كشف "تحالف الشمال" الأفغاني المعارض لحركة "طالبان" خطته السياسية لحكم البلاد بعدما بسط سيطرته على اكثر من 80 في المئة من أراضيها، معلناً ان اسامة بن لادن وزعيم الحركة الملا محمد عمر سيحاكمان بصفتهما مجرمي حرب. وتبين ان خطة المعارضة السياسية ستثير جدلاً واسعاً دولياً، فهي تقبل بدور للأمم المتحدة في صياغة حكم ائتلافي، لكنها ترفض اي وجود عسكري دولي في افغانستان، وهي تقبل عودة الملك السابق ظاهر شاه، ولكنها تريد عودته كمواطن عادي. وهي تدعو الى تنظيم انتخابات حرة وشاملة، ولكنها تريدها بعد سنتين. وفي الاثناء تتولى حكومة موقتة واسعة التمثيل ادارة شؤون البلاد، برئاسة الرئيس المخلوع برهان الدين رباني. لكن اتفاق المعارضة على هذه الخطة اصطدم بواقعين: الاول تقسيم كابول الى مناطق نفوذ للفصائل المختلفة، إذ سيطرت قوات رباني على وسطها، في حين سيطرت قوات الإثنيات الأوزبكية والهزارة على جنوبها، الأمر الذي ينذر بتفجر خلافات بين الفصائل المذكورة. والثاني ان الملك السابق ظاهر شاه اتهم زعماء التحالف بخرق "اتفاق روما" وعدم التنسيق مع الملك. وقال مقربون من ظاهر شاه ان المعارضة تعمدت تأجيل وإلغاء عدد من الاجتماعات التي كانت تهدف الى تحديد الاطار السياسي للحكم في مرحلة ما بعد "طالبان". وفيما شهدت العاصمة الباكستانية سلسلة لقاءات ديبلوماسية بيّنت استياء إسلام آباد من عدم التزام "التحالف" تعهداته "ضبط النفس"، وعدم تنفيذ عمليات انتقامية، واصلت المعارضة تقدمها في معاقل البشتون جنوب البلاد، وأكدت ان مدينة قندهار تتخبط في فوضى كاملة وأنها سيطرت عليها الأمر الذي نفته "طالبان". وكان لافتاً امس سقوط جلال آباد المدينة التي كانت تعد حصناً منيعاً بذل السوفيات جهوداً كبيرة للسيطرة عليها خلال احتلالهم لأفغانستان لكنهم لم يفلحوا. وإضافة الى قندهار وجلال آباد سيطر مقاتلو التحالف على ولايتي كونار وخوست على الحدود الباكستانية، ويستعدون لاستعادة عاصمة ولاية قندوز في الشمال. وعلى رغم نفي التحالف، أكد وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد ان القوات الاميركية الخاصة أقامت مراكز تفتيش على طرقات تصل شمال افغانستانبجنوبها لاصطياد "مطلوبين". واعتبر الوزير الاميركي ان "طالبان" تواجه مشكلة اتصالات تحول دون التنسيق بين قادتها الفارين. وأعلن وزير الدفاع البريطاني ان عمليات القصف ستتواصل ضد "طالبان" الى حين اعتقال اسامة بن لادن. وأكد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ان الحركة تنهار على رغم بقاء بعض "جيوب المقاومة". ولم يستبعد بلير ان تتدخل القوات البريطانية الخاصة في "عمليات هجومية على خط المواجهة"، ما يعني ان واشنطن ولندن عازمتان على تدخل بري مباشر، ما يثير احتمالات وقوع القوات الغربية في مستنقع دموي، يقلب المواقف الداخلية في بريطانيا وأميركا في شأن حملة بلديهما العسكرية.