لم يكن رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري يراهن على أن يحظى اقتراح زيادة الخمسة آلاف ليرة على فواتير الهاتف الثابت والخلوي، لدعم إعادة النظر في هيكلية الإعلام الرسمي، بموافقة مجلس الوزراء والنواب، بمقدار ما أراد إشراك السلطتين التشريعية والتنفيذية في البحث عن حلول جذرية لوقف الإهدار. جاء اقتراح مشروع قانون الموازنة بتمويل دمج مؤسسات الإعلام الرسمي، عبر فرض رسم شهري قيمته خمسة آلاف ليرة شهرياً على المواطنين، أشبه بقنبلة دخانية، خصوصاً أنه لقي معارضة، وهذا ما أتاح لمجلس الوزراء أن يبتعد عن التجاذب السياسي أثناء معالجته القضايا التي أثارتها بنود الموازنة، بدءاً من طلب عدد من الوزراء إدخال زيادات على موازنات وزاراتهم، وانتهاء بإدخال التمويل المطلوب لموضوع الإعلام، في صلب الموازنة، بعد صرف النظر عن اقتراح فرض رسم الخمسة آلاف. فالاقتراح ولّد سجالاً على التمويل من جهة، والإهدار في مؤسسات الإعلام الرسمي الذي أثاره رافضو الرسم المقترح، في شكل أظهر أن ثمة مشكلة في هذه المؤسسات أساسها الفائض الكبير في العاملين فيها يفترض الاستغناء عنهم. وتعتقد أوساط رسمية أن السجال الذي دار أدى الى جعل القوى المعنية والرأي العام طرفاً في الدفاع عن التدابير والإجراءات التي سيلجأ إليها وزير الإعلام غازي العريضي، مدعوماً هذه المرة من مجلسي الوزراء والنواب، لأن التأخر سيؤدي حتماً الى تطويق اندفاعة الحكومة نحو معالجات تشمل الكثير من المؤسسات والإدارات والمصالح التي تشكو من الإهدار. وعلمت "الحياة" أن الحكومة تخطط لأبعد من فتح ملف الإعلام الرسمي، عبر تصديها لأوضاع عدد أكبر من المؤسسات بهدف إشعار المستثمرين من عرب وأجانب بأنها قررت إعادة الاعتبار الى هذه المؤسسات، بما يشجع على الاستثمار فيها إذا اتجهت الدولة الى خصخصتها. فخطة وقف الإهدار ستطبق دفعة واحدة على كل المؤسسات والإدارات، بما يضع صدقية الدولة أمام المحك، خصوصاً أن السلطة التنفيذية ترغب في إشراك المجلس النيابي في مسؤولية هذا التوجه، بعيداً من حساب الربح والخسارة "الانتخابي" دفاعاً عن المال العام. وأكدت مصادر وزارية أن الحكومة ستعيد النظر في إطار دراسة أوضاع شركة طيران الشرق الأوسط في ضوء التقرير الذي يعده رئيس مجلس إدارتها محمد الحوت، بقانون الطيارين، بما يسمح للشركة أن توظف طيارين من غير اللبنانيين بغية قطع الطريق على الضغوط المستمرة التي تواجه الشركة تحت عنوان استجابة مطالبهم. وبالنسبة الى قرار مجلس الوزراء خصخصة الوكالة الوطنية للإعلام والإذاعة اللبنانية لمصلحة "تلفزيون لبنان"، علمت "الحياة" أن العريضي أوشك الانتهاء من إعداد الإجراءات القانونية التي تسمح للتلفزيون بشراء هاتين المؤسستين بسعر رمزي جداً، تمهيداً لتشكيل هيئة عليا، تكون بمثابة مجلس إدارة للإشراف على الإعلام الرسمي. ولفتت مصادر رسمية الى أن العريضي أنجز بالتعاون مع المعنيين في الإعلام الرسمي دراسة عن حاجته من العاملين للاستغناء عن القسم الأكبر منهم، وإحالة القسم الآخر على مجلس الخدمة المدنية لتوزيعهم على الإدارات، خصوصاً أن مجلس الوزراء كان قرر وقف التوظيف وحصلت "خروقات" لهذا القرار. وستُدفع للمصروفين تعويضات بعد تسوية أوضاع المياومين في مؤسسات الإعلام الرسمي، والذين لا يستهان بعددهم، استناداً الى قاعدة إعادة النظر في العقد الجماعي المعمول به في تلفزيون لبنان الذي يضاعف التعويضات. فهل تجتاز الحكومة اختبار التصدي لواقع الإعلام الرسمي، أم أنها ستضطر الى التراجع تحت وطأة ضغوط "أهل البيت" في أعلى هرم الدولة؟