أمير القصيم: محافظة عيون الجواء تشهد نموًا متسارعًا في كافة القطاعات    المرأة روح المجتمع ونبضه    أكاديمية وزارة الداخلية لأمن الحدود تقيم دورة مدربي "الفلاي بورد    أمانة الشرقية توقع عقود استثمارية وتنموية ومذكرات تفاهم بتكلفة 5 مليارات ريال    من التحول الرقمي إلى التمكين الذكي!    ماسك يتحدى أفضل الجراحين البشر    زيارة استراتيجية.. ودولة تصنع التحوّلات    في واشنطن.. السعودية تقود حوار المستقبل    ولي العهد في البيت الأبيض.. تجديد التحالف ورسم المستقبل    القادسية يتوّج بطلاً للشرقية في الجودو لفئة الكبار ب 18 ميدالية    بنزيما: سعيد مع الاتحاد.. والدوري السعودي ينمو بسرعة لا تُصدّق    «الأخضر» في تجربة قوية أمام الجزائر الليلة    رينارد: أفتخر بتدريب «الأخضر» وسالم نموذج رائع    "رينارد": جاهزون لمواجهة الجزائر غدًا    الاحتفاء بماجستير «نزلاء السجون»    بحيرة طمية    «الإعلام» تودع «أيام الثقافة المصرية» بحضور كبير..    حياتنا صنيعة أفكارنا    ورحل صاحب صنائع المعروف    المفتي يستقبل وزير الحج والعمرة    أوكرانيا تطلب 30 ألف نظام روبوتي أرضي لمحاربة روسيا    تصريحات تاكايتشي.. تصعيد وعودة التوتر بين طوكيو وبكين    فيصل بن بندر يطَّلع على تقرير «غرفة الرياض».. ويعزي الشثري    أمير الشرقية يطلق مؤتمر ومعرض التوحد الدولي    الكوهجي للتطوير العقاري تُطلِق فيلانو وفلامنت في سيتي سكيب العالمي بالرياض 2025    الشورى يوافق على مشاريع 4 أنظمة    غدا.. انطلاق برنامج شاعر الراية في موسمه الرابع    ولي العهد يغادر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة عمل رسمية    (50) يومًا على انطلاق كأس آسيا تحت (23) عامًا "2026 السعودية"    التخصصي يعيد بناء شريان أورطي بطُعم بيولوجي مشتق من غشاء قلب البقر    برعاية سمو محافظ الطائف افتتاح متنزه الطائف الوطني وإطلاق 12 كائنًا فطريًّا    رئيس جامعة أمِّ القُرى يحضر حفل افتتاح المؤتمر السَّادس للشَّبكة العربيَّة لضمان الجودة    جمعية التنمية الأهلية بأبها تُطلق نادي "ملهمات" بنسخته الخامسة للفتيات لتعزيز مهارات التسويق والإبداع.    سوق الأسهم السعودية يغلق متراجعا بشكل طفيف    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج 372 متدربًا من برامج البورد السعودي وعدد من الدبلومات الصحية والطبية غدًا    محافظ مرات يقف على استعدادات موسم الشتاء السادس    عدد من القيادات الحكومية يقدمون التعازي باستشهاد العمور    82.4% من الأطفال يسيرون على المسار الصحيح للنمو في السعودية خلال 2025م    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بمنطقة نجران تُختتم برنامج عناية لرعاية اليتيم بحفل متميز    السعودية تستضيف القمة العالمية للصناعة    تدهور أوضاع النازحين بشكل حاد.. غارات جوية إسرائيلية تستهدف خان يونس    في حدثٍ تاريخي يقام للمرة الأولى في المملكة.. 26 نوفمبر.. انطلاق الجولة الختامية من بطولة العالم للراليات    يغير اسمه سنوياً للتهرب من نفقة طفله    في ملتقى نظمه مركز الملك عبدالعزيز.. نائب وزير الخارجية: المملكة تدعم الجهود الأممية لترسيخ الحوار    «طال عمره».. مسرحية سعودية بموسم الرياض    كلمات وموسيقي    نائب أمير الشرقية يشدد على سرعة الاستجابة وكفاءة الأداء الأمني    سرقة مجوهرات في فرنسا ب 1,2 مليون دولار    التسامح.. سكينة تزهر في القلب وتشرق على الملامح    التعاون مع رجال الأمن في الحرم ضرورة    "الشؤون الإسلامية" تفتتح دورة علمية في المالديف    الغرامة بانتظار مخالف الرعي بمنطقة محظورة    مختصون يحذرون من خطر مقاومة المضادات الحيوية    أمير الشمالية يطلق فعاليات اليوم العالمي للسكري    جامعة الإمام عبدالرحمن تعزز الوعي بداء السكري    تجمع الرياض الأول يستعرض منجزاته في رعاية وسلامة المرضى    تركي بن طلال حين تتوج الإنسانية بجائزة عالمية    هنأت ملك بلجيكا بذكرى يوم الملك لبلاده.. القيادة تعزي رئيس العراق في وفاة شقيقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجالس - المكتبات في عهود بايزيد الثاني وسليم الأول وسليمان القانوني
