السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الافتتاح الرسمي في يوم الكتاب العالمي مطلع الربيع المقبل . ماذا يريد القراء المصريون من مكتبة الاسكندرية ؟
نشر في الحياة يوم 11 - 10 - 2001

يفتتح الرئيس حسني مبارك مكتبة الاسكندرية في الثالث والعشرين من نيسان ابريل المقبل، وهو يصادف اليوم العالمي للكتاب ليواكب الافتتاح احتفالات اخرى في شتى أنحاء العالم. لكن الأنشطة الفعلية في المكتبة بدأت في تشرين الأول اكتوبر الجاري باحتفالات "القلم والريشة" - مع ان الريشة كانت هي القلم في مرحلة من مراحل الكتابة - وفيها يتم تكريم نجيب محفوظ وصلاح طاهر لبلوغهما التسعين من العمر. وتضع "مصرية" المحتفى بهما سقفاً مصرياً لأنشطة المكتبة وتوجهها. وينعقد أيضاً المؤتمر العالمي عن التكنولوجيا الحيوية والتنمية في الفترة من 15 الى 17 تشرين الأول. وفي أيلول سبتمبر 2002 يقام مؤتمر عن التنمية وعمالة الشباب.
تصل موازنة المكتبة الى مئتين وعشرين مليون دولار، وهو ما شكل كلفة اقامة المبنى. دفعت منها ثلاث دول عربية منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي 77 مليون دولار وهي: المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة والعراق، والباقي تبرعات من جهات دولية بعضها قدم مساعدات عينية مثل الأدوات والأجهزة المطلوبة للمكتبة واعتمادات من الحكومة المصرية. وفي السنوات الخمس الأولى من عمر المكتبة ستتولى الحكومة المصرية اعتماد الموازنات الخاصة بها. ومبنى المكتبة يتكون من قاعة للمؤتمرات بنيت قبل المكتبة، ومفروض أن يعاد صوغها حتى تصبح جزءاً من المكتبة، ومبنى المكتبة ثم القبة السماوية. وفي المكتبة مئة وثلاثون ألف كتاب وستة آلاف وسبعمئة مخطوطة وعشرة آلاف وخمسمئة عنوان. وسيكون فيها ستة معاهد دراسية. وفيها الآن 284 حجرة يمكن استغلالها من جانب الباحثين الشبان. وفي الطريق الى هذا الافتتاح، وكنوع من الاستعداد له، التقى مدير المكتبة الدكتور اسماعيل سراج الدين قرابة 50 مثقفاً وأديباً من مصر على مدى يومين. وفي ثلاث جلسات، بعد أن وجه لهم سؤالين. الأول: ما هي الأدوار التي يمكن أن تقوم بها المكتبة، أو يجب أن تقوم بها لتحقق الهدف من إنشائها؟ والثاني: ما هي المشكلات التي من المحتمل أن تواجه المكتبة وتعرقل مسيرتها؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟ أي انه كان يريد ان يعرف ماذا يريد المثقفون المصريون من المكتبة وكيف تحقق لهم ما يريدونه وما هي المشكلات التي تعترض قيامها بهذا الدور. وكيفية حلها.
استغرقت عملية انشاء المكتبة زهاء خمسة عشر عاماً. والكلام عن الدور المتوقع ان تقوم به المكتبة كان يجب أن يسبق عملية الانشاء نفسها. لأن الدور هو الذي يحدد شكل المبنى ومرافقه وأجزاءه. أي ان السؤال يطرح ولكن بعد فوات الأوان بسنوات. ولكن الدكتور سراج الدين لم يكن موجوداً عند نقطة البدء الأولى. وعملية انشاء المكتبة مرت بمرحلتين الأولى من 15/5/1995 وانتهت في 31/12/1996 بكلفة 59 مليون دولار اميركي. والمرحلة الثانية وشملت أعمال الانشاءات والتركيبات والأعمال الخارجية وبدأت في 27/12/1996 بكلفة قدرها 117 مليون دولار اميركي.
