انهى "اتحاد الكتاب العرب" في دمشق قبل أيام مؤتمره السادس الذي رعاه الرئيس السوري بشار الأسد ببيان سياسي، وانتخب مجلساً جديداً له ينتخب بدوره مكتباً تنفيذياً. وكان الاتحاد تأسس عام 1969، بعدما آلت الى شبه انحلال هيئة اسمها "رابطة الكتّاب السوريين" نشطت منذ أواسط الخمسينات وضمت أدباء من لبنان وسورية معظمهم من الاتجاه الماركسي، وابرز السوريين في تلك الرابطة: شوقي بغدادي، حنا مينه، سعيد حورانية، عادل أبو شنب. عُيّن سليمان الخش أوّل رئيس للاتحاد الوليد، ثم ترأس من بعده صدقي اسماعيل، فجورج صدقني ثم عدنان بغجاتي وبعده حافظ الجمالي، وصولاً الى علي عقلة عرسان منذ العام 1978. يتجاوز عدد اعضاء الاتحاد الآن ال600 عضو وهناك اعضاء عرب غير سوريين. والمكتب التنفيذي للاتحاد يتألف وفق أسس الجبهة الوطنية التقدمية في سورية التي تضم سبعة أحزاب حزب البعث العربي الاشتراكي، الحزب الشيوعي السوري بشقّيه، وبقية الاحزاب الناصرية والقومية العربية.... فالكاتب غير المنتمي الى احد احزاب الجبهة يظل سقفه محدوداً في المواقع الادارية للاتحاد. يتصدى الاتحاد بشكل حثيث ودائم، لقضايا تتعلق بمحاربة التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، في الوقت الذي نرى فيه انحداراً بمستوى الكتب والدوريات وجريدة اسبوعية هي "الاسبوع الادبي". وأقدم الاتحاد قبل سنوات على مواقف طرد وفصل بحق كل من ادونيس وهاني الراهب، وعلى اثر ذلك انسحب احتجاجاً حنّا مينه وسعدالله ونوس. لمناسبة انعقاد المؤتمر السادس للاتحاد افتتح الخميس الماضي طلبنا من كتّاب وشعراء سوريين ان يتحدثوا عن الثقافة في بلدهم والى اي حدّ يمثلها اتحاد الكتّاب، وهنا مقاطع من اجوبتهم: ابراهيم صموئيل : غير منتسب انا غير منتسب الى اتحاد الكتّاب العرب، ولم افكر يوماً في الانتساب اليه. انطون مقدسي : الدولة والثقافة لعب اتحاد الكتاب برعاية علي عقلة عرسان، على رغم الاخطاء، دوراً اساسياً في نشوء ادب عربي، ثم ان اتحاد الكتاب بمؤتمراته التي حضرت معظمها كان اكثر الاتحادات تماسكاً ونشاطاً في الشعر والقصة والرواية والبحوث، كما ساهم في إبراز دور المثقف السوري اكثر من اي شيء، وعرف عرسان كيف يجمعه على رغم عناصر الفرقة، وهنا يجب ان اعترف لدوره. والاتحاد تسرع بقبول اعضاء لا علاقة لهم بالثقافة. وضع الدولة يدها على المؤسسات الثقافية خطأ. الحلّ ان تشرك القطاع الخاص في عملية الانتاج الثقافي. جمال الدين الخضور : نقابة يحتاج الاتحاد كنموذج لمؤسسات الأدباء العرب النقابية الى تطوير في الأداء وفي البرامج الفكرية وفي سوية الحقوق والواجبات النقابية، لينتقل من مؤسسة باردة الى تكوين ثقافي فاعل ومؤثر. حيدر حيدر : أفكار التأسيس أثناء تأسيس الاتحاد حدث جدل حول من هو المثقف الذي يحق له الانتساب. كان الرأي الغالب أن يكون هذا المنتسب مثقفاً معترفاً به من خلال كتب أو منشورات ذات قيمة ثقافية حقيقية. هذا الرأي كان يمثله معظم أعضاء الهيئة التأسيسية الأولى للاتحاد. في حين كان هناك رأي آخر سياسي، بمعنى أن يكون الاتحاد نقابة مثل باقي النقابات كاتحاد نقابات العمال أو