مع بداية كل عمل من اعماله الموسيقية الثمانية داخل ألبومه الجديد، يأخذنا ربيع أبو خليل، في سفرة الى اللامكان واللازمان. ليتركنا نسرح معه... نهيم واياه... في عالم موسيقي جديد، ينبع من رؤية جديدة متجددة، تستمد ديمومتها من أفق الموسيقى الرحب المتعالي على التقليد والمقلد، البعيد كل البعد عن هاوية سوق النخاسة، وبازارات الموسيقى المرتجلة المجلجلة" صاحبة الأفق الضيق والمقاصد المادية البحتة. انه عالم موسيقي جديد. جديد في تركيب نغماته الشرقية "المذاق"، الغربية الملامح، والمتوالفة على لسان آلات موسيقية من شتى العائلات، ومن شتى الفصائل. فمن الوتريات، نجد العود يقطر ندى بعطر شرقي صرف، مصاحباً آلة التشلو الجهيرة الصوت الغربية الطراز. يلعبان معاً، وينسجمان انسجاماً لا يجعلك تشعر بأي فارق بينهما. ومن الآلات النافخة، نجد البوق، والكلارينيت، اي اليراعة، كما نسميها نحن بلغة الضاد، ناهيك عن الساكسفون السكسية. نجد ايضاً مجموعة من الآلات النحاسية النافخة مجتمعة كلها في انسجام ترق له الاحاسيس، وتلين له المشاعر. ومن الآلات الايقاعية، اختار لنا ربيع ابو خليل ومن دون تردد، آلة الدف رائدة الايقاع الشرقي، لتصاحبها ثلة من آلات الايقاع المختلفة" صنوج وطبول على انواعها كلها مجتمعة متضامنة مع اخواتها من العائلات الاخرى، توالف وتآلف على انسجام. وأحاسيس عازفين مهرة. الكل مجتمع يشرب من يد الصانع ليخرجوا الينا بموسيقى زقت الينا بطريقة مبتكرة وساحرة، فهي ليست بموسيقى الجاز ولو حملت في طياتها نفحة منه فإذا الايقاعات شرقية الملامح، والجمل الموسيقية ذابت بين يدي ربيع ابو خليل، وخرجت عن طورها، وهي ليست شرقية محضة. وان كانت روحها كذلك، فإنها تمتلك جسداً خليطاً من الشرق والغرب معاً، ناضحة بمئات النغمات المتألقة داخل خليط عجيب غريب، يملأ الجو باحساس جديد... احساس بمولود جديد، يحمل ملامح الأمس وشخصية الغد. نجح ربيع ابو خليل في مزج ما لا يمزج من الجمل اللحنية، في قالب شرقي وغربي الشكل، غربي وشرقي المضامين، غير آبه بالمقامات الموسيقية، متمرداً عليها في تلوينات لحنية غنية، تنشدها آلاته الموسيقية وبطريقته الخاصة. فآلة الكلارينت عنده تغني يا ليل يا عين. بينما يبرع في الوقت نفسه في حمل الساكسفون ليرتجل لنا موالاً من الطراز الرفيع. اما البوق الفرنسي فيجعلنا ابو خليل نتمايل معه بنشوة غير معتادة، ومن ثم يمتشق عوده بين يديه ليبهرنا تارة بعزف منفرد، وطوراً بعزف جماعي، فيذوب الكل في الكل بين جنبات موسيقى رائع تحمل بصمة مميزة في عالم الموسيقى... بصمة مؤلف موسيقي من الطراز الرفيع، في عالم شحت فيه المواهب الموسيقية الحقيقية، ليحل مكانها تدريجاً كل ما هو مرتبط بتجارة الالحان والاصوات. * يواصل ربيع ابو خليل جولته العالمية، فبعد العاصمة الصينية بيجينغ، انتقل الى ستراسبورغ في فرنسا. وسبق ذلك حفلتان في عاصمة مقدونيا... ثم في نانسي. وبعد الجولة يعود الى مشروع جديد.