أثناء اقامة احتفال، لمناسبة حصول فريق التمثيل في مدرسة التوفيقية الثانوية في ضاحية شبرا في القاهرة، على الميدالية الذهب، اكتشف المسؤول عن النشاط المدرسي آنذاك محمد بك علوان كروان الاذاعة الفتى أحمد توفيق ورشحه ليجسد شخصية عبدالله بن مسعود مع المخرج صلاح أبو سيف في "ظهور الاسلام"، أول فيلم سينمائي إسلامي على المستوى العالمي. وايماناً بموهبته ألحقه بالاذاعة المصرية التي أجيز فيها ممثلاً، من خلال اللجنة التي ضمت السيدة تماضر توفيق رئيسة قسم الدراما فيها آنذاك، والفنانين محمود السبّاع ومحمد توفيق والمخرج يوسف الحطاب. كانت تلك بداية الممثل والمخرج أحمد توفيق الذي قدم الكثير من الأعمال الناجحة سواء في التلفزيون أو السينما تمثيلاً من خلال أفلام "القاهرة 30" من اخراج صلاح أبو سيف، و"شيء من الخوف" و"ثرثرة فوق النيل" لحسين كمال، و"على من نطلق الرصاص" لكمال الشيخ، و"حافية فوق جسر من الذهب" لعاطف سالم و"الغرقانة" لمحمد خان، وأخيراً "القبطان" لسيد سعيد الى جانب الكثير من المسلسلات التلفزيونية، وكانت آخر أدواره في مسلسل "لما الثعلب فات" في رمضان الماضي أمام محمود مرسي ويحيى الفخراني. وعلى صعيد الإخراج قدم أعمالاً تلفزيونية عدة، منها "محمد رسول الله" و"جاء الإسلام بالسلام"، و"الإسلام والإنسان" و"الثمن" و"الشاهد الوحيد" و"عم حمزة" و"لا يزال الحب مستمراً" و"عمر بن عبدالعزيز" و"هارون الرشيد" و"لن أعيش في جلباب أبي" و"الحسن البصري". وعن مسيرته الفنية تحدث الى "الحياة": عقب تخرجك في معهد التمثيل، هل اتجهت أولاً الى الاخراج أم الى التمثيل؟ - سارت المسألة في خطين متوازيين. فعقب تخرجي بدرجة امتياز، اختارني الدكتور عبدالقادر حاتم للعمل مخرجاً للدراما في التلفزيون، وأثناء قيامي ببطولة مسرحية "ثمن الحرية" رشحني المخرج صلاح أبو سيف الى المشاركة في فيلم "لا وقت للحب"، أمام فاتن حمامة ورشدي أباظة وصلاح جاهين. انحصرت أدوارك في النوعية المركبة دون غيرها، ما السبب؟ - ترشيحي الى أي عمل ليس معناه انني أوافق عليه قبل قراءة النص، سواء كان في الاذاعة أو التلفزيون أو السينما، علماً انني كنت لا أحب الإكثار من التمثيل في التلفزيون إلا اذا كان الدور مناسباً لي ولن يجعل المشاهد يتضايق من رؤيتي، لأنني كنت مؤمناً وما زلت بأن الممثل الذي يكثر من العمل يقال عنه "تفتح الحنفية تلاقيه". وكيف كانت بدايتك مع الاخراج؟ - من خلال مسلسل "رسالة السماء" من تأليف الكاتب السوري الراحل ظافر الصابوني، وشارك في بطولته محمد الطوخي ومحمود المليجي وكريمة مختار وحمدي غيث وسعيد أبو بكر، الى جانب أحمد مظهر وبرلنتي عبدالحميد في أول وقوف لهما أمام كاميرات الشاشة الصغيرة. بعدها فوجئ التلفزيون عام 1965، قبل رمضان بأسبوعين، انه في حاجة الى مسلسل ديني، فدخلت الاستوديو بمسلسل "عجوز خيبر" الذي كنت أعددت أوراقه مع المؤلف منذ زمن طويل، وشكلت فريق عمل، ولم أخرج من الاستوديو حتى انتهيت من تصوير الحلقة الأخيرة في 25 رمضان. عندها أصبت بإغماء، ونقلت الى منزلي مصاباً بالتواء في العمود الفقري. ثم توالت أعمالي ومنها "الاسلام والإنسان" و"جاء الاسلام بالسلام"، والجزء الرابع من "محمد رسول الله". وفي هذا العمل حدثت مشادة بيني وبين مونتير الفيديو محيي الدين محمد بسبب اختلاف في وجهات النظر. ومذ ذاك أصبحنا صديقين، ولم نفترق في أي مسلسل اخرجته. ولماذا كان تركيزك على الأعمال الدينية دون غيرها؟ - معظم هذه الأعمال كان رداً على الادعاءات الصهيونية الكاذبة والملفقة التي كانت تظهر بين الحين والآخر للتقليل من قيمة الدين الاسلامي وعظمته. فمثلاً عملت الصهيونية العالمية الفيلم السينمائي "سيف الإسلام" وكانت مقدمته عبارة عن سيف عربي يظهر في الكادر ثم يضرب الكرة الأرضية ويفتتها ويرتفع مرة ثانية في الكادر، وهو يقطر دماً، بمعنى ان هذا هو سيف الاسلام، وأن المسلمين لا يعرفون في دينهم إلا لغة القتل وسفك الدماء. هذا فضلاً عن ان الصهاينة ارادوا، من خلال أعمالهم، أن يثبتوا ان العلوم الحديثة، من طب وعمارة وفلك وعلم اجتماع وغيرها من نتاجهم. فكانت أعمالي الدينية ومنها "الاسلام حضارة" رداً عليهم، وأثبتنا بالأدلة القاطعة ان كل علماء الطب والفلك والهندسة والكيمياء والنجوم والكواكب وغيرها ابتدعها فلاسفة ومفكرون اسلاميون لا يزال التاريخ يذكرهم الى الآن. ما مقومات المخرج الذي يمكن ان يتولى اخراج الأعمال الدينية والتاريخية؟ - أن يكون ملماً إلماماً تاماً بالحقبة، موضوع العمل، وأن يكون على دراية كاملة بسيكولوجية الشخصيات التي تتحرك في المسلسل، الى جانب اجتماعاته مع المؤلف ومراجعتهما العمل ليس أقل من ثلاثة أشهر، للتعرف مثلاً الى نوعية ملابس تلك المرحلة والأدوات المستعملة فيها، ووضع الديكورات المناسبة. وماذا عن مسلسل "الحسن البصري" الذي عرض في رمضان؟ - تدور الأحداث على الحسن البصري أو الحسن بن يسار مولى زيد بن ثابت الذي شب في بيوت النبي وروى عن عثمان بن عفان وعمران بن حصين وابن عمر وابن عباس، وعلا نجمه وتدرج من قاض لمسجد البصرة الى قاضيها، ورفض الفتن التي شهدها عصره وتركها وان لم تتركه، إذ حبسه ابن الأشعث وهدده بالحجاج وغيره، فهرب فاراً من الفتنة. وهو من أخطر المؤثرين في الفكر الإسلامي. ووقع اختياري عليه لأتولى اخراج مسلسل عنه، لأنه يعالج محنة الفتنة التي نعانيها هذه الأيام، والتي وقع فيها معظم الدول الاسلامية والعربية، حتى اصبحنا نرى الأخ يقتل أخاه والأبن يقف ضد أبيه.