تألفت المدرسة السليمانية قديماً من السليمانية البرانية والسليمانية الجوانية ولكل من هاتين تاريخها ومعالمها وجماليتها المعمارية. فالمدرسة السليمانية البرانية بناها السلطان العثماني سليمان القانوني ابن السلطان سليم. ولد في عام 898ه وتولى الحكم بعد وفاة أبيه سنة 926ه ويعد من أعظم سلاطين آل عثمان، إذ وجه همته نحو الغرب وأرسل جيوشه لينشر الإسلام في بلاد أوروبا وسيطر بأساطيله على البحر المتوسط بعد احتلال جزيرة رودس، وصار له صيت ذائع في العالم. حتى ان ملوك أوروبا كانت تخاف من ذكر اسمه. انتشرت الفتوحات في عهده وبلغت الدولة درجة من التقدم والاتساع لم تبلغه بعدها أبداً. وبوفاته سنة 974ه انتهى عهد الازدهار في الدولة العثمانية. بنيت المدرسة سنة 974ه وتولى عمارتها "ملا آغا العجمي". واشرف على التدريس فيها شيخ أرسل من الباب العالي أقام في دمشق تسعة شهور يدرس في المدرسة قبل تمامها وتوفى سنة 974ه. وجددت باشراف موسى بك في عهد السلطان مصطفى خان المتوفى سنة 1115ه، وكانت تتألف من 15 غرفة أرضية يقطنها الطلاب. تحولت المدرسة اليوم الى سوق سياحية، وغرف الطلبة الى محلات للمجوهرات وتلك المصنوعة من الأحجار الكريمة وبعض التحف الفضية ومصنوعات تملك من الفن والدقة. فالسوق الآن مرصوفة بالحجارة البيضاء وأبواب المحلات من الخشب القديم المزركش المظلل بأوراق الخميسة والنباتات الخضراء. في وسط المدرسة مدخل صغير ينقلنا من المدرسة السليمانية البرانية الى المدرسة السليمانية الجوانية وتزداد فيه جمالية التاريخ بقببه الموضوعة فوق كل غرفة من غرفه وأبواب الغرف الصغيرة المقنطرة والمزركشة بالإضافة الى بركة ماء مستطيلة تتوسط المدرسة والجامع الصغير في صدرها. أوقف هذه المدرسة الحاج سليمان بن ابراهيم باشا العظم الذي نقل الى دمشق سنة 1146هظ فأقام فيها خمس سنوات ثم نقل الى ولاية مصر ففشل فيها وساءت سيرته فخرج خائفاً، وأعيد الى دمشق ثانية سنة 1154ه ومكث فيها ثلاث سنين، ومات وهو محاصر لعكا، ودفن في مقبرة الباب الصغير، ومدحه البديري الحلاق لنشره الأمن وتعزيل نهر القنوات وحماية الحجاج وبناء المدرسة وغير ذلك. وكان الوقف التابع لها من دورٍ وحمامات وأفران وطواحين يغطي مدارس عدة وجُعل مدرسها الشيخ محمد التدمري ومعه إمام، وشيخ قراء، وخازن كتب، ومعيد، وقارئ، وعشرة طهاة بالإضافة الى طلابها. واشترط ألا يسكن المدرسة إلا العزاب من أهل الدين والصلاح وإذا تزوج أحدهم أخرجه الناظر وأسكن غيره. وخصص لطلابها في اليوم الواحد مقادير محددة من الطعام والشراب وكل ما يحتاجون اليه للعيش بشكل جيد. وفي سنة 1309ه حوّلت الى مدرسة للبنات، ومن ثم نقل ما فيها الى المدرسة الظاهرية. وبهذا يرى الزائر كيف تحولت المدرسة الى سوق للحرف اليدوية فكل غرفة تحوي حرفة يدوية. فهناك غرفة لصنع الزجاج المزركش من مزهريات وتحف ملونة، وهناك أيضاً غرفة لصنع المجسمات الخزفية. وهناك غرف لكل من صانعي النحاسيات الشرقية، والأثواب والأقمشة المزركشة، ونرى أيضاً صناعة البسط على النول الخشبي القديم. وكل هؤلاء الصناع يعملون في حرفتهم التي تعني لهم الكثير منذ أكثر من عشرين عاماً فيلونون حبهم لعملهم بموادهم الأولية لتصبح أعمالاً فنية فريدة.