نشر في الحياة يوم 20 - 08 - 2010

حصلتْ وفاةُ السلطان محمد الفاتح حينما كان يُعدُّ العُدّة لفتحِ روما، وذلك حينما كان يُشرف على تحضير الجيش العثماني، وكانت وفاته بالسمّ الذي دسّه له الطبيب اليهودي يعقوب، وبعد وفاته تسلطن ولده بايزيد الثاني، فاقتفى أثرَ والدِهِ برعاية العِلم والعُلماء، فازدهرت المخطوطاتُ، وكُتِب بعضُها لمطالعته (انظر المخطوطة ذات الرقم الحميدي: (177)، و «حاشية منلا خسرو على الْبَيْضَاوِي»، كتبت برسم مطالعة الأعظم والخاقان الأفخم بايزيد خان بن مُحَمَّد خان بن مراد خان)، وجاء بعد بايزيد الثاني ولده أميرُ المؤمنين، وخليفةُ الْمُسْلِمِين سليمُ الأول الذي ورِثَتْ في عَهْدِهِ المكتباتُ العثمانيةُ بعضَ مخطوطاتِ المكتباتِ الأيوبية والمملوكيةَ من مصر والشام والعراق. ومن تلك المخطوطات المملوكية القيِّمة عددٌ محفوظ في مجموعة السُّلَيْمَانِيَّة.
حصَلَتْ نقلَةٌ نوعِيَّةٌ في تطوُّر المكتبات الإسلامية العثمانية، فبلغت الذُّروةَ في عهد الخليفة سُلَيْمَان القَانُوْنِيّ بن الخليفة سليم الأول بن بايزيد الثاني ابن محمد الفاتح، والسُّلطان سُلَيْمَان القَانُوْنِيّ وُلِدَ سنة (901ه/ 1495م)، وحكم من سنة (927ه/ 1520م) حتى سنة (974 ه/1566م). وقد أهدى له العلماء مخطوطات قيّمة، انظر « الإلهامات الربانية في الخطب السُّلَيْمَانِيَّة « المخطوطة ذات الرقم الحميدي في السليمانية: (390)، ألفها أحمد بن مُحْيِي الدِّيْن محمد، (نعيمي زاده) النعيمي، الدمشقي سنة 974ه)، وأهداها إلى أمير المؤمنين وخليفة الْمُسْلِمِين السُّلطان سُلَيْمَان القَانُوْنِيّ بن الخليفة سليم الأول. وألّف أبو السعود العمادي التفسير، وأهداه إلى السلطان العثماني سُلَيْمَان القَانُوْنِيّ، انظر حاشية الرقم الحميدي في السليمانية: (68). والرقم: (406).
لكنَّ المخطوطات الإسلامية التي كانت موجودةً في عراق العرب، وعراق العجم قد تعرَّضت لنكبةٍ كُبرى أثناء الاجتياح الصفوي المشهور إذ تمّ قتل المشايخ، وحَرْقِ كتُبِهم. وفي ذلك قال الشيخ قطب الدين الحنفي النهروالي: إن الشاه إسماعيل قَتَلَ زيادةً على ألفِ ألفِ نفسٍ ؛ بحيث لا يعهد في الجاهلية، ولا في الإسلام، ولا في الأمم السابقة مَن قَتَلَ مِن النفوس ما قتَلَه شاهُ إسماعيل، وقتل عدَّةً من أعاظم العُلماء ؛ بحيث لم يبقَ من أهل العلم أحدٌ في بلاد العجم، وأحرَقَ جَمِيعَ كُتُبِهِم ومصاحِفِهِم ؛ وكُلّما مرَّ بقبور المشايخ نبشَها، وأخرجَ عظامهم وأحرقَها، وإذا قتل أميراً من الأمراء، أباحَ زوجتَه وأموالَه لشخصٍ آخر (...)، فلما وصلت أخباره إلى السلطان سليم الأول، تحركت فيه قوَّة العصبية الغضبية، وأقدمَ على نَصْرِ السُّنَّة الشريفةِ، وعدّ هذا القتال من أعظم الجهاد، وقَدِرَ أنْ يمحُوَ من العالم هذه الفِتنة والفساد، وينصرَ المسلمين على أهل البدع. وكان الشاهُ ظالماً؛ فأذلَّه الله حيث هُزم في معركة جالديران وفتح العثمانيون عاصمته تبريز. «انظر: الإعلام بأعلام بيت الله الحرام» «تاريخ مكة المكرمة»، (ص126)، المطبعة العامرة العثمانية سنة (1303ه/1886م).