وتقع المكتبة الجديدة في مواجهة مجمع الكليات النظرية في جامعة الإسكندرية بمنطقة الشاطبي. وتطل واجهتها الشمالية على البحر المتوسط عند لسان السلسلة. وموقع المكتبة الجديد هو ذاته موقع الحي الملكي القديم المنتمي الى الحضارة اليونانية - الرومانية. كما تدل على ذلك الحفريات الأثرية التي أجريت في المنطقة في عام 1993.
الماضي العبقري
مكتبة الإسكندرية القديمة - من باب التذكير فقط - كانت من أروع ما أنتجه الإنسان. أسست قبل 2300 سنة في مكان المكتبة الجديدة نفسه. وكانت صرحاً ثقافياً أرسته الحضارة المصرية القديمة. وعبر سبعة قرون كانت مركز الفكر والحضارة في العالم. وتم جمع المعارف من العالم بأسره حتى وصلت إلى تسعمئة ألف كتاب، وهو رقم يتعدى حدود الإعجاز مقارنة بالعالم القديم ومكتباته. بل لم توجد فيه مكتبة واحدة أخرى فيها هذا العدد من المخطوطات. وهذا يعني انه كان هناك ثلاثة كتب لكل مواطن كان يعيش في مصر في ذلك الوقت. وهو أعلى معدل للعلاقة بين الإنسان والكتاب في تاريخ البشرية. وكانت ملتقى المفكرين ومقصد كل طلاب العلم والمعرفة في العالم القديم. وفي المكتبة وضعت أسس الهندسة والفلك والرياضيات والجغرافيا وعلوم المكتبات وكانت ملتقى الحضارات والثقافات والعلوم. كانت الإسكندرية أول معهد بحثي في التاريخ، وضمت متحفاً وأكاديمية ودعت إلى وحدة المعرفة والمنهج العلمي ونادت بالتعددية والتسامح والعقلانية. وقد مر حتى الآن 1600 سنة على زوال المكتبة القديمة. ولذلك فإن بعث المكتبة الجديدة سيصبح مسألة صعبة. فالعالم القديم الذي ازدهرت فيه المكتبة القديمة لم يعد له وجود. وما نحيا فيه دنيا جديدة تماماً. وهذا يتطلب أيضاً مكتبة جديدة.
قبل الكلام عن دور المكتبة الجديدة، يقول مديرها أنه يقدر عدد الصفحات الموجودة على شبكة الانترنت اليوم ببليون صفحة، من المتوقع أن تصل سنة 2005 إلى ثمانية بلايين. فماذا ستفعل مكتبة الإسكندرية في مواجهة هذا الواقع؟ وهل ستتمكن من امتلاك هذه التقنيات الجديدة وتطوعها لحاجاتنا. وكيف نستفيد منها لاقتناء المعلومات عن بعد ومضاعفة المتاح من المعلومات فوق ما ستحويه المكتبة من مجلدات. وكيف تستخدم هذه التقنيات لعرض نتاج الإبداع المصري على الساحة العالمية؟
أربعة أدوار
انتهت عملية الإنشاء والبناء والتجهيز، وبعدها يجب إرساء القواعد المؤسسة ووضع الأنظمة المناسبة حتى تحقق المكتبة رسالتها. نحن أمام زخم الماضي، ومحاولة لاستشراف المستقبل، فماذا ستفعل هذه المكتبة في زمنها الحاضر؟ يقول مديرها: أن الدور الأول هو أن تكون نافذة العالم على مصر، أي أن تكون المكتبة نافذة العالم على الحضارة المصرية بحقبها المختلفة وما تشتمل علىه من تعدد وعمق. والثاني: أن تكون نافذة مصر على العالم: أي أن تكون هي الجهة الأولى التي يتوجه إلىها طلاب العلم في مصر للتعرف على ثقافات العالم الخارجي وحضاراته وعلومه، وبصفة خاصة حضارات وثقافات منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط والثالث: أن تكون مكتبة العصر الرقمي الجديد وذلك بأن تتمكن من الربط بين كل الجهود الكبيرة المبذولة من قبل المؤسسات التعلىمية الرائدة في العالم مثل مكتبة الكونغرس وغيرها، تسهل الوصول المباشر وبكفاءة وفعالية إلى معظم الموارد الإلكترونية للمعلومات المنتشرة في جميع أرجاء العالم. والرابع: أن تكون مركزاً للتعلىم والحوار، وأن تحقق ذلك من خلال آلية محددة في مختلف مجالات المعرفة، في العلم: لترسخ اخلاقيات البحث العلمي والتطبيقات التكنولوجية الجديدة. وفي العلوم الإنسانية: الاهتمام بقضايا التراث ومحاولة وضع مرجع علمي عن مكتبة الإسكندرية القديمة ودورها الحضاري. وفي الفنون والثقافة: إقامة المعارض إضافة إلى البحث والنقد. وفي التنمية باعتبارها هي قضايا العصر.
