أول الكلام: للشاعر السعودي الراحل، زاهداً في اعيادنا/ محمد بن سعد المشعان - رحمه الله: - أيا نفسُ إنّ العيش - ما طال - زائل وكلٌّ الى حضن البسيطة: عائد وما مِنْ فتى إلا مُلاقٍ حسابه وما منهمو... إلا على النار: وارد فتفزع نفسي والجوى: يطرد الهوى وتُعول الحاني، وتبكي القصائد!!
محمد بن سعد المشعان: انسان لم يسعدني الحظ بلقائه ورؤيته عن قرب... فقد كانت مدينته التي عشقها هي "الرياض"، وسفري إليها متباعد، وتواصلي مع سكانها/ نبضها: متقارب. وهذا الإنسان: شاعر... عرفته من خلال رباعياته التي كانت صحيفة الرياض تُفسح لها في "أصصها" مكاناً كباقة معطرة لقراءاتنا التي سيطرت عليها الأحداث والأحزان، وتحمل كلماته: الحكمة احياناً، والطرفة حيناً، والحوار مع النفس غالباً! فإذا كنت لم أحظ بلقاء هذا الإنسان/ الشاعر الذي لم يوغل في الشيخوخة كثيراً... فقد أحببت شعوره في شعره، مثلما أنِسْت الى صوره في التعبير عن احساسه!!
محمد بن سعد المشعان: يغتنم مناسبة اطلالة عيد الفطر السعيد، وهو مع ملايين هؤلاء المسلمين وواحد منهم: يعرف ويحس ان اعيادهم لم تعد سعيدة... فما حاجة الإنسان للبقاء في حياة سادها: الظلم، واعتُقل فيها العدل، وتبجّحت فيها القوة فكسرت: المنطق، واختطفت الحقيقة؟! مات "المشعان" في طلائع عيد الفطر... وكأنه أراد ان يحل جدائل الفرحة التي صار الناس يتبنُّونها اكثر مما ينجبونها!! كلمات "المشعان" في شعره، و"غرابيله"... كان بها يَعْبر الحواجز، ويقفز السواتر، ويخترق الأنفاق... لعله ببيت شعر مضيء بالصدق: يدل الناس على وجه الشمس... ولعله بكلمة كالمرأة: يفرد شاشة لوجوه الناس الأصل! وفي غَزْو هذا البياض لشَعْره... كان شِعْره - ما زال - يرعشه ذلك الحنين المنتمي الى البراري، والقافز ابداً الى مسارح النجوم... وكان حضوره: إنسانياً بحثاً عن: البشارة التي نلون بها العمر!!
محمد بن سعد المشعان: عندما كان يحرص ان يغرس الفرح في صدور الناس بشعره الضاحك حيناً، والساخر احياناً... كانت دموعه: خفقات، أو أن خفقات صدره هي: كل دموعه! كان "التبسُّم": صبره... وصبره: قدرته الجميلة في كثافة احزان الحياة، وهو يتوجه أبداً الى خالقه بالمناجاة! ولا بد ان مَنْ عرفوا "محمد بن سعد المشعان" عن قرب، واستأنسوا بدفء حديثه وحواره، وبظرف تعليقاته ولمحاته، وبمواقفه الإنسانية... يفتقدون اليوم كل هذه الخصال في شخص ستبقى له روافد من المحبة، وذلك "السر" في شهقة الحياة!!