الفلاحين... وغيرها من النقابات المهنية بمعنى ذلك أن يكون تابعاً للدولة والحزب. معظم المثقفين السوريين الحقيقيين خارج الاتحاد. وإذا أردنا التسمية: عبدالسلام العجيلي - نزار قباني - حيدر حيدر - زكريا تامر - حنا مينا - غادة السمان... وغيرهم، وذلك ناتج من التجميعية التجهيلية التي يقوم بها الاتحاد الآن. كمحصلة، هذا الاتحاد لا يمثل الثقافة السورية. خضر الآغا : رقابة "سأعرض بعض الجمل التي وردت في تقريرَيْ الرقابة "الاتحادية" الصادرين بشأن كتاب قدّمته للنشر في الاتحاد، فتقرر منعي من طباعته، حتماً على نفقتي الخاصة. اسم الكتاب "مقدمة للشعر الجديد في سورية" يتضمن نصوصاً لشعراء جدد سوريين، مع مقدمة تبين طبيعة الشعر الجديد المطروح، واختلافاته عما هو سائد، والمسألة ليست في منع الكتاب بحد ذاته، بل في ما ورد في التقريرين، مثال: "قصائد تخرب الوجدان القومي" فما لهذا الوجدان الذي تخربه قصيدة؟!! ثم من الذي يقرأ الشعر أساساً؟! ثم ورد ان الشعراء المذكورين في هذا الكتاب "... أمهاتهم في الظلام" وهذه عبارة لا تحتاج الى أي تعليق ...! وتقدَّم أخيراً اقتراح: "نقترح اغلاق أبواب الإعلام أمام هذه الهجمة العجيبة التي لا تضيف شيئاً وتشوه أوجه الصغار" فعدا عن فاشية الاقتراح، فكيف للصغار أن يقرأوا نقداً أدبياً وشعراً لتشوَّه وجوههم؟! ومن نصّب اتحاد الكتاب مسؤولاً عن "الوجدان القومي" و"أمهات الشعراء" و"أوجه الصغار". أليس بهكذا رقابة، يشوّه أوجه الجميع، وفي مقدمها وجه الثقافة؟ وهناك الكثير من هذه العبارات المخزية وردت في التقريرين لا يتسع المجال لذكرها. "اتحاد الكتاب العرب": "اتحاد ضد الإبداع". خيري الذهبي : قبل زمن منذ اربعين قرناً كانت الثقافة في سورية موجودة وناهضة ونشطة قبل ان يخترعوا هذه المنظمة التي اسمها "اتحاد الكتاب العرب". في العالم اجمع هناك روابط للكتاب مهمتها تقديم بعض الخدمات الاجتماعية وبعض المساعدات في حالات الطوارئ، والاهم من هذا كله اهتمامها الاساسي بالدفاع الكامل، دفاعاً غير مشروط، عن حق الكاتب بحرية الكتابة من دون مناقشة. فالشرط الاساسي لوجود روابط كتّاب هو الدفاع عن الكاتب وحرية الكتابة. اتمنى لاتحاد كتّابنا في سورية ونحن داخلون الآن على مرحلة انتخابية جديدة ان يقلل من دوره الرقابي. وان يكثر من دوره الرعائي لحركة الكتابة وحرية الكتّاب ودعمهم ليكون لدينا دوستويفسكي او فولكنر جديد او حتى آلان روب غرييه. هل هذا حلم مستحيل؟ شوقي بغدادي : معنى محدد ما من منظمة أو مؤسسة ثقافية في البلاد - عامة أو خاصة - تستطيع القول إنها تقدم صورة متكاملة أو جزءاً من هذه الصورة لحياة "ثقافية حقيقية". وما نعنيه هنا بكلمة، "حقيقية" الحياة الثقافية ذات المستوى النوعي الرفيع المتميز بالابتكار والريادة والذي ينجم عادةً عن المناخ الطلق الحر لأساليب التعبير وأدواته المختلفة والقادر على النفاذ عميقاً في الوجدان الجماعي ومشاغل البشر اليومية. ان حصر امتلاك أجهزة الإعلام بالدولة يحدُّ من امكانات تعدّد الآراء واختلافها وحريتها في النقد... بعد هذا كله فلا منظمة اتحاد الكتّاب، ولا أية مؤسسة ثقافية أخرى قادرة