نفت الحكومة البريطانية اي نية لديها لإنهاء الغارات الاميركية والبريطانية على جنوبالعراق، وأكدت انها ستجري محادثات مع الادارة الاميركية الجديدة بشأن العراق، وأعلنت انه "لم يطرأ اي تغيير على السياسة التي ننتهجها ازاء بغداد". لندن، بغداد - أ ف ب، رويترز - أعلن ناطق باسم الحكومة البريطانية ان لندن "مصممة على منع الرئيس العراقي صدام حسين من ان يشكل تهديدا للدول المجاورة له" و"نعتقد بأن من الضروري ان نكون متيقظين دائما ليدرك النظام العراقي ضرورة التعاون مع الاممالمتحدة". ورداً على سؤال عن مهمات الطيارين البريطانيين والاميركيين في المنطقة، قال الناطق: "انها تهدف الى مراقبة منطقة الحظر الجوي فوق جنوبالعراق". وأعلن من جهة اخرى، انه "سيتم البحث مع الادارة الاميركية الجديدة" بشأن العراق "الا اننا لا نعتزم حالياً اجراء اي تغيير في السياسة" الحالية. وكانت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية ذكرت أمس ان الحكومة البريطانية ستقترح على الادارة الاميركية الجديدة برئاسة الرئيس المنتخب جورج بوش وضع حد للغارات الاميركية - البريطانية ضد جنوبالعراق، إلا ان وزارة الخارجية البريطانية نفت انها تعتزم اجراء اي تغيير في سياساتها تجاه العراق قبل ان يلتزم بقرارات الاممالمتحدة. ومنذ عام 1992 تحلق طائرات اميركية وبريطانية بشكل منتظم فوق منطقتي الحظر الجوي الذي فرضته الولاياتالمتحدةوبريطانيا على جنوبالعراق وشماله بعد حرب الخليج عام 1991. واشارت الصحيفة الى ان الاميركيين والبريطانيين ألقوا منذ ذلك الحين نحو مئة قنبلة على مواقع عراقية استهدفت خصوصاً مواقع الدفاع الجوي العراقي. واعتبرت الصحيفة ان وزارة الدفاع البريطانية، التي انفقت حتى الآن اكثر من 800 مليون جنيه استرليني 28،1 بليون يورو لمراقبة هاتين المنطقتين، تخشى ايضاً اسقاط احدى طائراتها اثناء هذه الغارات. وأضافت ان حكومة توني بلير ترى ان عمليات القمع التي كانت تقوم بها بغداد ضد الشيعة في جنوب البلاد توقفت، وانه لم يكن هناك من داع للابقاء على منطقة الحظر في جنوب البلاد خلافاً لما هو عليه الوضع في الشمال حيث الاقلية الكردية لا تزال معرضة للخطر، بحسب لندن. وأفادت الصحيفة ان السياسة الرسمية البريطانية هي عدم وجود خطط لتغيير الموقف تجاه العراق، إلا ان مراجعة تجرى لهذه السياسة في ضوء قرب تولي ادارة جديدة السلطة في الولاياتالمتحدة. وأضافت ان لندن "على رغم استعدادها لدراسة سياسات جديدة فإنها لا تنوي التساهل مع الرئيس العراقي صدام حسين الذي ترى انه يمثل تهديداً خطيراً لاستقرار العالم"، وذكرت ان الحكومة البريطانية "تبحث على نحو متزايد فكرة التحول من فرض حظر شامل مع بعض الاستثناءات الى عقوبات تحدد مجموعة ضيقة من السلع المحظورة ولا سيما الاسلحة". وأضاف المسؤول البريطاني ان لندن كانت تبحث طرح ما يسمى "العقوبات الذكية" التي تستهدف الواردات العسكرية العراقية بدلاً من فرض حصار اقتصادي شامل تلقي العديد من دول العالم باللوم عليه في الازمة الانسانية التي يشهدها العراق. وقد يثير