} "عام على رحيل سلطان العويس" عنوان التظاهرة الأدبية والفنية التي أحيتها المؤسسة التي تحمل اسم الشاعر في دبي خلال يومين وشارك فيها عدد من النقاد والأدباء والرسامين العرب. ولم تشأ المؤسسة أن تحصر الاحتفال بالذكرى الأولى في ندوة أدبية بل عهدت الى بعض الرسامين الإماراتيين والعرب أن يستوحوا شعره وينقلوه الى عالم اللون والخطّ ويعرضوا لوحاتهم كشهادات تشكيلية - شعرية. ومن النقاد الذين تناولوا شعره وتجربته و"مواضيعه" الشعرية: يوسف نوفل، محمد الدناي، وليد قصاب، يمنى العيد، وليد خالص، محمد القاضي، رمضان بسطاويسي، محمد جمال باروت وسواهم. وشارك في تقديم الجلسات وفي بعض اللقاءات أدباء آخرون ومنهم: جمال الغيطاني، محمد المطوّع، علوي الهاشمي، أحمد فرحات، محمد المرّ، ناجي بيضون، الميداني بن صالح... ومن الرسامين الذين شاركوا في المعرض الجماعي الذي حمل عنوان "بصائر": إحسان الخطيب، تاج السرّ حسن، حكيم الغزالي، طلال معلا، عبدالرحيم سالم، عبدالقادر حسن المبارك، عبدالكريم السيد، محمد عيسى خلفان، نجاة حسن مكّي... والشاعر سلطان العويس الذي رحل قبل عام كان أسس جائزة أدبية تمنح كلّ سنتين لكتّاب ومفكّرين عرب. وفاز بها حتى الآن أربعون مبدعاً عربياً. هنا مداخلة الناقدة يمنى العيد عن شعر سلطان العويس وتقديم للمعرض التشكيلي كتبه الفنان طلال معلا. ما هي العلاقة بين حياة الشاعر وشعره؟ هل يستقل النص عن صاحبه كما ينظر لذلك معظم النقد الحديث؟ وفي حال وجود علاقة ما، كيف تتحدد أو تتجلى، وهل تترك هذه العلاقة أثراً يتحكم بفنية النص؟ تتوالد الأسئلة ويبقى محورها واحداً يدور حول العلاقة بين الشاعر ونصه، بين النص ومرجعياته، علماً أن الشاعر، باعتبار حياته وتجربة عيشه وثقافته هو بين هذه المرجعيات. أسئلة لها تاريخ في المباحث النقدية يتجاوزني، ويتجاوز وقفة عند شاعر عزمت على تناول شعره في فسحةٍ من وقت قد لا تسعفني للذهاب بهذه الأسئلة حيث يستدعي البحثُ الذهابَ بها. غير أنَّ الشاعر نفسه أسعفني، ليس فقط بمقطوعاته الشعرية التي قرأتها فوجدتها تتوهَّج بهذه العلاقة الحميمية بينه وبينها، بل أيضاً بتنظيراته اللمحية والنافذة في آن الى جوهر المسألة الجمالية التي بها يتشكل شعرُه، بل الشعر بصفته علاقة ابداعية بين الذاتي وتعبيراته الفنية. ففي مقابلةٍ أجريت معه، يقول سلطان العويس، الشاعر والإنسان: "بالكلمة الجميلة أيضاً يعيش الإنسان. والشعر سيدُ الكلام... يعمل على استقطاب الآخرين وشدهم الى مضطرم جاذبيته"! ان ما يلفتنا في قوله هذا هو أولاً هذه المعادلة التي يقيمها بين الكلمة الجميلة وبين الحياة بصفتها ما نعيش. وكأنه باعتباره الشعر "سيد الكلام" وليس سيد اللغة يحيلنا على ما ينطق به الإنسان، أو ما يتلفظ به، أي على ما هو حيّ، راهني وشخصي. كأنه ودَّ أن يوضح قصده من "الكلمة الجميلة"، فهي ليست، في هذا القصد، جمال المنجز، بل هي جمال ما نعيشه