أكد رئيس أكبر منظمة عربية في الولاياتالمتحدة اللجنة العربية الأميركية للتمييز الدكتور زياد عسلي ان الادارة الأميركية تطلع اللجنة على المواضيع التي تخص الدول العربية، وقال ان اللجنة تؤثر في صناعة القرار السياسي في أميركا ولكن ليس بالصورة المخطط لها. وأضاف ان هناك مجموعة يهودية في وزارة الدفاع تحاول الضغط على العرب وتطالب بضرب العراق وسورية ولبنان واليمن وان تحل القضية الفلسطينية على أساس انها مسألة أمنية. ودعا الدول العربية والإسلامية الى أن تلعب دوراً في التحالف الدولي، حتى لا يتحول هذا التحالف الدولي الكبير ضد العرب والمسلمين. وأكد ان المقاومة الإسلامية وحماس والجهاد الإسلامي حركات تحرير، لكنه طالب بعدم استخدام التفجيرات والعمليات الانتحارية في هذه الفترة. واقترح عسلي في حديث ل"الحياة" وقف العنف لمدة شهر من طرف واحد لفضح شارون وتعريته أمام العالم. وهنا نص الحوار: ما علاقة مؤسستكم بالادارة الأميركية والخارجية؟ - نحن مؤسسة عربية يُعلموننا بالتطورات ذات الصلة بالعالم العربي. فمثلاً نزور وزارات الخارجية سواء بدعوة منها أو بطلب منا لبحث القضايا التي نعتقد انها مهمة لنا. مثلاً حين أعلن كولن باول تصوره حول القضية الفلسطينية اعلمونا بالخطاب وفحواه، وأعطونا انطباعاً ان هذه المبادرة جادة فعلاً، وأن هناك فرصة لتحقيق نوع من الانجاز في هذه الفترة، وأن حل هذه القضية الآن مصلحة أميركية، ويجب ان تتعاون الحكومات والأشخاص والمؤسسات العربية والإسلامية لتحقيق هذا الحل. نحن نعتقد ان آريل شارون يتظاهر بأنه مهتم بالمبادرة الأميركية، لكن ممارساته ضد الفلسطينيين هي محاولة لاحباط هذه المبادرة. هل هناك تلميح من الادارة الأميركية بأنها ستضرب العراق أو الصومال أو اليمن أو أي دولة أخرى في المنطقة؟ - هذا سر من أسرار الدولة ولن يخبرونا به. من الصعب ان تعرف بالضبط ما في نيتهم، خصوصاً النواحي العسكرية، لكن أعرف انهم سيحاولون جدياً تصفية المشكلات العالقة في الشرق الأوسط التي يسمونها الارهاب. وأعتقد انهم يريدون ان يتبعوا الأساليب التي يمكن ان تصفي هذه المشكلات من دون مواجهات لأنهم لا يريدون ان يخلقوا عداوة أكثر مع العرب والمسلمين. أميركا الآن منقسمة على مستوى عال من حيث صناعة القرار. هناك سياسة تمثلها وزارة الخارجية ووزيرها كولن باول الذي يطالب بتحالفات مع الدول العربية والإسلامية لكي يحتوي مشكلة الارهاب، والطرح الآخر وهو الأخطر وهو طرح وزارة الدفاع ويجسده نائب وزير الدفاع وحوله مجموعة من اليهود الذين يطالبون بضرب العراق وسورية ولبنان واليمن، وأن تحل القضية الفلسطينية على أساس انها مسألة أمنية وليست مسألة سياسية، والنظر الى الموضوع كله من الناحية الأمنية حتى في الصومال وليبيا، واستعمال العنف لوضع حد لظاهرة الارهاب وعدم الأخذ في الاعتبار حساسيات العرب والمسلمين والدول العربية. وهذا الطرح في نظرنا خاطئ ومخيف وسينعكس على الجميع بمآسٍ طويلة وعريضة لا تنتهي بربح أحد. الكل سوف يخسر بما فيه الولاياتالمتحدة، وعلى رغم ذلك هم جادون في تنفيذ هذا الطرح! ونحن نعلم ان وزارة الخارجية مدعومة من الرئيس الأميركي وأن طرح الخارجية سوف يأخذ مداه، ويجب ان نفهم معنى انجاح هذا التيار لأنه إذا فشل سوف نرى البديل من وزارة الدفاع. ونعتقد ان التحالف الدولي الجديد يجب ان يطرح علينا أسئلة لها صلة بالمستقبل. فمثلاً، هناك تقارب بين الولاياتالمتحدة والهند والصين واليابان وروسيا وحلف