مركزاً اقتصادياً ريادياً في المنطقة. كيف تم التحوّل الالكتروني؟ وتقوم الفلسفة العامة لهذا الجهاز على تولي الإشراف على عمليات مكننة خدمات الدوائر الحكومية في دبي، وصولاً بها الى التطبيق الشامل لفكرة الحكومة الالكترونية، إضافة إلى تبني اكثر السياسات الإدارية تقدماً في العالم لتحقيق افضل صيغ التواصل الاقتصادي والتكنولوجي. ويعتبر الفريق التنفيذي للحكومة الإلكترونية بمثابة الهيئة الاستشارية التي تمثل كل الاتجاهات الفنية والإدارية التي تحتاج اليها عملية إقامة مثل هذا المشروع الضخم، وكلّف هذا الفريق إنجاز الدراسات الاستشارية والفنية اللازمة للتعرف إلى المتطلبات الحقيقية للعميل من دوائره ومؤسساته المختلفة، وكذلك التعرف في شكل معمق الى طبيعة الإجراءات الحكومية ودراساتها دراسة حثيثة، واختيار احسن الصيغ لتنفيذها إلكترونياً، ضمن افضل الأنظمة والمواصفات التقنية والفنية. ويخضع ربط الحكومة الإلكترونية بالشبكة الحكومية إلى بعض التعديلات الإجرائية الفنية وذلك للتوافق مع النظام الجديد الذي ستتدفق عبره الخدمات الإلكترونية. وتتمثل البنية التحتية لهذه الحكومة بشبكة معلومات عن الدوائر والمؤسسات الرسمية التي يتعامل معها الجمهور في شكل يومي. ويستطيع الجمهور انجاز معاملاته مع الاجهزة الحكومية، بأسلوب "كل الخدمة في خطوة واحدة"، مع الحفاظ على درجة عالية من الأمان. وتعتبر هذه النقلة الالكترونية من وسائل تعزيز الافادة القصوى من الموارد البشرية والمالية للدولة. وتوقع المسؤولون أن يؤدي المشروع إلى خفض الإنفاق الحكومي بنسبة عشرة في المئة. وباشرت الدوائر الحكومية تقديم بعض الخدمات إلكترونياً، كجزء من عملية تهيئة الجمهور، وتعريفه الى طريقة استعمال الانترنت في انجاز المعاملات، ما يسهل تعامل الجمهور مع المراحل اللاحقة من هذا المشروع. مناخ معلوماتي في الاستثمار ويهتم موقع هذه الحكومة الالكترونية بمعاملات رجال الأعمال مع الحكومة، بهدف الاسهام في جذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية وتطوير مناخ مناسب معلوماتياً لتلك الاستثمارات. والمعلوم ان البعد المعلوماتي في الاستثمار صار جزءاً أساسياً في حركة رؤوس الاموال العالمية، ومن الشروط المهمة في وجودها ونشاطها. كما يحاول المشروع الالكتروني حل مجموعة من المشكلات المزمنة في الاداء الحكومي التقليدي، مثل الطوابير والخطوط الحمر والبيروقراطية والروتين وما اليها. اذاً، لا يرتكز هذا المشروع الى مجرد تقديم الخدمات الإلكترونية الحكومية كما يتبادر للكثير من الناس، بل يتعدى ذلك إلى إيجاد حكومة إلكترونية تبني طريقة ونهج حياة مختلفين للأفراد والمؤسسات والجهات الحكومية على حد سواء. ومن خلال الموقع الحكومي على شبكة الانترنت، يستطيع أي شخص طلب احدى الخدمات الرسمية، مثل الحصول على وثيقة سفر أو معاملة تسجيل شقة أو ما شابههما، ثم دفع الرسوم إلكترونياً "أون لاين"، وهو جالس في مكانه. بينما يمكن شخصاً آخر أن يستعلم عن الخدمات التي تقدمها دائرة معينة ويقدم طلب الخدمة مثلاً، ثم يذهب بعد ذلك بنفسه إلى الدائرة لدفع الرسوم وتسلم المعاملة، وهكذا يكون قد اختصر نصف الطريق. وشرعت الحكومة الإلكترونية ببناء أسس حماية أمن المعلومات، من خلال تثقيف مستخدمي الأنظمة في الدوائر الحكومية. وتطبيق معايير أساسية في الحماية الالكترونية للمعاملات والمعلومات، والوقاية من هجمات التخريب والاختراق والقرصنة، وما الى ذلك. وتتمتع العمليات الالكترونية بدرجة عالية جداً من الدقة، حيث لا تسمح بأي تلاعب. ويحتاج كل شخص سيتعامل مع حكومة دبي الالكترونية الى الحصول على تأكيد قانوني واثبات هوية من خلال تقديم بياناته الشخصية. العنوان على الانترنت: http://www.dubai.ae