نحن إذاً أمام مكتبة من المتوقع أن تلعب ثلاثة أدوار: الأول مكتبي، والثاني بحثي، والثالث ثقافي. وهناك مجلس أمناء للمكتبة ترأسه السيدة سوزان مبارك يضم في عضويته - مثلاً - الكاتب الأفريقي وول سونيكا الحاصل على جائزة نوبل والروائي الإيطالي أمبرتو ايكو، وهناك مجلس للرعاة.
هذا ما قاله مدير المكتبة فماذا قال المثقفون؟ من الصعب رصد ما قيل في ثلاث جلسات استمرت كل جلسة منها ثلاث ساعات. ولكن فقط يمكن التوقف أمام القضايا الجوهرية حول دور المكتبة.
جدولة الأحلام
كانت مسؤولية المكتبة تجاه مشكلات مصر الراهنة والدور الذي يمكن أن تقوم به من أول القضايا. وطالب أمين جمعية أصدقاء مكتبة الاسكندرية الدكتور عادل أبو زهرة بأن يكون دورها هو تحديث المجتمع المصري وعقلنته وتطوره. ولكن الدكتور مصطفى العبادي وهو أول من نادى بعودة المكتبة وبعثها رأى أن مهمتها يجب أن تكون بحثية فقط. وأن المكتبة الجديدة يجب أن تبتعد قدر الإمكان عن الإعلام والأضواء وأن تعمل في صمت، وتساءل: هل يعود لمكتبة الإسكندرية مجدها القديم ليلتقي مع المجد الآتي من وراء السحب؟ أما أمين المجلس الأعلى للثقافة الدكتور جابر عصفور المجلس من أوائل المؤسسات الثقافية المصرية التي تعاونت مع المكتبة من دون حدود فحذر الجميع من ان المكتبة لن تكون بديلاً لمؤسسات الحكومة المصرية الراهنة ولا علاقة لها بفشل الوزارات المصرية الراهنة أو نجاحها فهذا ليس دورها.
أمينة المجلس القومي للمرأة الدكتورة فرخندة حسن تساءلت: ما الذي سيميز المكتبة الجديدة عن غيرها من المكتبات؟ وقالت: إن رجال الجمارك في زمن المكتبة القديمة كانوا يفتشون السفن التي تصل إلى الإسكندرية بحثاً عن المخطوطات واللفافات. وأكدت أن العلم ليس له مكان. وأكد صلاح عيسى أن المطلوب جدولة أحلام سراج الدين لأن الأحلام قد تكون أكبر من القدرة على التنفيذ. وأن المكتبة أصبحت صفحة في التاريخ ونحن أزاء مكتبة جديدة سيكون لها دور مختلف ومغاير. وقالت الدكتورة هدى الصده إن مهمة المكتبة إنتاج معرفة تصدرها للخارج. ورأى سامي خشبة أن ترجمة أساسيات العلم من مهام المكتبة. واعتبر أنور مغيث أن محاورات أفلاطون لم تترجم كلها إلى العربية. وهذه المحاورات هي عبارة عن 26 محاورة لم يترجم منها سوى ستة فقط فهل هذا معقول؟ وتساءلت الدكتورة هالة أحمد فؤاد: هل لدينا مترجمون أكفاء لهذه المهمة، وعرض جابر عصفور التعاون بين المكتبة والمشروع القومي للترجمة في المجلس إذ يمكن المكتبة أن تترجم والمجلس ينشر. وهناك بعض الأعمال لا بد وأن تترجمها المكتبة. ورأى سراج الدين ان هناك دوراً مكتبياً ودوراً بحثياً ونشاطاً ثقافياً على مكتبة الإسكندرية القيام بها وأن هذه الأنشطة ستتوازى مع بعضها، فالدور المكتبي سيكون تاريخ المكتبة القديمة وكتبها ومخطوطاتها هذه أولوية أولى، ثم الإسكندرية واستعادة دورها، ثم مصر وحوض المتوسط وتراثه وحضارته.
القضية الثانية كانت هل تصبح مكتبة للصفوة أم للجماهير؟ ووصل الأمر إلى العودة للسؤال البديهي. من هي الصفوة؟ وإن كانت مكتبة للجماهير فيكف يمكن أن يتعامل سكان أسوان في جنوب مصر والمقيمون في أسيوط في قلب صعيد مصر مع المكتبة ويستفيد منها. وعن اهتمامات المكتبة، تكلم صاحب الأعمدة السبعة للشخصية المصرية الدكتور ميلاد حنا عن غياب المرحلة الأغريقية واليونانية في تاريخ مصر. مع ان لليونان لها دوراً جوهرياً في المكتبة القديمة ولا بد من الاهتمام بهذه المرحلة، وقال الأستاذ في كلية أداب القاهرة الدكتور محمد بدوي: إن الفترة من تاريخ الاسكندر وحتى دخول الإسلام لمصر فترة ضبابية جداً وتحتاج إلى مزيد من البحث. وأضاف في لغة أقرب إلى الشعر: إن مكتبة الاسكندرية لا يمكن أن تهرب من اسمها. وتساءل: هل لدى الاسكندرية ما تقوله عن نفسها بدءاً من الإسكندر وحتى لورانس داريل وكفافيس الذي يعد شاعراً ومواطناً اسكندرياً؟ وقال الدكتور مصطفى الفقي: إن المكتبة كانت في الماضي للصفوة، وجعلها الآن للعامة قد يجعلها مثل أي مكتبة أخرى. وأنها يجب أن تكون مركزاً لتاريخ الأفكار في حياة البشرية. ورأى المفكر محمود أمين العالم أن تكون المكتبة قاطرة لنهضة تحديثية غير منفصلة عن الواقع العالمي وأن تصل إلى تنمية ذاتية مستقلة تحرر مصر من وضعها الراهن.
القضية الثالثة كانت هل تصبح المكتبة محمية ثقافية أم تبقى جزءاً من الواقع المصري الراهن؟ والذي طرح هذه القضية سؤال: ماذا سيكون الموقف لو لجأ أحد المتطرفين الى القضاء ضد أنشطة المكتبة؟ ثم أنه كيف يقرأ الإنسان في المكتبة كتاباً ممنوعاً في مصر؟ فاعترضت عميدة كلية آداب حلوان الدكتورة زبيدة عطا وقالت إن الحرية لا تتجزأ، وأن المكتبة يجب أن تظل جزءاً من حريات الواقع المصري لأن هذه الحصانة قد تعزلها عن الآخرين. وأكد الدكتور مصطفي الفقي حياد العلم الذي يجب أن تحرص علىه المكتبة. وتحدث رئيس تحرير "الهلال" مصطفى نبيل والدكتور مصطفى عبدالغني عن عروبة المكتبة، أين هي؟ إن مصر جزء من الوطن العربي. ومصر دولة دور فأين هي عروبة المكتبة؟ وردد الدكتور عبدالمنعم سعيد مقولة الكاتب اللبناني حازم صاغية التي يقول فيها: المصريون يبدأون يومهم في الصباح بتساؤل عن الذي سيتآمر علىهم في هذا اليوم. وقال: تكلمنا كثيراً عن فضلنا على الآخرين. وقد آن الأوان لأن نتكلم عن أفضال الآخرين علىنا وهي كثيرة. وتحدث عن البحر الذي تطل علىه المكتبة، وعن لا محدودية العلاقة بين الماء والسماء، والحرية التي تتيحها هذه اللا محدودية. وقال سراج الدين إن في مجلس الأمناء المكون من اثنين وعشرين عضواً، سبعة من العرب لكنه لم يقل أن من بينهم أربعة من مصر. والاعضاء العرب الثلاثة هم: حنان عشراوي من فلسطين والطاهر بن جلون من المغرب لم يقل أنه يكتب بالفرنسية ويقيم في فرنسا وعبداللطيف الحمد من الكويت. والمصريون ليس من بينهم نجيب محفوظ الذي اعتذر عن عدم قبول هذه العضوية ربما لم تعرض علىه وذلك بسبب ظروفه الصحية.