ونمارسه في هذه الحياة. كأنه يقول إن الحياة ليست زمناً مجرداً، أو مطلقاً، بل زمن نعيشه، نحياه، نجرّبه... والشعر بما هو كلمة جميلة، هو قول هذه الحياة وتجربة الشاعر فيها. يلفتنا ثانياً في قوله هذا، اضافته التي ترى أن الشعر "يعمل على استقطاب الآخرين وشدهم الى مضطرم جاذبيته". وهو ما يشير الى ان الجمالية الشعرية هي جمالية بقدر ما هي شغل فني "يعمل على استقطاب الآخرين". كأن يقول إن الصياغات الشعرية وكما مارسها هو في شعره، أو كما على الشعر أن يمارسها، هي صياغات تعمل على توليد مساحة التواصل بين الخطاب الشعري والقارئ/ السامع. ففي مساحة التواصل هذا تكمن متعة القراءة المنوطة بهذه الجاذبية وقد اضطرم بها الكلام الشعري وولدت صياغاته جماليته. الجمالية بهذا المعنى المضمر في أقوال العويس، هي استجابة فنية لما يربط الإنسان بالإنسان، أو لما يشكل سؤاله العميق باعتبار علاقته بالحياة في تنوع تجاربها وتمايز أشكال التعبير عنها. ولكي ندرك أهمية وجهة نظر العويس المتعلقة بفنية الشعر وبتوليد جماليته المرتكزة الى التواصل، أشير الى ان مفهوم التواصل، ومن منظور علم النقد الحديث، هو استراتيجية بناء يمارسها المؤلف وفق توجهٍ ما. وهي بذلك فنية النص المحددة، اجرائياً، بقطبين: القطب الأول هو المؤلف في علاقته بنصّه، والقطب الثاني هو القارئ/ السامع في علاقته بهذا النص. ولئن كان المؤلف هو حياة وثقافة ومعرفة فنية تخص خطابه ونوع هذا الخطاب، وكان القارئ/ السامع هو ذاكرة مرهونة بثقافته وزمنه ومعاييرهما" فإن النص يصبح مساحة تلاق ثري ومعقد على قاعدة متعة التلقي وجماليته. بحسه السليم وبصفته شاعراً، لامس العويس هذه الاستراتيجية عندما قال إن الشعر "يعمل على استقطاب الآخرين". وعندما ربط هذا الاستقطاب بجاذبية تجد مصدرها في حرارة التعبير، أو في وهج الكلمة، في ما يصوغ جمالها، أو في الذاتي الحميمي المتشكل فنياً على قاعدة التواصل. أود من هذا التوضيح أن أقول بإنه إذا كانت الاستراتيجية الفنية لبناء النص تنطوي، غالباً، وحسب ما بين النقد الحديث، على القصدية والوعي الهادف، وتفترض من ثم كد الاشتغال" فإني لاحظت من خلال قراءتي نص العويس الشعري ان فنية هذا النص تنبني بأقل ما يمكن من التقنيات تعقيداً، بأسلسها وأكثرها ألفة، وبحرص ملحوظ على الايقاع الموسيقي كأنْ تبدو وكأنها تدفق من القلب، أو طفرة من الروح. وكأن النص بهذه الفنية يوفر أكثر المساحات اتساعاً وأعمقها دلالة مشتركة بينه وبين السامع/ القارئ. على قاعدة التواصل كان نصُّ العويس الشعريُّ يتشكل بجمالية هي، كما ارتأيت تسميتها، جمالية البساطة. ولعل سر هذه الجمالية يكمن في كونها تعبيراً عن هذه العلاقة بين الشاعر وحياته، حتى لكأن النص هو شكل لغوي ينسج علاقة جسدية بين الأنا وما يعيش، شأن الشاعر معها شأن من يتنفس أوكسيجين الهواء، أو يعبُّ من مياه لا يرتوي بها عطشه للحياة فيدعها لتبقى الرغبة