كالعادة، ظلت ألعاب القوى الوجه الباسم للرياضة العربية... وكالعادة ايضاً، ظل المغاربة اصحاب الفضل الاول في تشريف هذا الوجه دولياً وعالمياً... واختيار العداء المغربي هشام الكروج افضل رياضي في العالم من جانب الاتحاد الدولي لألعاب القوى، ما هو الا انعكاس طبيعي لما وصلت اليه ام الالعاب في بلاده بعد ان بدأت مشوارها نحو العالمية باكراً. ففي مقابل المد والجزر اللذين يتلاعبان بمستوى الرياضة العربية عموماً، ولا سيما كرة القدم، فإن ألعاب القوى كانت دائماً في مستوى الطموحات منذ اولمبياد لوس انجليس التي جرت في عام 1984... هناك كان المغربي سعيد عويطة رائداً تماماً كمواطنته نوال المتوكل ففازا بذهبيتي سباقي 5 آلاف م و400 م حواجز على التوالي. وفي اولمبياد سيول 1988، نال ابراهيم ابو الطيب ذهبية سباق 10 آلاف م وعويطة برونزية 800 م... ثم كرت سبحة ميلاد الابطال والانجازات من طريق خالد سكاح وحمو بو الطيب ونزهة بدوان وغيرهم الى ان وصلت الى الكروج. الواقع ان عويطة كان رائداً على صعيد الاستمرارية. فانتصاراته كانت حجر الاساس لنهضة لا غبار عليها في مسابقات الجري في المغرب. وما حققه الجزائري نور الدين مرسلي ومواطنته حسيبة بو لمرقة في بطولة العالم الثالثة صيف عام 1991 في طوكيو كان لا بد من ان يكون من شأنه ان يضع حجر اساس لنهضة مماثلة في الجزائر، لكن الرياضة هناك تأثرت بعوامل كثيرة فدخلت في نفق معتم لم تعرف كيف تخرج منه حتى الآن. وهكذا بقي الامل بالصعود الى منصات التتويج الاولمبية والعالمية ولوقت طويل يتوقف على مقدرة المغاربة. لكن ازدهار الرياضة السعودية عموماً وألعاب القوى خصوصاً بعد الانجازات التي حققتها على الصعيدين العالمي والاولمبي من طريق سعد شداد الاسمري وهادي صوعان وحسين السبع وغيرهم، وتحطيم كل الارقام السعودية وبعض الارقام العربية من جانبهم اكد ان الانجازات العربية في هذا الميدان يمكن ان تمتد من المحيط الى الخليج، ومن دون ان تقتصر على دول شمال افريقيا وحدها... ما يعني تعاظم آمالنا في وجود اكثر من كروج واحد في العالم العربي. فمن بين احلامنا الحلوة ان ينتزع عربي او عربية ميدالية او اكثر في المحافل الدولية والعالمية، لكن الامر لن يكون سهلاً لأن تصنيع بطل ليس بالأمر الهين، ويتطلب التطرق في البحث الى كل الظروف المحيطة به، وقبل ان نطالبه بميدالية علينا اولاً ان نوفر له الادوات اللازمة لتحقيقها... وهذا موضوع آخر يحتاج الى صفحات وصفحات. وعموماً ، تبقى العاب القوى الرياضة الأم التي تقيس ما وصلت اليه قدرات البشر، ويتمثل فيها الشعار الاولمبي: الأسرع والأعلى والأقوى...وهي تبقى في الوقت ذاته، في ما يبدو... الأمل الوحيد امام العرب اذا ما ارادوا ان يتألقوا عالمياً.