استطاعت إيران إحداث اختراق مهم في علاقاتها مع باكستان، عبر الزيارة التي قام بها وزير خارجيتها كمال خرازي لإسلام آباد ومحادثاته مع الرئيس برويز مشرّف. وأعلن خرازي، لدى عودته إلى طهران، "إزالة كل العقبات أمام تنمية العلاقات مع إسلام آباد". كما أكد وزير الخارجية الباكستاني عبدالستار فتح صفحة جديدة مع إيران. وتمثل الاختراق الأهم في تأكيد الجانبين على التعاون في شأن الأزمة الأفغانية ومستقبل أفغانستان، وهو ما تجسد في إعلان الرئيس الأفغاني برهان الدين رباني "ان إيران تُحضر لاجتماع بينه وبين الرئيس برويز مشرّف". ووصفت مصادر مراقبة في طهران هذه التطورات "بأنها تشكل ترجمة لرؤية إيرانية تدعو إلى جعل تحالف الشمال الأفغاني وحكومة رباني، محطة التقاء إيرانية - أميركية - باكستانية". وتضيف المصادر: "ان طهران تبدو حتى الآن أحد أبرز المستفيدين من كل التطورات العسكرية والسياسية في أفغانستان. ويتجسد ذلك في عودة حلفائها، أي حكومة رباني وتحالف الشمال، إلى كابول، وهزيمة خصومها في حركة "طالبان" بكل ما يعنيه ذلك من انتهاء الكابوس الذي كان يؤرق إيران بدءاً من مقتل ديبلوماسييها على يدي "طالبان" في مزار الشريف، وصولاً إلى الصورة المشوهة التي قدمتها الحركة عن الإسلام". وترى المصادر "ان إيران استغلت حال الضعف التي أصابت الموقف الباكستاني بعد انهيار طالبان. فجاءت زيارة خرازي لتؤكد ضرورة ممارسة إسلام آباد لدورها مع إيران في أفغانستان، انطلاقاً من التوافق على دور تحالف الشمال، وانطلاقاً من رؤية واقعية إيرانية تُقر بضرورة عدم اغفال الموقف الباكستاني أو تجاهله في أي تسوية تتعلق بمستقبل أفغانستان". وكان خرازي شدد على "أن لإيرانوباكستان دوراً مهماً في أمور المنطقة، وان الخلافات بين الجانبين انتهت، والفرصة متاحة لتوسيع التعاون بينهما، للمساعدة على إقامة حكومة واسعة التمثيل في أفغانستان، والتقريب بين وجهات نظر كل الفصائل الأفغانية، وإعادة إعمار أفغانستان". ويشكل التقارب الإيراني - الباكستاني عامل قوة للجانبين أمام الموقف الأميركي الذي انزعجت منه إسلام اباد أخيراً بفعل محاولة تجاهل دورها أو القفز فوقه. فيما لا تخفي إيران ريبتها من أي خطة أميركية تستهدف توسيع واشنطن لنفوذها العسكري في أفغانستان وآسيا الوسطى والقوقاز. ويقوي التقارب الباكستاني مع إيران، موقف إسلام اباد من الهند التي تربطها علاقات جيدة مع طهران في وقت تؤكد فيه الأوساط الإيرانية أن التعاون الإيراني - الهندي ليس على حساب أي طرف ثالث أي باكستان. ومن المرجح أن يفتح التقارب بين إيرانوباكستان آفاقاً جديدة أمام الديبلوماسية الإيرانية للعب دور ايجابي يقلل حال التوتر القائمة في العلاقة الهندية - الباكستانية.