على اثبات وجودها الثقافي الأمثل. طيب تيزيني : تقسيمات حزبية لا أظن ان اتحاد الكتّاب العرب السوري يمثل المثقفين السوريين على نحو يستطيع الباحث فيه ان يرى في هذا الاتحاد مؤسسة للثقافة العربية السورية، ولعل بعض الاسباب الكامنة وراء ذلك كانت قد اسست لهذا الاتحاد في سنوات مضت، اما اهم هذه الاسباب فقد يكون ان التشكيل الثقافي في الاتحاد المذكور اتى على اساس تقسيمات حزبية سياسية كصورة اولية، وما يمكن ان يدخل في نطاق المثقفين غير المنتمين الى احزاب سياسية فإن هؤلاء قد لا يشكلون نسبة اساسية، ناهيك عن انّ قسماً من هؤلاء ينضوي خصوصاً في مراحل الانتخابات التي تتم في الاتحاد الى احزاب سياسية بدرجة او بأخرى. ومن ثم، فإن التحالفات الثقافية هي التي تمثل من حيث الاساس اللوحة الضرورية لتفهم ما يحدث في هذا الاتحاد. ان هذه اللوحة غالباً ما تكون مندرجة في إطار هذه التقسيمات. ويتضح الامر ربما بصيغة ما هو مهيمن في الانتخابات التي تتم في الاتحاد، فهناك مثقفو الجبهة الوطنية التقدمية الذين يحددون المسار الثقافي في الاتحاد من دون ان يكون لبعضهم او لمعظمهم دور حقيقي وفاعل في الحياة الثقافية السورية. من هنا قد ارى ان إعادة بناء هذه المؤسسة الثقافية تمثل امراً ضرورياً ضمن المهمات المطروحة الآن على صعيد التغيير في سورية. عادل محمود : الحرية فقط لا اعرف الكثير عما يدور في مكاتب واروقة الاتحاد. لست عضواً فيه. ولن اكون. ولكنني من حضور بعض النشاطات والسماع ببعضها الآخر... لا اجد اتصالاً مهماً بين "اعضائه المبدعين" وجمهور سورية. ومن منشوراته لا اقرأ كتباً مهمة. وفي مجلته وجريدته الاسبوعية يتربع على عروش الاعمدة والصفحات اسماء ومقالات وقصائد وقصص لا يحتفل بها قراء سورية... ويكاد يتساءل القارئ والمواطن بصورة عامة من خلال نشاطات ومطبوعات الاتحاد: اين هي الكتابة في سورية؟ اين هم الكتّاب السوريون؟ حرية الكاتب هي خالقة الكتابة والابداع. وبدونها سنكون جميعاً: انصاف اقلام. أرباع ألسن. أشْطُر من الشعر... وأقل من الانسان دائماً. عبداللطيف خطاب : في المستقبل اتحاد الكتّاب العرب في سورية يلزمه تغيير في آلية العمل، نحو دور أفضل وأوسع انتشاراً، هذا ما لا ينكره أحد من أعضاء الاتحاد، مرة سألت د. علي عقلة عرسان: أرى الكمبيوتر أمامك د. علي فأجاب: يجب أن نلحق العصر وإلا رجعنا الى خانة الأمية. مرة نشر أحدهم كلاماً على لساني ضد علي عقلة عرسان، وأنا بريء من هذه التهمة، قلت للدكتور علي: - هل تعرف عبداللطيف خطاب، قال: لا، قلت: أنا عبداللطيف خطاب. وكانت مقالة الاتهام بيدي، فلم يبد الرجل أي اعتراض، ورحنا في نقاش علني، حول التخرصات التي تقذف على اتحاد الكتّاب، وعند خروجي من مكتبه، الى مكتب الشاعر فايز خضور، وجدت أن الدكتور علي قد وافق مسبقاً على نشر مادة لي من دون أن أكون عضواً في الاتحاد، والمادة منشورة في الموقف الأدبي وقد احتلت مساحة مهمة جداً، فقد وافق الرجل على نشر مادتي وأنا المتهم بأني قدحته كلاماً مشيناً. من حق الكاتب أن يتمتع ويقبض ويرتاح تقاعدياً، وهذا ما يوفّر الاتحاد بعضاً منه، وأظن أنه سيغير من