على رغم بعض الاتجاهات الذاهبة الى نفي فنون الخط العربي والزخرفة من فضاء اللوحة التشكيلية المعاصرة، فإن هذا الفن وخصوصاً في ثقله التاريخي، أشعرنا خلال معرض "المرئي والمسموع" انه نسيج وحده. فهو قد يقترب من فضاءات اللوحة كثيراً وقد يبتعد أيضاً وبالمسافة نفسها. وذلك هي خصوصيته كفن عربي اسلامي له جماليته الخاصة وحدته المتناغمة مع تراث متفرد ومميز. وكان هذا الفن بدأ بخط المصحف في لحظة مبكرة من تاريخنا، ثم تطور فبات ظاهرة فنية صرف لها مدارسها واتجاهاتها. وقد طوّرت كل مدرسة أسلوبها في التعامل مع الوحدات الهندسية والزخرفية بما يتناسب وروح العصر الذي كتبت فيه. ولكنها أبداً ظلت تتناغم عبر التجريد مع اللحظة القدسية للوصول الى الكمال عبر بحثها الدائم عن صيغة جديدة تتناغم مع وجه من وجوه المطلق. كما انها في الوقت نفسه تعبر عن لحظة جمالية أو رؤية بصرية لها أهميتها. وعبرت الأعمال الفنية التي عرضت في متحف الفنون في الشارقة عن هذه الاتجاهات جميعاً. ففي الاتجاه التقليدي المحافظ على الأصالة، تم تكريم الخطاط العراقي الشهير هاشم البغدادي 1917 - 1973، وتصدّرت لوحاته صالات عدة من المعرض، وعكست جماليات الخط العربي الكلاسيكي الذي أسس له فنانون كبار من مثل ابن مقله وابن البواب وياقوت وحامل الآمدي وغيرهم. والى جانب البغدادي جاءت الأعمال المتنوعة للخطاطين الضيوف: عمر محمد الحسن محمد علي درمه السودان. لي وين يان الصين. محمود ابراهيم أحمد سلامه مصر. ناصر عبدالعزيز الميمون السعودية، اضافة الى الخطاطين المشاركين وهم كثر. وفي جناح الأعمال الحروفية، عرض كل من: أحمد خان باكستان. حامد محمد عبد النبي مصر. حسين الزندرودي فرنسا. علي حسن قطر. منير الشعراني سورية. وتنوعت لوحاتهم بين عناصر التشكيل والخط، وقدمت اجتهادات جديدة على هذا الصعيد. وقدّم منير الشعراني ثلاثيته "جلجامش وأنكيدو" من خلال ثلاثة أعمال يعتمد كل منها احدى ترجمات الأسطورة المعروفة بتحقيق تجلّت فيه خصوصيته وموهبته الفنية. والى ذلك فإن المراقبين اعتبروا ان المعرض لقي نجاحاً أكيداً، نظراً الى استقطابه أهم الخطاطين والحروفيين المعروفين والذين بلغ عددهم قرابة الخمسين، مما يؤكد الدور الكبير الذي تبذله دائرة الثقافة والاعلام، وادارة الفنون في الشارقة. وعلى هامش المعرض أقيمت ندوة فكرية تحت عنوان "منهج الفن الاسلامي وتأثيره في الفنون البصرية المعاصرة" ترأسها هشام المظلوم مدير ادارة الفنون، وأدارها الفنان طلال معلا، وتحدث في الجلسة الأولى كل من: محمود ابراهيم سلامة التنوع السكاني في العالم الاسلامي وأثره في إحياء جماليات الخطوط العربية، منير الشعراني الخفيّ في الجليّ، عمر محمد درمه حامد الآمدي خطاط القرن العشرين، صلاح شيرزاد الخط العربي في اللوحة، محمد مختار الخط العربي وأثره في إحياء القيم الجمالية التشكيلية. وترأس الجلسة الثانية الفنان صلاح الدين شيرزاد العراق، وشارك فيها: سلوى بكر المرأة وفن الخط العربي. قرأت عنها بالنيابة، تاج السر حسن الخط والحاسوب، علي ندا الدوري العالمية في الخط العربي وأسبابه. وأقيمت ورشة بصرية للفنان حسين زندرودي.