هذا المسعى البريطاني خلافات بين ادارتي بلير وبوش. فقد تعهد وزير الخارجية الاميركي المقبل كولن باول في اول تصريحاته بعد اختياره للمنصب ب "اعادة تنشيط" نظام العقوبات المفروضة على العراق، فيما يؤيد بعض مستشاري بوش علناً استخدام القوة الجوية وتسليح المعارضة العراقية في محاولة للاطاحة بصدام. وتلتزم بريطانيا رسمياً بعدم تغيير سياستها تجاه العراق قبل ان يبدأ في التعاون مع مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة، وهي خطوة تؤدي الى رفع العقوبات. وقال ناطق باسم الخارجية البريطانية "بعد ذلك سيعاد النظر في نظام العقوبات. لكننا لسنا في ذلك الموقف حالياً، ولسنا على وشك إحداث تغيير في سياستنا". في غضون ذلك يزداد الرأي العام قلقاً من تقارير الاممالمتحدة التي تتحدث عن سقوط ضحايا مدنيين بسبب الغارات الاميركية والبريطانية، كما تتزايد الانتقادات لهذه الغارات من جانب دول عدة، خصوصاً فرنسا وروسيا. يذكر ان بغداد لا تعترف بمنطقتي الحظر الجوي اللتين لم يصدر بشأنهما أي قرار دولي. الى ذلك، انتقدت صحيفة "الثورة" العراقية أمس بعثة المراقبة التابعة للامم المتحدة في العراق والكويت لصمتها ازاء طلعات الطائرات الاميركية والبريطانية فوق منطقة حظر الطيران في جنوبالعراق، و"تعريض امن العراق ومواطنيه للخطر وممارسة القتل والتدمير على مسمع من العالم"، واتهمت بعثة الاممالمتحدة بأنها "سكتت سنوات عن هذا العدوان اليومي ولم تشر اليه في تقاريرها حتى بعدما أخذ العراق يصدر تقارير رسمية يومية بهذه الاعتداءات". واتهمت بغداد أول من امس مسؤولاً في الاممالمتحدة يعمل في البعثة بانتهاك القوانين العراقية وطلبت من المنظمة اعفاءه من مهماته في البلاد. على صعيد آخر، ذكرت وكالة الانباء العراقية أمس ان الرئيس العراقي صدام حسين ترأس اجتماعاً مشتركاً لمجلس قيادة الثورة وقيادة قطرالعراق لحزب البعث خصص ل"بحث الموقف السياسي العام". ولم تذكر الوكالة اي تفاصيل عن المواضيع التي تم بحثها في الاجتماع الذي يأتي بعد يوم واحد من اجتماع عقده مجلس الوزراء برئاسة صدام حسين وكرس للبحث في تطورات الانتفاضة الفلسطينية ومسألة استخدام الولاياتالمتحدة اليورانيوم المنضب في العمليات العسكرية ضد يوغوسلافيا. القرار 1284 إلى ذلك، صرح رئيس المجلس الوطني البرلمان العراقي سعدون حمادي أمس ان موافقة العراق على عودة مفتشي نزع الاسلحة طبقاً لما نص عليه قرار الاممالمتحدة الرقم 1284 "تعني العودة الى نقطة الصفر". ونقلت وكالة الانباء العراقية عن حمادي قوله خلال استقباله وفداً من جمعية "كاريتاس" الدولية للأعمال الخيرية ان "القرار 1284 يهدف الى اعادة كتابة القرارات السابقة للأمم المتحدة والعودة الى نقطة الصفر"، موضحا ان "موقف العراق ثابت من هذا القرار". يذكر ان القرار 1284 الذي اعتمده مجلس الامن في كانون الاول ديسمبر 1999 يشترط قبول العراق "التعاون التام" مع هيئة جديدة للتفتيش لمراقبة اسلحته في مقابل رفع العقوبات المفروضة على بغداد منذ آب اغسطس 1990 لفترات محددة ب120 يوماً قابلة للتجديد.