واشنطن، دبي، باريس، الدوحة، إسلام آباد، كوالالمبور- أ ف ب، رويترز - أثار شريط أسامة بن لادن الذي وزعته واشنطن أول من أمس، جدلاً واسعاً على الصعيدين الرسمي والشعبي في أنحاء العالم. وفي وقت اعتبر بعضهم أن الشريط يقدم "الدليل القاطع" على تورط بن لادن في اعتداءات 11 ايلول سبتمبر الماضي، أبدى بعض آخر تحفظًا عن صحة هذا الشريط، واعتبروه ملفقًا ولا يثبت أي تهمة، مستندين في ذلك الى رداءة الصوت والتسجيل. وتساءل البعض عن الاسباب التي دفعت بن لادن الى تسجيل الشريط أساساً. مقتنعون واعتبر مجلس العلاقات الاميركية -الاسلامية أن شريط الفيديو يجب أن "يزيل كل الشكوك" المتعلقة بضلوع بن لادن في الاعتداءات على واشنطن ونيويورك. وقال المجلس في بيان له: "إن محتوى شريط الفيديو هذا، يجب أن يضع حدًا لشكوك كل شخص لم يكن مقتنعًا بتواطوء أسامة بن لادن في أحداث الحادي عشر من أيلولسبتمبر، لان بن لادن تحدث بوضوح وكأنه شخص على علم مسبق بتلك الاعتداءات". واعتبر المجلس أن شريط الفيديو "مزعج"، خصوصًا ان بن لادن "أعلن خطأ أن أعمال الارهابيين مبررة بالشريعة الاسلامية"، وبسبب "التأكيد المثير للاشمئزاز على أن الاعتداءات نفعت كثيرًا الاسلام"". ووصفت السفارة السعودية في واشنطن أسامة بن لادن بأنه "مجرم قاتل". وقالت في بيان إن "الشريط يكشف عن وجه قاس غير إنساني لمجرم قاتل لا يحترم قدسية الحياة أو مبادىء دينه". وأضاف البيان أن "بن لادن ومن ذكرهم في شريطه هم منحرفون، مرتدّون ولا يمثلون الدين الاسلامي ولا الشعب السعودي. ونرفض وندين بأقوى عبارات ممكنة سلوكهم وأفعالهم". وقالت دولة الامارات العربية المتحدة أن شريط الفيديو لا يدع مجالاً للشك في دور بن لادن في هجمات 11 ايلول. وقال وزير الاعلام الاماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان إن أفراد تنظيم "القاعدة" يستحقون العقاب الذي نزل بهم، وأضاف أن "هذا الاعتراف" يثبت أيضًا أن من عارض توجيه ضربات ل "القاعدة" خلال شهر رمضان كان مخطئًا لان "هؤلاء الارهابيين" لا علاقة لهم بالاسلام. وفي قطر، حرصت قناة الجزيرة على التوضيح أنها أذاعت الشريط "كما فعل الجميع". وقال مسؤول في القناة إنها نقلت الشريط على الهواء من شبكة "سي أن أن" نتيجة اتفاق تعاون بينهما. ولم يوضح المسؤول هل إن القناة تعتقد أن الشريط حقيقي، واكتفى بالقول: "أذعناه كما هو. وكانت نوعية الصورة والصوت سيئة. والامر يحتاج الى خبراء ليبتوا هل الشريط صحيح أو مفبرك". وفي مصر، بث التلفزيون الرسمي الشريط، قائلاً إنه يحمل "الدليل على تورط بن لادن باعتداءات 11 أيلول". ولكن المعلقين السياسيين الذي ظهروا على التلفزيون في حلقات نقاش، أبدوا تحفظهم حول هذا الموضوع. وقال أحدهم إن "الشريط يدعو الى الشك، فهو متقطع والصوت فيه رديء . ولو كان لدى الولاياتالمتحدة الدليل على تورط بن لادن فلتقدمه الى المحاكمة وليس الى شاشات التلفزيون"، ورأى آخر أن الادارة الاميركية لن تنجح في إقناع الكثير من العرب الساخطين من الاعتداء والمتضايقين في الوقت نفسه من الحملة المعادية للعرب والاسلام التي يشنها الغرب. وتطابقت الاراء بين العامة في منطقة شمال أفريقيا والشرق الاوسط، فمنهم من شكك بالترجمة ومنهم من اعتبر أن التسجيل غير المفهوم، أمر مقصود كي لا يفهم المشاهد ما يقال. واعتبر شاب تونسي أن "بن لادن كان ينطق كلماته بطريقة تختلف عما شاهدناه سابقاً، ولست مقتنعًا بأنه هو الذي يتكلم". وتساءل كثيرون عن جدوى بث الشريط الان، بعدما قامت الولاياتالمتحدة بضرب أفغانستان ودفعت بحركة "طالبان" وقادتها الى الهروب. الصحف الاوروبية واعتبرت معظم الصحف الاوروبية أن شريط الفيديو يشكل "دليلاً" قاطعًا على تورط بن لادن في اعتداءات 11 أيلول، ويظهر الطابع "المتعصب" و"المرضي" للرجل الذي تلاحقه الولاياتالمتحدة. وكتبت صحيفة "دايلي تلغراف" البريطانية أن "الشريط الذي صور الشهر الماضي وبثه البنتاغون يشكل الدليل الابرز" على تورط بن لادن. وكتبت صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية أن "الشريط يجب أن يقنع الذين لا يزالون يشكون في أن بن لادن هو المتورط الفعلي في مقتل آلاف الاشخاص، هذا إذا كان لا يزال هناك من يشك بذلك". وكتبت صحيفة "برلينر تسايتونغ"الالمانية أن شريط الفيديو "يزيل الشكوك حول مشاركة مباشرة" لزعيم القاعدة في الاعتداءات. كذلك، كتبت صحيفة "إل بايس" الاسبانية في مقال عنوانه: "بن لادن يعترف" أن الشريط "يؤكد مسؤوليته المباشرة في الاعتداءات". وكتبت صحيفة "إل موندو": "كما الكثير غيره من المجرمين المرضى النفسيين، لم يتمكن أسامة بن لادن من مقاومة إغراء الاعتراف بالعمل الاجرامي الذي سيجعلنا نذكره خلال قرون". مشككون وفي المقابل، أبدت صحف أخرى حذرًا حيال شريط الفيديو. وكتبت صحيفة "لا فانغارديا" في لشبونة إن "أقوال بن لادن تظهر أنه علم على الاقل مسبقًا بالتحضيرات للاعتداءات" غير أنها لا تثبت تورطه فيها. وأشارت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية الى أن الشريط كان سيشكل دليلاً أكيدًا على تورط بن لادن لو أنه "تباهى بذلك قبل 11 أيلول وليس بعده إذ يمكن لاي مجنون يملك كاميرا أن يتبنى حادثًا بات يعرفه الجميع". كما سألت صحيفة "لو فيغارو" عن السبب الذي دفع بن لادن الى الظهور في شريط مصور يتبنى فيه العمليات ضد الولاياتالمتحدة. وشككت صحف عربية في مصداقية شريط الفيديو، مركزة على رداءة الصوت والصورة وتوقيت توزيع الشريط في ذروة الحرب الاعلامية التي تشنها واشنطن ضد بن لادن. وفي باكستان، قالت جمعية علماء الاسلام إن شريط الفيديو "يندرج في إطار الحرب الاعلامية ضد القادة المسلمين" وأن على واشنطن أن تقدم أدلة على تورط بن لادن أمام القضاء وليس أمام شاشات التلفزيون التي "يديرها اليهود". وقال رياض دوراني المسؤول الاعلامي في الجمعية إن "الاميركيين يحاولون تبرير المجزرة التي ارتكبوها في حق الافغان عبر اللجوء الى ممارسات مبتذلة ومضحكة". وأضاف: "خلافًا لما كان متوقعًا فإن الشريط سيبث شكوكًا جديدة في أذهان المسلمين". وقال أمير عزيمي الناطق باسم الجماعة الاسلامية في باكستان إن هذا الشريط "مختلق تمامًا. إنه درامي"، وأضاف: "حتى وسائل الاعلام الاميركية والصحافيون أعربوا عن شكوكهم في شأنه". وفي ماليزيا، رفضت المعارضة شريط الفيديو، ووصفته بأنه دعاية أميركية، قائلة إنه لم يقدم دليلاً على دور لبن لادن في هجمات 11 أيلول . وفي وقت لزم المسؤولون الماليزيون الصمت، فإن أعضاء حزب المعارضة الاسلامي ومسلمين عاديين سارعوا الى رفض الشريط ووصفه بأنه مزيف. وقال مسلم عمره 32 عامًا يعمل في شركة محاسبة أجنبية: "لقد استغرقوا وقتًا طويلاً للخروج بهذا الشريط الذي يمكن أن يكون ملفقًا أو مزيفًا". وقال قمر الدين جعفر وهو مسؤول كبير في الحزب الاسلامي الماليزي "إنها قضية تفتقر الى دليل على أن بن لادن وجه هذه العملية أو خطط لها أو مولها، إنها قضية لا تستند الى دليل على رغم هذا الشريط". وفي اندونيسيا، قال محمد رزق زعيم جبهة المدافعين عن الاسلام: "إنني أول شخص لا يصدق الاشياء التي تأتي من الولاياتالمتحدة وقد ضقت ذرعًا بدعايتها للتغطية على جرائم حربها في أفغانستان". وأضاف أن "شريط الفيديو لم يفحص بمعرفة جهة مستقلة. وكما تعلمون فإن الاميركيين لديهم كل التكنولوجيا. وتوليف شريط سهل للغاية بالنسبة إليهم". وامتنع ناطق باسم وزارة الخارجية الاندونيسية عن التعليق مباشرة، لكنه قال إنه أيًا كان ما يحويه الشريط فإن اندونيسيا لن تتراجع عن تعهدها بمكافحة الارهاب.