كاتب هذه السطور تساءل عن موقع إسرائيل من هذه المكتبة. لقد جرى كلام كثير عن حوض البحر الأبيض المتوسط. وبمنطق الجغرافيا فإن إسرائيل دولة مطلة على البحر الأبيض المتوسط على رغم اغتصابها فلسطين. ثم أن الدكتور مراد وهبه ذكر اسم إسرائيل صراحة في كلمته. وقال سراج الدين: إن المكتبة مؤسسة علمية وليس مطلوباً منها إعلان مواقف سياسية معينة. هذا هو العرف في العالم كله. ومع هذا لا بد من أن ندرك أن في مجلس الأمناء حنان عشراوي وهو اختيار مقصود ولم يتم بالمصادفة بكل ما يمكن أن ترمز إلىه. ثم أنه لا تطبيع مع إسرائيل إطلاقاً وتحت أي مسمى. وقال: إننا نبحث عن تمويل خارجي، ما كان أسهل ذلك ولكننا نرفض أي تمويل يتناقض مع مواقفنا. وتحدث مراد وهبة عن الكيل بميكالين في قضية التطبيع وقارن بين حالته وحالة الدكتور أحمد زويل.
تزويد المكتبة بالكتب والوثائق والمنشورات قضية مهمة. ارتبطت بتراجع دور الكتاب التقليدي وتقدم الانترنت، وفي هذا الموضوع تحدث مدير مركز الدراسات العامية والاستراتيجية في الأهرام الدكتور عبدالمنعم سعيد عن ارث المكتبة القديمة التي كان فيها تسعمئة ألف كتاب ومخطوط، أي بواقع 3 كتب لكل مواطن. ووصف عملية البعث الراهنة بكلمة واحدة: المعجزة. مكتبة كانت موجودة منذ 1600 عام ثم بعثت من جديد. واقترح الدكتور جابر عصفور أن تضاف مادة الى القانون الذي يفرض على كل ناشر أن يودع لدى دار الكتب القومية عشر نسخ من كل كتاب يصدره. وأن ينص على تسليم نسختين منها لمكتبة الإسكندرية. وبذلك تحل مشكلة التزويد المحلي. وألح مصطفى نبيل على ضرورة أن يكون لدى المكتبة كل كتاب يصدر في أي قطر عربي لصعوبة وصول هذه الكتب إلى مصر وفق آلية مستمرة. واعتبر مصطفى الفقي إنه على رغم الحفاوة لدى المصريين باقتناء الكتاب من حيث الكم إلا أننا من أقل الشعوب قراءة للكتب، ولا بد من أن نشعر بالذنب تجاه هذه القضية. وتحدث سراج الدين عن التصفح التخيلي للكتاب أي أن نتصفح صفحات الكتاب من دون لمس الصفحات. وتحدث عن فكرة التدريس عن بعد. وقال مصطفى العبادي: إن المعارف الإنسانية لم تكتمل بعد على الانترنت ولا بد من الاعتصام وراء كلمة مكتبة. وروى أن ميكيافيللي عندما كان يدخل إلى المكتبة كان يستعد لأنه سيلتقي بخيرة عقول الأرض، فالمكتبة يجب أن تلبي متطلبات العقل. واعتبر الدكتور سمير حنا صادق إن اعتبار الثقافة هي الأدب والفن والفكر هو مفهوم منقوص ولا بد من الاهتمام الشديد بالعلوم البحثية وإن كان يجب التفريق بين علوم الفلك والتنجيم وعلوم المستقبليات وقراءة البخت ومعرفة الطالع. وقال عادل أبو زهرة: هذا المكان لا يجب أن يكون مخزناً للكتب أو قواعد بيانات الانترنت. ولكن أن يصبح قاعدة للحوار يتعلم منها الآخرون فنون الحوار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.