لوس انجليس "الحياة" - اذا كان عرف عن الحزب الديموقراطي الأميركي، ومنذ أيام الرئيس روزفلت على الأقل، دعمه لهوليوود والجيد من أفلامها، فإن العلاقة بين آخر رئيس ديموقراطي حتى الآن بيل كلينتون وعاصمة السينما الأميركية ساءت الى حد كبير، خلال السنوات الأخيرة من حكمه، دون ان يكون له يد في ذلك. الذي حدث هو ان سلسلة من اعمال العنف التي أوقعت ابرياء، تتالت خلال فترة من الزمن قصيرة. ولما كانت تلك الأعمال فردية وداخلية، ارتفعت يومها أصوات تقول ان للسينما "بترويجها للعنف والسلاح" يداً في ذلك. وهكذا وجد كلينتون نفسه أمام مواقف اضطر لاتخاذها، هو الذي كان عرف بصداقاته لبعض كبار الهوليووديين من أمثال ستيفن سبيلبرغ وباربارا سترايسند. وهكذا، بالتدريج فسدت العلاقة. وأمام الأحداث المرعبة التي شهدتها نيويورك وواشنطن، خلال النصف الأول من أيلول سبتمبر المنصرم، توقع كثيرون ان تسوء علاقة السلطة بالسينما اكثر، بخاصة ان الجمهوريين على تناحر دائم مع اقطاب هوليوود، ومعظم هؤلاء هم من الاعلاميين ورجال المال اليهود، الذين يقفون يساراً، ما يقربهم من الديموقراطيين عادة، وبخاصة أيضاً ان اصواتاً راحت تعلو لتحمّل السينما، بترويجها هنا أيضاً للعنف، جزءاً من المسؤولية. ولكن تبين، اخيراً، ومن خلال الاجتماع الذي بات شهيراً، بين مرسلين من البيت الأبيض، وبعض اقطاب صناعة السينما والاعلام التلفزيوني، ان العكس هو الصحيح: الطرفان يسيران نحو شهر عسل مفاجئ قد يذكر بذاك الذي ساد بين روزفلت وهوليوود ما ان دخلت الولاياتالمتحدة الحرب العالمية الثانية. ومن المؤكد ان المبادرات التي أبداها السينمائيون في مجالات التبرع لدعم ضحايا العمليات الارهابية والمواقف المعتدلة التي وقفوها، والعقلانية التي طغت على التلفزة الأميركية، كلها لعبت دوراً في هذا، وكذلك لعب دوراً اساسياً تعديل بعض الشركات لنهاية بعض أفلامها، وتأجيل عرض أفلام وتصوير أخرى كان يمكن ان تعتبر استفزازية. وهذا كله مهد الطريق لما أسفر عنه ذلك الاجتماع الذي عقد يوم 11 تشرين الثاني نوفمبر الجاري بين مبعوث البيت الأبيض وقادة السينما والتلفزة الأميركية وعلى رأسهم جاك فلانتي، رئيس تكتل الاستديوات الكبرى، والمستشار السابق للرئيس ليندون جونسون. واللافت هنا ان الجمهوريين الذين اعتادوا ان يكونوا قساة مع أهل الفن السابع على رغم ان واحداً من أبرز رؤسائهم رونالد ريغان كان أصلاً واحداً منهم، "تساهلوا" مع هوليوود كثيراً، اكدوا، على لسان مندوبهم كارل روف، انهم لم يأتوا ليطلبوا من هوليوود أي شيء. "كل ما في الأمر، قال فالانتي، اننا اتفقنا على ان توحد جهودنا الخلاقة ومواهبنا في مجال الاقناع للإسهام في جهود الحرب، ولكي يتمكن الأميركيون من أن يعيشوا ثانية عيشاً عادياً". واللافت ايضاً ان الاسلام وموقف هوليوود منه، مستقبلاً إن لم يكن ماضياً، شغلا جزءاً كبيراً من النقاش. وتم التوصل الى صيغة أيدها الطرفان، تقول بكل وضوح ان "الحملة ضد الارهاب ليست على الاطلاق حرباً ضد الاسلام". وإذ قال كارل روف ان البيت الأبيض عبر بهذا عن رؤيته، اكد ان الصناعة السينمائية هي التي يتعين عليها اختيار أساليب التعبير عن هذا، وكذلك أساليب دعم الوطن في حربه الجديدة. وأكد فالانتي أيضاً، ان البيت الأبيض لم يأت على مضامين الأفلام الماضية او المقبلة، بل قال فقط انه يتمنى ان تُنتج افلام تخدم الأمة، مفسراً ان الجنود وعائلاتهم في حاجة الى دعم، وانه يجب ان يؤكد الجميع ان هجمات "أيلول هي حرب ضد الحضارة ويجب ان يكون الردّ عليها من قبل العالم كله، وان الاطفال في حاجة الآن الى من يضمن لهم أمنهم وسلامهم، وان "الحملة ضد الارهاب انما هي، أولاً وأخيراً، حملة ضد الشر".