لأن الترفيه من أقوى الخيوط التي تجذب الشباب الى العالم الرقمي، لفتت الأنظار في معرض "كومدكس 2001" للمعلوماتية، الذي يقام خريف كل عام في لاس فيغاس، جملة من برامج قوية في العاب الكومبيوتر والانترنت. ويصلح برنامج "اكس بوكس" نموذجاً للبرامج التي تركز على منحى الترفيه الشبابي، فيضع اساليب الحقيقة الافتراضية ومؤثرات الكومبيوتر في الالعاب في متناول كومبيوتر المكتب والجهاز الشخصي وحتى كومبيوتر اليد والاجهزة التي تسمى "المعاون الشخصي الرقمي" Personal Digital Device، واختصاراً PDA، ما يحول الاجهزة الى محطات للعب واللهو والمرح. وثمة أمر، وكأنه "تقليد" مأخوذ من مراسم الرئاسة الاميركية إذ يلقي رئيس البلاد في كل سنة خطاباً تقويمياً شاملاً يسميه "خطاب عن حال الاتحاد الفيدرالي". ففي معرض كومدكس، ألقى بيل غيتس، المدير الاسطوري المؤسس لشركة "مايكروسوفت" بياناً عن حال... صناعة الكومبيوتر. واللافت ان غيتس استعاد نبرة البدء، أي انه عاد الى ما كان يقوله هو وغيره من أهل الصناعة عن الكومبيوتر والشبكات في بدء الثورة الرقمية، وعن قدرة الكومبيوتر والشبكات على تغيير حياة الناس وطريقة اداء الاعمال والاتصالات والتعليم وطرق الانتاج والترفيه وما الى ذلك. ودل غيتس الى تعطش الناس الى التكنولوجيا الجديدة بإعلانه ان نظام التشغيل الجديد "ويندوز اكس بي" باع 7 ملايين نسخة خلال اسبوعين من إطلاقه. وتوقع ان تنتشر الاجهزة الجديدة من نوع "تابلت" TABLET، وترجمتها الحبة، لتصبح الأكثر استعمالاً في العالم خلال السنوات الخمس المقبلة. وتشبه أجهزة "تابلت" صفحة من الورق، وهي كومبيوتر متكامل، ويمكن قراءتها من دون الاضطرار الى الجلوس الى المكتب، او اللجوء الى ربطها بمصدر تيار كهربائي في شكل مستمر. وتولت مايكروسوفت كتابة برامج عدة ملائمة لكومبيوتر الحبة، فيما انتجت شركات عملاقة في صناعة الكومبيوتر، مثل "ايسر" و"كومباك" و"فوجيتسو" و"توشيبا"، انواعاً عدة من "الحبوب". عودة الايام الخوالي؟ ويعطي كومبيوتر الحبة نموذجاً للميل الحالي في صناعة الكومبيوتر الى التحالف والتآزر بين الشركات العملاقة، على رغم عمق التنافس بينها وشراسته. وبالنسبة الى معرض كومدكس الحالي في الولاياتالمتحدة، يمثل الامر نوعاً من العودة الى الايام الخوالي. فقبل ان تتعملق الشركات وتقبض على سوق من مئات بلايين الدولارات في الاجهزة والشبكات، دأب المراقبون على وصف معارض كومدكس بأنها اقرب الى اجواء الجامعات منها الى الاعمال الحقيقية. وفي تلك الايام الدافئة، لم يكن مستغرباً ان يتبادل اختصاصيو الشركات وتقنيوها افكاراً جديدة وأن يناقشوا ما يفكرون في ابداعه. ولما صار الكل يعرف ان كل فكرة أو ابتكار يمكن ان يتحول الى ادوات وسلع، صارت الشركات اكثر حرصاً وتكتماً، وفرضت المنافسة على المبدعين قانون الصمت الذي تحتمه المنافسة في المصالح. ويبدو ان المصيبة تجمع، وان الحال المزرية التي تتخبط المعلوماتية فيها، حفزت مديري الشركات على التساهل والتغاضي، ما مكن الاختصاصيين من العودة الى الاساليب القديمة وأيامها الدافئة.