فيها مضطرمة. الحبُّ هو نبض الحياة، حياة الشاعر. والحبُّ هو كلمة شعره وجماليةُ فنّه. لا شكل ولا مضمون، ولا قصدية فنية، بل بوح ينطوي على صمته، وتعبير متروك لحاجته. تعبير قوامه الحب، وحب هو لب الحياة. "لا بدَ من العشق في هذه الحياة" يقول العويس بوضوح على ركام التجربة وما كان يعيشه قبل أن يودع الحياة. يقول العشق ليقول الحب، أو ليقول ما هو في الحب الأقوى، والأعمق، والأكثر جمراً. ليقول شوق التواصل الدائم، الرامز الى استحالته، لأنه شوق التماهي والنزوع الصوفي الى التوحد مع الحب والوجود، مع الحياة والزمن. المرأة موضوع، هذا صحيح، لكنها كذلك في ضوء حب له معنى الضرورة، إذ به تصبح الحياة ممكنة. هكذا يتكرس الشعر للحب وكأنه يتكرس للحياة. معبراً عن الحب بمعانيه هذه، يقول: "ليلي وصبحي في هواك تنافسا/ فالصبح وجهك والخيالُ له الكرى". يحوِّلُ الشاعر زمن حياته الى زمن حب، أو يجعل من زمن الحب زمناً لحياته، يصير الوجود كله، بالنسبة له، هو هذا الزمن. فهو وحده حضور: والتنافس ليس تنافساً بين زمنين، هما، في المعلوم، زمن الموت وزمن الحياة، بل هو تنافسٌ بين وجهين للحياة يتناوبان حب الحبيب، على حضوره في اليقظةِ وعلى حضوره في الكرى. واقعٌ وخيال هما الزمن وهما بالشعر حقيقة يعيشها الشاعر إذ تصوغ هذه الحقيقة دورة زمنه، أو ليله ونهاره. يملأ الحب ذاكرة وجود الشاعر، ويصبح زمنه زمن ما يحيا ويعيش. أو لنقل ان وجود الشاعر يعادل زمن ذاكرة منشغلة بالحب تنسجه شعراً. الذاكرة والمحو لا ذاكرة للموت. بل لعلّ له ذاكرة، لكن الشاعر يعمل على محوها. يقول: "في حال الحب نقع مباشرة في النسيان... نسيان الموت... نسيان كل ما ينغص علينا الحياة. العاشق الحقيقي هو سيد النسيان بامتياز، ليبقى هو الوحيد مع الحب". بالحب يخلق الشاعر بديلاً به يقاوم ذاكرة الموت. يدفع بالموت الى نسيانه، الى الصمت، فيغدو الكلام، كل الكلام، كلاماً للحب، يشغل اللغة لتغدو، بدورها، مرآة حياة ووجود. تشي هذه العلاقة بين الحب والحياة وبين الموت المسكوت عنه بقصدية فنية بها يتشكل شعر الحب لدى العويس. انها استراتيجية المعنى في علاقته بالشكل. أي هي استراتيجية الصياغات التي تبدو منفلتة من قيود الشكل وعناء التفنن فيه أو حدثنته. فصياغات العويس الشعرية تحفل، أساساً، بالموسيقى المستمدة من بحور الشعر العربي الموروث وأوزانه. يحرص الشاعر على هذه الموسيقى. غير ان حرصه لا يعني التمسك بالموروث لذاته، بل هو حرص من يوظف موسيقى الوزن لتوليد متعة التواصل. ان موسيقى الوزن، كما نعلم، هي عامل تواصل جمالي مرهون بالسماع والمشافهة، بتوصيل المعنى وتحسس دلالته الفنية بأكثر من القراءة، بالإيقاع الذي يوسع مساحة التواصل ويغنيها. هكذا تحفل صياغات العويس بالثنائيات التي يواكب بها المعنى الايقاع الموسيقي ويدعم عملية التواصل. نقرأ على سبيل المثال قوله: "باتوا مع الليل أقماراً بلا وسنٍ / وفي الصباحِ حوتهم فرشُها السررُ". صورتان تتوازيان، ومعنيان يتقابلان على قاعدة التضاد الدلالي وفواصله الموسيقية: أولاً: صورة الليل، العتمة المضاءة بالسهر والحركة، بأقمار هي عيون بلا وسن ووجوه مملوءة بالحياة. ثانياً: وصورة الصبح، الضياء، وقد انطفأت فيه الحركة وسكنت الحياة حتى لكأن النهار عتمةٌ بعد ليل كان هو الضياء. تتصادى الصورتان، بل تتصادى الدلالات مع موسيقى البيت التي يولدها توازي التفعيلات بين صدر البيت وعجزه. لكن الصياغات التي تستمد من الموروث الشعري موسيقاها لا تبقى أسيرة جماليته، بل تعمل على تطويع الشعر لحاجات القلب ولحميمية المشاعر مولدة بذلك جماليته الخاصة. تنهض هذه الجمالية، أو ما سميته جمالية البساطة، بالاشتغال على توليد صورة الحقيقي بصفته صورة للعلاقة بين حياة الشاعر وشعره، وبالعمل على تشكل هذه الصورة بصدقية هي عفويتها التي توفر امكان التواصل الأرحب وربما الأكثر متعة بفضل ما يوحي به وما يحيل عليه، خصوصاً ان الذاتي الموحى به والحميمي المحال عليه هو، بموضوعه الحب، هو المشترك بين الشاعر والآخر على قاعدة نشدان الإنسان للحياة. كأن ما يقوله الشعر حول الحب والحياة ونسيان الموت يحيل القارئ على ذاته ليحاورها، وعلى الوجود ليتبصّر فيه. وقد تعدي هذه الجمالية ببساطتها القارئ/ السامع فينسى الموت ويستبدل به الحياة. قد يدخل في لعبة الشاعر الشعرية بعد أن بدا جمال الحياة فيها على هذا النحو من جمالية الصدق البسيط. نقرأ: "تغلغل الحبُّ حتى صار لي نفساً/ أعيشه نغماً في موكب العمر". قد يترك ما نقرأ أثراً فينا يدفعنا لنشدان الحب سبيلاً للحياة. يتولّد أثر الشعر على القارئ، غالباً من صدق التجربة، من حرارة حميميتها، من عفوية التعبير... فكيف إذا سعى الشعر للذهاب بعيداً عن دلالة ما يعبر عنه، وكان هذا الذي يعبر عنه هو الحب؟ فالحب الذي موضوعه المرأة في شعر العويس يتكشف، في السياقات النصية، عن كونه حباً للكلمة وعشقاً لجمالها. كأن الكلمة معادل لحياة مآلها الموت. أليس هذا ما أضمره جوهر الكتابة الإبداعية والشعر سيدها؟ والحب الذي صار في دلالة له حباً للكلمة وجمالها هو في دلالة أبعد، تجربة وجود توحي بأعمق معانيها في قول الشاعر: "دعوا الحب يأخذ ما تبقى فإنني / وجدت رماد الحب أقوى من الحب". الحب والحرية ينفتح الحب بهذه الدلالات ومعها على الحرية بصفتها انعتاق الإنسان من قيود الزمن، ومن كل ما يستهلك وجوده العابر. كأن الحب هو عبورٌ حر لزمن الحياة، لزمن هو في الشعر وجودٌ جميل. لا فرق بين الحرية والحياة "كلاهما في الصميم من كيان الإنسان"، يقول رابطاً بين الحرية والحب في معادلتهما للحياة والوجود. يتوهج شعره بهذه المعادلة، يصوغها صوراً موسيقية. يتهادى الحب على ايقاعاتها، وتشتبك المعاني في فضاءاتها. يطفو الحب، يعمُ، يغمر ما عداه ولا يعود من وجود لكلام سواه. يستأثر الحبُّ بالشعر من دون أن يستأثر الشعر بالشاعر الذي