وسط تصاعد الضغوط الإسرائيلية والأميركية على الرئيس ياسر عرفات، يلتقي وزراء الخارجية العرب غداً في القاهرة لتحديد موقف واضح "لا لبس فيه" من محاولات إسرائيل فرض سلام على طريقتها، على حد قول الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى. واستبعد مراقبون خروج الوزراء العرب ب"نتائج استثنائية"، لافتين إلى معارضة بعض الدول دعوة عرفات إلى وقف العمليات العسكرية ضد إسرائيل. راجع ص 5 وأكد موسى ان قراراً بوقف كل الاتصالات مع الدولة العبرية "متروك لما تراه الدول واجباً في ظل الظروف المتدهورة". وتلقى الرئيس الفلسطيني أمس اتصالاً من وزير الخارجية الأميركي كولن باول بحثا خلاله في التطورات الأخيرة. وقال نبيل أبو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني إن "باول عبر عن ارتياحه لخطاب الرئيس عرفات الذي ألقاه في أول أيام العيد، ودعا فيه إلى الالتزام بوقف النار". وأوضح أن "الرئيس عرفات أكد لباول التزام السلطة الفلسطينية التام تعهداتها والتزامها بعملية السلام وما ورد في خطاب الرئيس عرفات". وأكد أن عرفات "حض الولاياتالمتحدة على استمرار العمل من أجل انقاذ عملية السلام". وتم الاتفاق بين الرئيس عرفات وباول على "استمرار الاتصالات في الأيام القريبة المقبلة من أجل متابعة التطورات"، وفق ما ذكر أبو ردينة. وكان عرفات استقبل أمس في مقره في رام الله وفوداً من المهنئين بعيد الفطر المبارك. وأكد أمام وفد من القدس أن مخطط تهويد المدينة لن ينجح. وفي خطوة تعكس رغبة السلطة في تنفيذ ما وعد به عرفات، حذر رئيس جهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية جبريل الرجوب من أن السلطة الفلسطينية لن تتهاون مع القوى السياسية التي "تختار النشاط المدمر والمضر بالمصالح الوطنية حتى لو اقتضى الأمر المواجهة على الأرض". ونقلت "وكالة الصحافة الفرنسية" عن الرجوب قوله "إن خطاب الرئيس عرفات كان واضحاً. لدينا سلطة واحدة وشرطة واحدة وبندقية رسمية واحدة ولا مجال للاجتهاد والتأويل". وكانت "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" رفضت، في بيان لها أمس، دعوة عرفات إلى وقف الهجمات ضد إسرائيل واعتبرتها "نزولاً عند الشروط الأميركية والشارونية لتصفية الانتفاضة والمقاومة المشروعة ضد الاحتلال والاستيطان". وعلى رغم سعي السلطة الفلسطينية إلى احتواء الموقف، تخوفت مصادر فلسطينية من أن تكون حكومة ارييل شارون تعد لفصل جديد في حملتها الهادفة إلى تقويض سلطة عرفات وفرص قيام دولة فلسطينية مستقبلاً. الضغوط الاسرائيلية وكانت الاذاعة الإسرائيلية نسبت الى "مصدر أمني مسؤول" حديثه عن وجود "انذارات خطيرة" تشير إلى موجة جديدة من الهجمات الانتحارية ضد اسرائيل. وزعم المصدر ان المسلحين الذين يستعدون لشن هذه الهجمات يتوزعون في جنين ونابلس ومناطق السلطة "أرض الإرهاب". واضاف ان هذه العمليات ستنفذ في وقت واحد أو بالتدريج وانها تتضمن أيضاً تفجير عبوات تستهدف فرق الانقاذ التي تسارع الى مواقع العمليات بعد الانفجار الاول. وفي سياق الضغوط الاسرائيلية، قال رئيس اركان الجيش الاسرائيلي الجنرال شاؤول موفاز: "ان الفلسطينيين يعتبرون ان مواصلة النزاع الحالي والتاريخي مع اسرائيل تشكل بحدّ ذاتها نجاحاً، لذلك سيواصلون العنف ولن يتراجعوا قريباً عن السعي لتحقيق أهدافهم". وتابع: "ان مواصلة النزاع المسلح خيار استراتيجي للسلطة الفلسطينية". واعتبر ان هذا ما يبرر حسب قوله "الموجة الأخيرة من الاعتداءات الارهابية التي لا سابق لها والتي اوقعت منذ السابع والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر 44 قتيلاً إسرائيلياً". وشدد على ان هجمات 11 أيلول سبتمبر شكلت منعطفاً مهماً في طريقة فهم الارهاب من قبل المجتمع الدولي، اضطر السلطة الفلسطينية الى أخذه بالاعتبار. وتابع: "بعدما أخذت بعين الاعتبار المعطيات الجديدة اختارت السلطة الفلسطينية طريقاً وسطاً: ادانة الارهاب على طريقة بن لادن وبموازاة ذلك مواصلة العنف". واعتبر ان عرفات "يفقد حالياً شرعيته على الساحة الدولية" في الوقت الذي "يصبح فيه توجهنا حتى على الصعيد العسكري شرعياً". وبعدما تطرق الى احتمال توسع الحرب التي تشنها الولاياتالمتحدة على الارهاب، قال موفاز: "في حال هاجمت الولاياتالمتحدة أهدافاً في الدول العربية علينا ان نكون مستعدين لاحتمال تعرضنا للهجوم". وجاء كلام موفاز خلال اليوم الثالث والأخير من مؤتمر هرتزليا شمال تل ابيب الثاني، وهو عبارة عن منتدى يضم أبرز المسؤولين الاسرائيليين في مجالات السياسة والدفاع والاستراتيجيا. وشارك في المؤتمر نفسه رئيسا الوزراء السابقان ايهود باراك وبنيامين نتانياهو، وشددا على استحالة التوصل الى سلام مع عرفات وقال باراك: "الحقيقة اننا لا نرى في ياسر عرفات شريكاً لاتخاذ قرارات. أعرفه منذ 25 سنة وبرأيي ان هذا الرجل البالغ حالياً من العمر 73 سنة لن يتغيّر أبداً". واضاف: "انه لا يعترف بحق اسرائيل في الوجود ولا بحق الشعب اليهودي وهو فقط يتكرّم بالاعتراف بحق الديانة اليهودية في الوجود". من جانبه، أكد نتانياهو "في النهاية ليس أمامنا من خيار سوى اسقاط نظام السلطة الفلسطينية ولو كان ذلك لمجرد ردع الفلسطينيين مستقبلاً من ممارسة الارهاب بالتوازي مع المفاوضات".