على رغم ان النقل الجوي يعد الاكثر سلامة بين وسائل النقل العصرية، الا انه وحسب توقعات نمو الحركة الجوية العالمية، ستزيد معدلات الحوادث السنوية، ما لم تبذل جهود مكثفة لمنعها، وذلك من خلال برامج واجراءات ملزمة عالمياً لمراقبة السلامة الجوية. ودعا الامر الكثير من الدول الاعضاء في منظمة الايكاو الى المطالبة بمراجعة فاعلية برنامج الايكاو الحالي لمراقبة السلامة الجوية، والتي تأتي في مقدمة الاعتبارات الاستراتيجية لصناعة الطيران في العالم، وهي في الوقت نفسه تستحوذ على اهتمام شركات الطيران وهيئات الطيران المدني، وكذلك المنظمات العالمية. وتطورت مستويات السلام في مجال النقل الجوي في شكل ادى الى تعزيز البرامج الخاصة بالسلامة ويأتي على رأس هذه التطورات استراتيجية المنظمة الدولية للطيران المدني الايكاو الخاصة بدعم مستويات السلامة الجوية عالمياً، من خلال برنامج تدقيق السلامة. وللمرة الاولى في تاريخ الطيران قامت الدول الاعضاء في المنظمة بطلب تنظيم برامج تدقيق دورية والزامية للدول التابعة "للايكاو" على ذلك لقياس مدى التزام هذه الدول، وتطبيقها لمعايير وتوصيات السلامة، وينص البرنامج على تقديم المساعدة والخطط اللازمة للدول لمواجهة اي نقص او مشاكل. ويشمل البرنامج في المستقبل خدمات الحركة الجوية وخدمات المطارات. وفي ضوء هذا البرنامج ابدت وكالة الطيران الفيدرالية الاميركية اهتمامها بمواصلة برنامجها الخاص بتدقيق السلامة الجوية على هيئات الطيران المدني في مختلف دول العالم، ومن بينها الدول العربية وتصنيف هذه الدول ضمن ثلاثة مستويات للسلامة، وذلك وفقاً لمدى التزامها بقواعد السلامة الدولية. ومن جانب اخر ابدى عدد من الدول وشركات الطيران التابعة لها عدم تحمسها لهذا البرنامج، وتخوفها من انعكاساته على رحلاتها الى الولاياتالمتحدة الاميركية. ويبرز البرنامج مفهوم تأمين الجودة للعمليات الجوية كاحدى الوسائل لمراقبة الحوادث العارضة وتحليلها، والعمل على تفاديها، ويستخدم هذا المفهوم "نظام التسجيل الرقمي لمعلومات الرحلات والموجود في الصندوق الاسود الذي يسجل بيانات الرحلة. يذكر ان هذا النظام يقوم على السرية ولا يمكن استغلاله للعقاب على الاخطاء التي قد تحدث اثناء الرحلة. وفي ضوء ذلك، قال خبير اقتصادي النقل الجوي الدكتور محسن النجار ل"الحياة" ان التوسع في برامج السلامة الجوية يفرض على الدول ومؤسساتها الانفتاح على بعضها، وذلك لايجاد آلية موحدة لمراقبة السلامة الجوية بشكل يكفل سلامة استخدام النقل الجوي وتطوره، كذلك استخدام الانظمة المدنية لزيادة مقاييس السلامة الجوية لا سيما في مجال المراقبة الجوية. واشار النجار الى التقرير الذي اعده الاتحاد الدولي للنقل الجوي "اياتا" عن حوادث الطيران عام 1998 الذي اشار الى ان هناك 56 حادثة طيران شهدها الطيران العالمي، منها 24 حادثاً اثناء الهبوط وثماني حوادث بسبب سوء الاحوال الجوية، وست حوادث اثناء الاقتراب للهبوط وحادثتان لاسباب اخرى. وقال ان عدد شركات الطيران في العالم يبلغ 1080 شركة طيران منتظمة. ويبلغ عدد ساعات طيرانها 263 مليون ساعة، وعدد مرات الهبوط لديها 151 مليون مرة، موضحاً ان عدد حوادث الطيران في الفترة من بين عامي 1958 و1998 بلغ نحو 588 حادث طيران. وبلغ متوسط الحوادث سنوياً 14 في المئة من معدلات التشغيل وفي العشرين عاماً الاخيرة، بلغ متوسط الحوادث 6.17 في المئة، اما في السنوات العشر الاخيرة ونظراً الى زيادة عدد الطائرات وازدحام المجال الجوي العالمي، بلغ متوسط الحوادث 20 في المئة، وفي الخمس سنوات الاخيرة بلغ 19 في المئة. وعلى المستوى العربي، قال النجار ان هناك استراتيجية للاتحاد العربي للنقل الجوي إكو تقوم على محاور عدة ابرزها تبادل المعلومات حول الحوادث بين شركات الطيران الاعضاء بالاكو، من بينها العمل على تطوير عمل ادارات السلامة لدى الشركات العربية، وكذلك العمل على دعم التعاون والتنسيق مع المنظمات الاقليمية والدولية في مجال تبادل المعلومات حول حوادث الطيران وامكانية الاستفادة من تلك الحوادث مستقبلاً.