الناتو وأميركا الجنوبية، كلهم تحالفوا ضد الارهاب، والمشكلات العالقة بينهم خفت وأخضعت نفسها لمحاربة الارهاب. هذا التحالف الدولي الكبير يمكن ان يتحول ضد العرب والمسلمين إذا لم نفهم دورنا في هذا التحالف، يجب ان يكون لنا دور في التحالف بدلاً من ان نكون مستهدفين وهذا شيء كبير واستراتيجي. فهناك أشخاص في واشنطن يطالبون بتوسيع الخلاف والمواجهة مع العرب والمسلمين. فلسطين و11 أيلول هل خسرت القضية الفلسطينية من أحداث 11 أيلول سبتمبر الماضي؟ - يمكن ان تستفيد القضية إذا وظفنا الجهد اللازم لإنجاح مبادرة كولن باول وتصفية القضايا الكبرى العالقة هنا في المنطقة. هناك مقاومة لطرح باول في أميركا واسرائيل وبعض أوساط العالم العربي والفلسطيني والمقاومة وهناك امكانات وتباشير بأن الحكومات العربية ترى ان هناك محاولة جادة من أميركا في هذا الموضوع، وهذه المرة الأولى التي يحدث هذا الشيء وبمثل هذا الوضوح. والرئيس الأميركي نفسه يريد المغامرة السياسية في هذا الموضوع. وفي أميركا هناك نوع من المقاومة ضده لهذا السبب. ومن ناحية أخرى غالبية الدول العربية سائرة في هذا الموضوع وهناك بوادر ان المؤسسة الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات تدرك ان هذه فرصة جدية ويجب السير فيها. واسرائيل نفسها منقسمة ولكن الجناح الحاكم يحاول افشالها، ولكن لن يجرؤ على مقاومتها علناً. وعلينا نحن العرب ان نعمل لكي نستفيد من هذه الأمور ونمنع افشالها ونمنع الناس أيضاً من العمل على افشالها. لماذا فشلت الجاليات العربية والإسلامية في مواجهة اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة؟ - نحن لم نفشل، ولكن المصيبة ان الذين ارتكبوا هذه الجرائم الفظيعة ارتكبوها باسم الإسلام وباسم العرب والمسلمين والقضايا السياسية التي تهم العرب والمسلمين؟ وهذا سلاح دعاوي مخيف ضد العرب والمسلمين بغض النظر عن توظيف اليهود هذا الأمر لمصلحتهم، ونحن مهمتنا صارت في منتهى التعقيد، كيف ندافع عمن ارتكبوا جريمة مثل هذه؟ نحن من الناحية الإنسانية ضد هذه الأشياء. لن ندافع عن هؤلاء المجرمين، ونقول انهم لا يمثلون العرب والمسلمين. يقال ان بعض الأطراف العربية والإسلامية أيد اعمال 11 أيلول؟ - هذا كلام فقط؟ في أميركا لم أسمع أي أميركي مسلم أو عربي أيد ذلك أو أعلن اسلامه كما يدعي البعض؟ وفي العالم العربي هناك بعض الأسباب التي تدفعهم لتأييد أسامة بن لادن، والصور التي يراها العالم العربي على الشاشة تكشف آلام الفلسطينيين بينما الحكومات العربية والإسلامية فاشلة في تحقيق أي نوع من التأثير لإحقاق الحق. كل هذه الأشياء تعطي مادة حية لكل من يريد ان يتاجر فيها ضد الحكام. فلذلك بن لادن عنده بعض الدعم من الناس الذين يعيشون حالات القهر والفقر. ونحن ما نقوله لأميركا وغيرها انه يجب ان نزيل عوامل القهر والفقر التي تعطي مجالاً لأعمال العنف. ألا يزيد وضع الولاياتالمتحدة "حزب الله" اللبناني ومنظمة "حماس" الفلسطينية و"الجهاد الإسلامي" على لائحة المنظمات الارهابية الأمور تعقيداً؟ - طبعاً هذا يزيد الأمور تعقيداً. نحن نعتقد ان التيارات التي انتصرت في أميركا بعد فترة من المحاولات من الزج بهذه الأحزاب والمنظمات على لائحة الارهاب تقصد من ورائه تصعيد المواجهة بين العالم العربي والإسلامي والولاياتالمتحدة في هذا الوقت بالذات. ويجب ان تحاور الدول العربية بجدية واشنطن وتفهمها مغزى هذه القرارات وتأثيرها في الحكم والحكام في العالم العربي والإسلامي. الولاياتالمتحدة تعتبر الانتفاضة الفلسطينية عملاً ارهابياً. ما تعليقك على ذلك؟ - الانتفاضة الفلسطينية هي حركة تحرر وطني، والسؤال هو مدى نجاح العمل المسلح في الانتفاضة لانجاحها أو افشالها. طبعاً انه سؤال يختلف عليه العاقلون. وأنا أرى في هذه المرحلة ان استعمال الأسلحة في الانتفاضة يخدم شارون ولا يحقق الأهداف الكبيرة، ولكن الناس تحت الاحتلال يحق لهم مقاومة الأهداف العسكرية. وأعتقد مع ذلك انه من الممكن ان يفكر القادة الفلسطينيون من جانبهم بإعلان شهر لوقف العنف كلياً، ليروا ما سيحدث. في أسوأ الأحوال سترجع الأوضاع الى ما هي عليه ومن الممكن ان تسلب من شارون حجة يستعملها من دون أي تردد. ولكن الانتفاضة كحركة أؤيد استمرارها ويجب ان تستمر كمقاومة وحركة سياسية واعلامية وتحرر وطني، لأنه من دون المقاومة ستذوب القضية الفلسطينية. العمل العسكري هل تريد ان يتركوا العمليات العسكرية في وقت تقوم اسرائيل بعمليات تصفية جسدية والدبابات والمدافع والصواريخ والطائرات تدك المدن والقرى الفلسطينية. - هذه قضية مأسوية، والمواجهة المسلحة تفيد شارون، ومكان قوته هو المواجهة المسلحة. شارون ضعيف سياسياً وأخلاقياً أمام العالم، وهو قوي لأن لديه جيشاً قوياً ولا يتردد في استعماله بكل أسلحته المتطورة ضد الشعب الأعزل، وهذا مجال قوته. واستمرار المواجهة على هذا الأساس هو ما يريده شارون، ولكن الثمن الباهظ المخيف يدفعه الشعب الفلسطيني الأعزل. ويجب ان نبحث في طريقة لوضع حد لاستمرار الهجمات العسكرية على الشعب وهذا ليس بالشيء السهل، وإذا كان الحل السياسي متوافراً وجدياً ومعقولاً فيمكن الفلسطينيين ان ينظروا في وضع حد للعنف. هناك توجه أميركي لتوجيه ضربة الى العراق. ما المطلوب من القيادة العراقية لتلافي ذلك؟ - هذا سؤال صعب، وهذه المرة على الحكومة العراقية ان تحاور وتأخذ وتعطي مستخدمة الوسائل الدولية للأخذ والعطاء والبحث، وان تستغل الأممالمتحدة وأن تكف القيادة العراقية عن اصدار الكلمات الرنانة المتحدية، لأنها فقدت صدقيتها كلية. يجب ان يكون هناك جهد جدي للحوار. ومن الممكن ان تفشل كل أنواع الجهود في نهاية المطاف، ولكن يجب ان تكون هناك محاولات فعلية للمحاورة، بغض النظر عن وجود قناعة لدى البعض بأنه لا فائدة من الحوار لأن أميركا قررت الضرب. أنا لا اعتقد ان الولاياتالمتحدة قررت ضرب العراق؟ أولاً الأميركيون عندهم أهداف محددة، وطبعاً إذا حصلوا على أهدافهم بأساليب أرخص وأقل جهداً فإنهم لن يضربوا. هزيمة حركة طالبان ونجاح "التحالف الشمالي" الا يمثلان خطراً على واشنطن في هذه المنطقة؟ - طالبان لديها نظام مجحف ومنحرف عن الإسلام، فهي منعت النساء من التعليم والتمريض والذهاب الى الطبيب؟ وهزيمة طالبان ليست خسارة لأفغانستان، ولا الأمة الإسلامية، كما ان "تحالف الشمال" جماعة مشكوك في أمرها من كل النواحي، وأفغانستان لن تنتهي مشكلتها بسقوط طالبان، وستظل المشكلة قائمة. هل القوات الأميركية ذاهبة الى أفغانستان للبقاء هناك؟ - القوات الأميركية ستترك المكان في أسرع وقت ممكن، انها تريد ان تغادر المكان بسرعة ولكن الظروف يمكن ان تفرض عليها أكثر من اللازم. الشعب الأميركي لا يقبل ان يرى جنوده يموتون في المعارك ولا في أي مكان. وهذا نوع من الضعف في المؤسسة العسكرية، وهم يعوضون ذلك باستخدام كل الأسلحة الفتاكة في المعركة، ولكن إذا بدأ الجنود يموتون سيكون ذلك مشكلة كبرى لوزارة الدفاع.