آلية عمله في قابل الأيام. علي سفر : كما حدث معي هذه المؤسسة لا تمثل "الثقافة السورية"، فهي اجرائياً مؤسسة مبنية على ألاّ تمثل أحداً سوى أعضائها! وهي أيضاً مؤسسة غير موجودة إلا من خلال نظامها التقاعدي وأيضاً طباعتها لكتب لا يقرأها أحد. انك لا تحس بوجودها إلا حينما تمنع طباعة كتاب أدبي لك أو لأحد ما من الأدباء كما حدث معي. فواز حداد : سياسة المنع والرقابة الذي لا يمكن التساهل فيه، سياسة المنع والرقابة التي ينتجها الاتحاد والتي تجعل منه العامل الاول في تقسيم الثقافة السورية. والمؤسف ان المراقبين المتطوعين هم من الادباء، والكثيرون منهم اخذوا على عاتقهم بأريحية وارتياح ممارسة عمل سيئ السمعة. محمد جمال باروت : مرآة مجتمع ضعف دور اتحاد الكتاب العرب في الحياة الثقافية السورية هو انعكاس لضعف المجتمع المدني السوري وانحسار فاعليته. منذر مصري: منظمة شعبية اتحاد الكتّاب في سورية مؤسسة رسمية، وليس اصح من هذه التسمية سوى على رغم اني لا افهم معناها تماماً منظمة شعبية، مثله مثل بقية المنظمات القائمة، تخصص لها الموازنات لتؤدي ما يناط بها من مهام. اعترف ان سبب تهجمي على الاتحاد انني بعد صدور كتابي الاول عام 1979، تقدمت، بكل براءة، وبتشجيع من اصدقاء، بطلب انتساب الى الاتحاد، فرفضت. ميشيل كيلو : متقاعدون ليس سراً ان كبار مفكري ومبدعي سورية ليسوا اعضاءً في الاتحاد، او انهم اعضاء هامشيون. وإذا اخذت دليلاً الى صحة هذا التقويم، لوجدته في الطريقة التي يعامل الاتحاد بها متقاعديه ومنهم انا. فهم لا يُدعَون الى القاء محاضرات وليس مسموحاً لهم ان يكتبوا في مطبوعاته، حتى ان جريدته المركزية لا تصلهم، كما قطع عنهم الضمان الصحي: فهم فعلاً في حكم النفايات الثقافية بالنسبة لقيادة الاتحاد، وقد ماتوا انسانياً في نظرها لحظةَ تقاعدوا. أبعدَ هذا يكون للاتحاد طابع ثقافي او علاقة بالثقافة؟. ناديا خوست : شروط جيدة مستوى الثقافة امر لا تقرره اية مؤسسة ثقافية او رسمية. بل مجموعة المؤسسات التعليمية والجامعية والاسرية والمدنية وغيرها. يوحي لنا الزمن مثلاً ان الثقافة لا تطعم خبزاً ولا تنقذ قطة! وتقترح العلاقات الاقتصادية العربية الراهنة اهتمامات واختصاصات واتجاهات بعيدة عن الثقافة. يؤثر ذلك في حركة الكتاب وفي مستوى حضور الامسيات والندوات الثقافية وحتى في مستوى الضمير الفردي. ومع ذلك يحكم الكاتب منا مستوى ادائه. من يمنعنا ان نجهد لنقدم كتباً جيدة ومحاضرات جديدة، وان نفيد من الشروط التي لا يقدمها اتحاد كتّاب اكان عربياً ام اجنبياً؟ يعتمد ما ننتجه على ما نطلبه من انفسنا اولاً. نزار سلوم : مسألة التمثيل من العسير الوصول الى من يمثل الثقافة ليس في سورية وحسب، بل وفي اي مكان "ثقافي" آخر. ذلك لان الثقافة تقع خارج التبويب المؤسساتي للدولة، وان كانت "الدولة المعاصرة" تحاول محاصرتها ب"وزارة" لم تزل تائهة في ملامستها لخارطة "الثقافة" ومواقعها. على ان اتحاد الكتّاب العرب، هو تجمع "ميثاقي" وليس منظمة المثقفين جميعهم على الاطلاق. اي ان الانتساب اليه مشروط بإقرار المنتسب ب"نظام معين" إداري وعقيدي. ومن هنا يمكن اعتباره مكاناً اختيارياً للكاتب او المثقف الذي يمتهن الكتابة. ولا يمكن بأي حال اعتبار "الاتحاد" ممثلاً حصرياً للثقافة السورية، بل انه احدى الجهاتِ الاكثر تنظيماً إدارياً وصرامة عقيدية للمنتسبين اليها، الذي عمد بعضهم كما فعل كل من ادونيس وهاني الراهب بالخروج على هذا النظام الاداري والعقيدي، فكان نصيبهما الطرد. ولكن هل تم طردهما من الخارطة الثقافية السورية؟ بالتأكيد لا احد يستطيع قول هذا الكلام. ان سؤال الثقافة اشكاليّ دائماً. والمنظمات الثقافية الاتحاد - الوزارة... ما هي الاّ مفردات بسيطة في فضاء هذا السؤال. نزيه أبو عفش : زمن أحلام منذ أن بُدىء بتشكيل اتحادات وروابط الكتّاب العرب كان الهاجس الأساسي للكتاب والمثقفين يتلخص في امكان أن تتحول هذه المؤسسات الى أدوات نقابية تساعد في حماية كرامة وحرية وحياة شغيلة الكتابة، والدفاع عن حقهم المطلق في التعبير دونما خوف من مساءلة أو قمع أو اعتداء على الحرية والكرامة أياً كان شكل هذا الاعتداء وأيّاً كان مصدره. لكن ما حصل، للأسف الشديد، هو أن هذه الاتحادات تحولت مع الوقت من أدوات حماية لحرية الإبداع الى أجهزة رقابة متطوعة اضافية تعمل في خدمة السلطات والأنظمة والمؤسسات التي تمولها أو تهيمن عليها أو ترعى - بهذا الشكل أو ذاك - نشاطاتها وتوجهاتها. هكذا تحوّل الحلم الى كابوس، حيث صار من المستحيل على الكاتب حتى أن يفكر بالالتجاء الى نقابته طالباً حمايتها ونصرتها، فيما هي تكتفي بالصمت أحياناً، والتواطؤ أحياناً، والتعامل مع أجهزة الأمن الفكري في جميع الأحوال. انتهى زمن الأحلام. وما على الكتاب العرب الآن إلاّ أن ينسحبوا الى مواقع خوفهم القديمة، فارين من فردوس الحرية الغامض الذي حوّلته المؤسسات والروابط والاتحادات وأجهزة حماية الإبداع الى قفصٍ كابوسي لا يمكن الخروج منه إلاّ بالصمت أو الممالأة أو التسليم باستحالة الحرية في بلدان عربية لا تعرف الحرية إلاّ في الخطابات الموسمية، وافتتاحيات الصحف، والشهوات المكبوتة لكتّاب وشعراء ومبدعين لم يعودوا - في ظلّ حماتهم - قادرين حتى على كتابة خوفهم من الموت أو الظلام. وليد معماري : لماذا؟ ليس المطلوب من اتحاد الكتّاب تحصيل الحاصل. بل تحصيل ما هو غير حاصل. حرية التعبير. والمستوى المعاشي اللائق. الغاء قانون الطوارئ والاحكام العرفية المرافقة له. والعودة الى القانون. بالاحرى، الاحتكام الى الدستور. والقبول بأحكام المحكمة الدستورية العليا، تلك التي لا يعرف المواطن عنها شيئاً، بأكثر مما يعرف عن مغارة الجوعى في جبل الاربعين. ان مطبوعة اسبوعية، تصدر في القاهرة عن دار "اخبار اليوم" شبه الرسمية، تحظى بقبول لدى المثقف السوري، بما يعادل قبوله لصحيفة "الاسبوع الادبي"، التي يصدرها الاتحاد، بسبعة اضعاف. مع الاخذ بالاعتبار ان ثمن "اخبار الادب" يعادل في السوق السورية سبعة اضعاف ثمن "الاسبوع الادبي". نسأل: لماذا؟ فيقال لنا: لاننا لا نملك الكادر. ولماذا لا تملكون الكادر؟ لان الكادر يحتاج الى تعويضات مالية. فيما جزء هام من ميزانية الاتحاد يذهب لتغطية مهمات سفر الى مؤتمرات عربية، وغير عربية، لم يسمع بها احد.