استأثرت به الحياة فعاشها تجربة بدت في مغزاها العميق، نزوعاً فلسفياً يواجه الموت ويراهن على ربح الحياة. بهذا النزوع الفلسفي كانت اللغة تنبني في مقطوعات قصيرة ودّها الشاعر أن تبقى في حدود الدفقة، علها تحتفظ بزخمها، ويُشحن البيت "بطاقة شعرية هائلة". من هذا المنطلق النظري، كان العويس يبني صورة الحبيبة، المرأة الأنثى، موضوع الحب والشعر. الحب الذي يعادل الحياة. والشعر الذي هو جمال هذه الحياة. يرنو الشاعر الى الحب وأشواقه موزعة "في الوجه"، في "القد"، "في تسريحة الشعر"، في "اتكاءة بها غنج"، في نهد "أبرزه الصدر"، في التفاصيل، في مكونات الصورة، في كل ما يخصصها ليكون الشعر تعبيراً عما هو حي وحار وصادق في حياته. يتسع فضاء الصورة... يتسع ليشمل الندماء والكؤوس... القيثارة والمغني. يتسع ليحاور الطبيعة وقد استجاب روضها لجموح الحب وجارى نسيمها اغراءات الحرير المائج فوق الجسد الأنثوي. يتسع فضاء الصورة لتصير الدنيا أغنية ويصير الحب احتفالاً بهيجاً بالحياة. "جمح الحب بنا يا صاحبي/ بعد أن كان الهوى في المعقل/ وإذا الدنيا لنا أغنية/ يرقص الروض بها للجدول". من أجل هذه الحياة لا يتورع الشعر عن خلخلة اللغة، هو الملتزم بالوزن الموروث لا يتورع عن خلخلة لغة هذا الموروث وقواعد عموده التي نصَّت على شرف المعنى. لكن الخلخلة لا تصدر عن قصدية تستهدف اللغة لذاتها شأن بعض الشعراء المحدثين، ولا عن غرض يطول الهوية، أو الانتماء القومي شأن بعض الإيديولوجيين" بل تصدر الخلخلة عن حاجة التعبير كما يتلجلج به صدر الشاعر، وعن ضرورته الفنية كما يراها ويؤمن بها، كي يبقى الشعر مساحة تواصل رحب، دافئ، لا تغرِّبه اللغة عن مرجعياته الخاصة، عن معيوشه، وعن كلام ترفضه بلاغة اللغة فقط لأنه من اليومي الأليف. هل هو الحرص على البساطة ومتعة التواصل بين النص والحياة، وبين النص والقارئ/ السامع؟ هل هي العلاقة بين الشاعر وما يعيش؟ هل هي فلسفة في العيش ونظرة الى جمالية الشعر؟ ربما! نقول ربما ونؤكد أن البساطة كانت تشف عن شاعر أصيل، واسع الاطلاع، عميق بثقافته، يتذوق التراث الشعري، يمتلك قواعد شعريته تملك القدير على التصرف بصياغاته، وتجديد معانيه باستعادتها في السياق المختلف، شأنه في ذلك شأن كل المبدعين، بل شأن كل ابداع شغل النقاد بما سمي قديماً بالسرقات، وبما سمي حديثاً بالتناص. ولئن كانت الاستعادة دليل مقدرة، وتجديد المعاني ميزة فنية، فإن جمالية البساطة التي حاولت تبيانَ مقوماتها وخصائصها هي ما يميز شعر العويس فنياً ويولد متعة قراءته. فتحية لروح الشاعر الذي فاض شعره عن صمت بقي منطوياً عليه. كأن مقطوعاته القصيرة ليست سوى هذه الشحنة التي كان قلبه لا يقوى على الاحتفاظ بها فيتركها تخرج كلما وصلت الى ذروتها وامتلكت زخم تدفقها الخاص. وسلاماً لصورته الهادئة ونظرته المنعطفة الى الداخل التي ستبقى ذكراها إثراء لقراءة شعره، كما سيبقى شعره إحياء لصورته.