140 لوحة ضمها كتاب صدر في مسقط أخيراً وضم روائع فنية جمعها أحمد بن سويدان البلوشي الذي تولى وزارة البريد والبرق والهاتف لسنوات طويلة قبل ان يستريح من مهمات المنصب ليبدأ التفكير في جمع شتات السنوات من هوايات ومشاريع ابداعية مؤجلة. وهذا "المعرض في كتاب" يحكي في كل ورقة قصة لوحة، وكل لوحة تحفة، وكل تحفة إبداع للمكان العماني وتسجيل لحالات مختلفة من تاريخ المكان. الكتاب يأخذ شكل كراسة رسم جميلة مكتوب عليها "كنوز الجمال" وتحتها "لوحات عمانية" ليبدأ تطواف الجمال في صفحات الكتاب ال144. يقول البلوشي عن مشروع الكتاب/ المعرض: "على امتداد سنوات راودتني فكرة نقل ملامح الطبيعة وتصويرها في لوحات مرسومة بأنامل مجموعة من الفنانين العمانيين من أصحاب التجارب الثرية المستقرة على شاطئ الإبداع، ممن برعوا في تصوير معطيات المجتمع بمدنه وقراه... وهذا هو عنصر المكان، وحدقوا في حياة الناس وحركة هذا المجتمع... وهذا هو عنصر الإنسان، وعرضوا مراحل تحولاته القديمة والحديثة... وهذا هو عنصر الزمان، والإنسان والزمان والمكان عوامل ثلاثة حاكمة في تطور المجتمع الإنساني على وجه العموم". ويضيف البلوشي في مقدمة الكتاب موضحاً علاقته مع الرسم: "تعود علاقتي بفنون الرسم والتصوير إلى الاشراقات الأولى في عقد السبعينات وتحديداً بين عامي 1971 و1972 في مرحلة تلقي العلم والدراسة في بريطانيا إذ كنت احرص على متابعة المعارض التشكيلية ومشاهدة الأفلام التي تشغل مناظر الطبيعية مساحة واسعة في مشاهدها، وكانت تتراءى لي متشابهات كثيرة بين ملامح تلك الطبيعة وملامح الطبيعة في بلادي". ويضيف: "ذات يوم من أيام عام 1982 حدث أن كنت أتجول في معرض للفنان الأسترالي ديفيد ويليس فجذبتني لوحاته الجميلة ومهاراته الأنيقة ودقته الفنية التي تجلت في تشكيلة بديعة من المناظر التي تستلهم الطبيعة العمانية رب صورة بألف كلمة، هكذا يقول المثل السائر دلالة على بلاغة الصورة، حين تكشف ما لا تستطيع الكلمة - أحياناً - أن تحيط به في جمل محددة تجسد ما تحمله هذه الصورة أو تلك من المعاني والرموز الكامنة". ومعظم اللوحات هي بريشة الفنان ويليس اضافة الى متفرقات اخرى قدمتها مجموعة من الفنانين الغربيين والعرب والعمانيين. ويقول ويليس الذي عشق المكان العماني أن "سلطنة عمان لوحات كونية مدهشة". كان عام 1979 شاهداً على زيارتي الأولى إلى سلطنة عمان، سنحت لي فرصة السفر إلى مختلف مناطق البلاد للتصوير والرسم. انبهرت بما شاهدت من المناظر الطبيعية الخلابة وبما لامسته من أخلاقيات الشعب العماني الطيب وبما تبدى لي من ملامح ثقافته الأصيلة وشجعني كل ذلك على العودة إلى عمان". ويضيف ويليس "تتناثر المناظر الطبيعية المتنوعة في جنبات عمان. في الشمال... هناك الجبال الصخرية المثيرة التي تحتوي الأودية البهية المنظر، والقرى التي تحفها أشجار النخيل، وبعضها مصطف بطريقة فنية رائعة. وفي المنطقة الوسطى... تتشكل الصحراء والسهول والأودية تمتد إلى منطقة الربع الخالي حيث الكثبان الرملية ذات القمم الشاهقة. وفي محافظة ظفار... تحول الأمطار الموسمية قمم الجبال إلى ارض عشبية خضراء، لترسم منظراً نادراً في منطقة الخليج العربية ثم الشواطئ الساحلية العمانية البكر. طويلة... ساحرة... تتداخل الجبال العالية في بحر مسندم، وتمتد الشواطئ الرملية بقراها السمكية الصغيرة من منحدرات الحجر الجيري الشاهقة على حافة البحر في الجنوب". ينقسم الكتاب إلى ثمانية أبواب، وفي كل باب تتجمع اللوحات دالة على إبداع أخاذ حول موضوع كل باب، فالباب الأول عنوانه "همسات الطبيعة" ويضم لوحات لأمكنة عمانية كقرية الحيل في وادي العين وبندر الخيران ووادي قريات وشلال دربات وعدد من الأودية إضافة إلى مدرجات الجبل الأخضر وأمكنة أخرى تتوزع في محيط المكان العمانيبحره وصحرائه وجباله بريشة الفنانين محمد نظير وديفيد ويليس وميجول ويليس. ويأتي عنوان "آثار وأسرار" كشفاً للباب الثاني الذي يعرض لوحات لعدد من الحصون والقلاع العمانية والبوابات القديمة والمساجد والزخرفيات والنوافذ وملامح الجمال العماني في البناء القديم ، بريشة كل من فيكي بورنيت وديفيد ويليس وميجول ويليس. وفي الباب الثالث، حياة الناس، تبدو صورة الإنسان واختلافه على تفاصيل المكان زارعاً وصياداً وبائعاً عبر الحياة القديمة والحياة اليومية القاسية فتنقل اللوحات مشاهد الإنسان ويومياته وغالبيتها من الحياة القديمة او الريفية التي تحفظ للمكان طزاجته الاولى، اللوحات للفنانة العمانية رابحة محمود والفنان ديفيد ويليس. الباب الرابع هو "حديث الأيادي" الذي يعبر عن الصناعات التقليدية من صياغة الفضة وصناعة الحلوى والنجارة والزراعة، واللوحات للفنانين ديفيد ويليس وسوديث ومحمد نظير ورابحة محمود. اما الباب الخامس "وجوه" فيسجل باللون ملامح الإنسان وتقاسيم الوجوه عبر المكان والزمان، وجوه من كل عمان نقلتها ريشات الفنانين ديفيد ويليس وكارول لانفير وجمعة الحارثي وحسن مير وانور سونيا ورابحة محمود... الباب السادس يتابع على الفطرة مشاهد الحياة البسيطة، كما هي، ببساطة الصحراء وبشرها الذين يعبرون الرمال وتعبر بهم، لوحات لمجموعة من البدو يستسقون المياه من بئر وسط الصحراء، وهم يتحلقون حول "دلة" القهوة التي على النار وحيث جلسات السمر حول اللهب الذي يضيء ليل الصحراء، وفي الفصل التالي تتابع الفطرة ولكن تحت عنوان الأصالة للتعبير عن حفاظ الإنسان على ثقافاته وموروثاته ومنها الفنون والعادات التقليدية. ويختتم الكتاب/ المعرض فصوله بالبيئة وفي هذا الختام يدخل ميغيل ويليس كاسراً تبوؤ والده نصيب الأسد في هذا الكتاب، ويقدم لوحات جميلة للطبيعة العمانية، لكن والده يدخل عليه افتتانه بالبيئة ويقدم لوحات له إلى جانب لوحات الفنان نواب علي.