} فاز البليونير الجمهوري مايكل بلومبرغ بمنصب رئيس بلدية نيويورك بعدما أنفق مبلغًا قياسيًا هو خمسين مليون دولار ليتغلب على سياسي ديموقراطي مخضرم في الانتخابات التي جرت أول من أمس. ويخلف رودولف جولياني الواسع الشعبية في هذا المنصب ويتولى مهمة إعادة البناء في نيويورك بعد الاعتداءات التي طاولت مركز التجارة العالمية. نيويورك - أ ب - لم يشغل الرئيس المنتخب لبلدية نيويورك مايكل بلومبرغ 59 عامًا الذي أسس امبراطورية مالية باسمه أي وظيفة عامة من قبل. وقال المراقبون إن المبالغ الطائلة التي أنفقت في حملة الانتخابات البلدية هذه، جعلتها الحملة الاغلى من نوعها في تاريخ الولاياتالمتحدة. وقال بلومبرغ للصحافيين بعد فوزه أمس: "اليوم لا تتعلق المسألة بالديموقراطيين والجمهوريين بل بالنيويوركيين. هذا الانتصار هو انتصارنا وهو أيضًا انتصار رؤيانا وايماننا بمستقبل أعظم مدينة في العالم". وفي دعاية بثها التلفزيون تكرارًا في الايام الاخيرة حتى حفظها الناخبون عن ظهر قلب، قال رودولف جولياني الذي نصبته الصحف "عمدة أميركا" بسبب مواقفه غداة اعتداءات الحادي عشر من أيلول سبتمبر الماضي: "نيويورك ستكون في أيدي أمينة مع مايكل بلومبرغ". واعتبر معلقون سياسيون مساء الثلثاء أن شعبية جولياني بلغت حدًا تجعله فيها قادرًا على اختيار خلفه. وبعد تزاحم شديد، اذعن الديموقراطي مارك غرين للامر الواقع. ففي الدوائر الانتخابية كلها حصل بلومبرغ على 50 في المئة من أصوات الناخبين في مقابل 47 بالمئة لغرين. وفي مدينة يفوق فيها عدد الديموقراطيين الجمهوريين بنسبة 5 في مقابل 1، سيخلف بلومبرغ الجمهوري رودلف جيولياني الذي يتمتع بشعبية واسعة والذي لا يستطيع دستورياً أن يرشح نفسه لولاية ثالثة. وهذه المرة الاولى التي يخلف جمهوري محازباً له في هذا المنصب في نيويورك. وبذا ورث بلومبرغ مدينة في حال صعبة جدًا بعد اعتداءات 11 ايلول الماضي، إذ يقدر عدد الوظائف المفقودة بنحو 100 ألف، ويترتب على رئيس البلدية الجديد أن يردم هوة اقتصادية حجمها بلايين الدولارات. وقال بلومبرغ في هذا السياق: "عانينا كثيرًا ولن نترك الارهابيين يهزموننا. نيويورك لم تمت وهي في حال جيدة ومستعدة للبدء بالاعمال. لا شك في أننا سنواجه مشكلات كثيرة ولكننا سنواجهها". وانزعج غرين من الدعم الضعيف الذي أبداه الاميركيون من أصول لاتينية حيث قسموا أصواتهم بين المرشحين بدل أن يفضلوا الديموقراطي. وفي المقابل حاول بلومبرغ أن يعرف نفسه كأنه الخليفة المحايد لجولياني، معتبرًا أن انتصاره في القطاع الخاص هو تجربة مفيدة لادارة شؤون مدينة تعاني عجزًا ماليًا. وكان غرين اعتبر أن تجربته في القطاع العام وعمله ناشطًا في شؤون المستهلكين وعنف الشرطة ومسائل عامة أخرى تجعله أكثر أهلية للمنصب. وقالت روث ليفين التي صوتت لبلومبرغ على رغم أنها من الحزب الديموقراطي إن"الاقتصاد مهم جدًا الآن والخلفية المالية هي أكثر ما نحتاجه". وقبل أسبوعين فقط أظهرت استطلاعات الرأي أن غرين يسبق بلومبرغ ب 16 نقطة، ولكن ما إن وصلت الساعات الاخيرة حتى بدأت الاتهامات تتصاعد من الفريقين. فقبل يوم واحد من الانتخابات قال غرين عن بلومبرغ إنه "غني نخبوي" واتهمه بالانضمام الى أربعة نواد للبيض وأنه لوحق قانونيًا لتحرش جنسي بإحدى العاملات لديه. ويبدو أن المعركة القاسية التي شهدتها الانتخابات التمهيدية في الحزب الديموقراطي بين غرين ومسؤول حي برونكس فيرناندو فيرير أثرت كثيرًا على النتائج. ففيرير وهو من أصل أميركي لاتيني أعرب عن دعم فاتر لخصمه السابق ولم يتمكن من مسامحته على هجمات اعتبرت عنصرية مما أدى الى تحول الكثير من أصوات أفراد هذه الجالية الى بلومبرغ في حين أنها تصوت تقليدًا للمرشح الديموقراطي. وتساءل بلومبرغ عن دور حملة غرين الانتخابية التي اتسمت بالعنصرية قبل يوم واحد على الدورة الحاسمة ضد فيرير. ورفض غرين هذا الاتهام ولكن يبدو أن مؤيديه من أصول لاتينية تأثروا بذلك. ويذكر أن بلومبرغ ولد في عائلة من الطبقة المتوسطة في ولاية ماساتشوستس المجاورة. وتخرج من جامعة هارفرد وجمع أول مليون دولار قبل سن الاربعين. وعمل حتى عام 1981 في شركة الوساطة "سالومون بروذرز" حيث كان مسؤولاً عن تقنيات المعلومات. وغادر هذه الشركة مع عشرة ملايين دولار. وفهم قبل غيره حاجات المتعاملين في مجال الاقتصاد وتوقع القدرات غير المستغلة في تلك الفترة لادخال المعلوماتية. وأنشأ عندها "بلومبرغ ال بي" التي ركزت أولاً على قطاع السندات الذي لم يكن يحظى بتغطية كبيرة. ووضع بفضل نظام معلوماتية طوّره، في تصرف العاملين في مجال الاقتصاد معلومات لم تكن متوافرة سابقًا إلا لعدد قليل مهم. وهو شخصية معروفة في المجتمع النيويوركي الراقي، وعامل خير. وبلومبرغ مطلق وأب لابنتين. وكان صاحب الامبراطورية الاعلامية كتب في 1997 سيرته الذاتية "بلومبرغ بقلم بلومبرغ". وأشار فيها الى أنه غير مهتم بالسياسة. لكن سرت شائعات في السنوات الاخيرة عن احتمال خوضه غمارها. ولم يخف في السنوات الاخيرة ميله للديموقراطيين لكنه انتقل العام الماضي الى المعسكر الجمهوري الذي استقبله بالترحاب.