لم يستحوذ موضوع على اهتمام المواطنيه والحكومة على السواء كما موضوع الخلوي. فبعد نحو سنتين من دخول هذه الخدمة المتأخرة أصلاً الى سورية ما يزال العقد الذي أبرمته الحكومة مع شركتي "سيريتل" و"انفستكوم" لاستثمار هذه الخدمة لمدة 15 سنة محور الاهتمام خصوصاً بعدما أعاد النائب الموقوف رياض سيف طرح الموضوع خلال محاكمته العلنية أخيراً وذلك في الوقت الذي أنهت لجنة متخصصة في مجلس الشعب اعداد تقريرها عن هذا الموضوع. وكان مشروع الهاتف الخلوي في سورية أثار منذ بدايته ولا يزال موجة من الانتقادات شكل رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد مصطفى ميرو لجنة للتحقيق وجمع المعلومات المتعلقة بالموضوع، ما أخّر تصديق العقد مع الشركتين حتى الآن. وعلمت "الحياة" ان تصديق العقود سيتم قريباً بعد أن يدرس مجلس الشعب تقرير اللجنة الذي يشير الى "ان هذا الخيار مدروس وفقاً لمصلحة البلد وامكاناته والقرارات السياسية والاقتصادية". ويوصي التقرير "بخفض التكاليف والفواتير وفوائد التأخير والسعي الى توسيع نطاق الشبكة لتشمل انحاء سورية كافة لتتساوى أجور الخلوي بالتدريج مع الهاتف الثابت". ونفى "صحة الدراسات والأرقام التي قدمها البعض" في اشارة الى الدراسة التي قدمها سيف. وجاء في التقرير انه "تأكد للجنة صحة الوثائق المقدمة من السلطة التنفيذية وان الاجراءات المتخذة هي اجراءات قانونية وقد مرت بخطواتها التراتبية من المؤسسة حتى رئاسة مجلس الوزراء". وأعلن النائب سيف خلال محاكمته العلنية "ان وجوده في هذا القفص هو لتمرير صفقات مشبوهة في مجلس الشعب وعلى رأسها صفقة الخلوي". علماً انه كان أعد دراسة اعتبر فيها "ان المشروع ألحق أضراراً بالغة بالشعب السوري ليست مادية فحسب بل تكنولوجية واجتماعية"، وقدر الخسائر بنحو 200 مليون دولار قد تصل مع نهاية المشروع الى 400 مليون. وأخذ على الشركتين المنفذتين "أنهما قيد التأسيس ومحدودتا المسؤولية على اعتبار انهما مسجلتان فقط في جزر العذراء". لكن التقرير نفى ما جاء في دراسة سيف وأوصى "بدراسة خفض رسم الاشتراك ورسم التركيب بما يتناسب مع رسوم الهاتف الثابت ودراسة خفض أجور المكالمات". فنياً، دعا التقرير الى "المتابعة الفاعلة والشاملة لتأمين التغطية الكاملة للقطر والعمل على اختصار المدد الحددة للتغطية ما أمكن واجراء ندوات مكثفة للتوعية بالمضار الصحية والبيئية الناجمة عن استعمال الخلوي وعن تركيب تجهيزاته على المباني العامة والخاصة وعلى المدارس والزام الشركتين المنفذتين اتباع قرارات اللجان الصحية لتجنب الأضرار المتولدة من تجهيزات المشروع". وفي المجال القانوني شدد التقرير على ضرورة "عدم اعتبار العقد مصدقاً في شكل نهائي الا بعد تنفيذه والعمل بملاحظات لجنة العقود". علماً ان هناك اتهامات للشركتين استيراد مواد مستعملة، وهذا ما نفته مصادر مقربة من الشركتين و"المؤسسة العامة للاتصالات". وأثار عدم تصديق العقود حتى الآن حفيظة وسائل الإعلام التي تساءلت عن سبب التأخير في ابرام العقود. وكان عقد تنفيذ المشروع الدائم للهاتف الخلوي رسا على شركتي "سيريتيل" و"انفستكوم"، وهما الشركتان اللتان قامتا بتنفيذ المشروع التجريبي. وسمح العقد بالتعامل مع شركتين في البداية بموجب عقود استثمار توقع معهما لمدة 15 سنة قابلة للتمديد ثلاث سنوات، مع السماح بإدخال شبكة ثانية لتشغيل 850 ألف خط بعد مرور سبع سنوات على تشغيل الشبكة الدائمة. واشترط العقد ان تمول الشركة الراغبة في استثمار كلفة المشروع على ان توفر ربحاً للحكومة السورية قدره 30 في المئة للسنوات الثلاث الأولى و40 في المئة للسنوات الثلاث التالية و50 في المئة للسنوات الباقية و60 في المئة في حال تمديد العقد. وقدر العائد المتوقع للدولة من المشروع بنحو 2.5 بليون دولار، ما سيخلق نحو 100 ألف فرصة عمل. قدّر اسهام هذه الخدمة غير المباشرة للاقتصاد السوري بنحو 5 بليون دولار، الاستثمار المتوقع للمشروع نحو 700 مليون دولار بخلاف 700 مليون دولار أخرى مصاريف تشغيل ليكون اجمالي الاستثمار 1.4 بليون دولار أميركي. يذكر ان السعة الاجمالية للمشروع الدائم تبلغ 850 ألف مشترك لكل شركة ويحق للمؤسسة التعاقد مع مشغلين اثنين منذ بداية المشروع كما يحق لها ادخال مشغل ثالث في نهاية العام السابع. وحددت المؤسسة التأمينات الموقتة بتسعة ملايين دولار أميركي والتأمينات النهائية ب18 مليوناً.