ولما بَنَى المعمار سِنَان بن عبد المنّان (المعماري سنان باشا (1489-1588م) السليمانية كان من أبرز وأشهر البنائين المسلمين في القرن السادس عشر الميلادي. وقد شَرع في بناء السليمانية وهو في عمر الستين تقريباً وذلك سنة (1550م).) ومجمعَ السُّلَيْمَانِيَّة يتكوّن من الجامع، وحوْله دار الحديث، ودار الشِفاء، والحَمَّام، ودار رعاية وإطعام الفقراء، وست مدارس ومكتب، ومجموعة من الدكاكين والمحلات التجارية، وسبيل الماء، وكلية الطب. ويحتوي الجامع على (28) قبة، بينها القبة المركزية التي ترتفع عن الأرض (53) متراً، ومحيطها (5 و26) متراً، وتحملها (4) أربع بوائك ضخمة على نمط قوائم الفيل، وتحيط بالقبة (32) نافذة للإنارة، ويحتوي الجامع من الداخل على (4) آلاف قنديل أو ثريا زجاجية، علاوة على (138) نافذة مختلفة الأشكال والأبعاد، ويحيط بالجامع وصحنه سور منيع، وللجامع (4) مآذن لها (10) شُرفات، ومن مظاهر التفوق في بناء هذا الجامع أن المرمر المستخدم في جدرانه وفي منبره يُنَظّمُ وُصُولَ صَوْتِ الإمام، وقارئ القرآن، و المؤذن إلى كل أركان الجامع، دون الحاجة لمكبرات الصوت.
ومن أبرز المعالم المجاورة للجامع مكتبة السُّلَيْمَانِيَّة التي لبَّتْ حاجة العلماء والطلبة، وأُضيفت إليها مُؤلفاتُ العُلماء الذين درَّسوا في جامع السُّلَيْمَانِيَّة ومدارسِها (انظر الرَّقْم الْحَمِيْدِيّ: (258، 273، 339، 366، 425، 475، 524، 538، 565، 566، 780). ومن أكثر مدرسي السُّلَيْمَانِيَّة تأليفاً الشيخ محمد بن محمود بن صالح بن حسن الطربزوني المدني (ت1200ه/ 1785م)، وقد تجاوز عدد مؤلفاته ومُنتخباته، والمخطوطات التي نسخها، والتي قابلها ووثّقها المئة مخطوط.
ولم تتوقَّف حركة إثراء مكتبة السليمانية بالمخطوطات، بل استَمَرَّت في عهود الخلفاء العثمانيين بعد أمير المؤمنين سُلَيْمَان القَانُوْنِيّ. والوقفياتُ تؤكِّد لنا أن محمود الأول بن مصطفى الثاني، وهو السلطان العثماني الرابع والعشرون، قد وُلِدَ سنة (1107ه/ 1696م)، وتسلطن من سنة (1143ه/ 1730م) حتى سنة (1168ه/1754م).) وقد افتتح رسميّاً مكتبة آيا صوفيا سنة (1153ه/ 1740م)، (ومخطوطاتها موجودة في مكتبة السُّلَيْمَانِيَّة، وعددها حوالي (5119) مجلد، وهي من أهم المخطوطات الموجودة في تركيا، وقد نُقلت إلى السُّلَيْمَانِيَّة سنة (1379ه/ 1959-1960م). وافتتح مكتبة الفاتح سنة (1155ه/1742م). (ومخطوطات مجموعة الفاتح موجودة في مكتبة السُّلَيْمَانِيَّة، وهي من المخطوطات القيمة. وعدد مخطوطاتها: (5219) مخطوطة). وأضاف إلى مجموعة السُّلَيْمَانِيَّة أكثرَ عددٍ من المخطوطات الموقوفة فيها في إطار خطته التي رَمَت إلى تأسيس المكتبات في كافَّةِ بُلدان الخلافة الإسلامية العثمانية. وقد شَكَّلَتْ هذه المجموعة من المخطوطات مع ما سَبقَها نَوَاةَ مجموعة السُّلَيْمَانِيَّة الموجودة في مكتبة السُّلَيْمَانِيَّة في الوقت الحاضر.
ومن أبرز المجموعات الأخرى التي أضيفت إلى مجموعة السُّلَيْمَانِيَّة تلك المخطوطات التي تَمَّ وقفُها على يدِ الشيخ مُحمَّد بن محمود الطربزوني المدني (ت 1200ه/ 1786م)، ومخطوطات وقفها الفراش الرابع السَّيِّد الحافظ الحاج مُصْطَفَى أفندي، ومخطوطات وقفها الشيخ حسن أفندي القنوي، ومخطوطات وقفها مُحَمَّد بن أخي مُحَمَّد القنوي، ولم تتوقف حركةُ وقفِ الكتب في مجموعة السُّلَيْمَانِيَّة على الكُتُب المخطوطة بل استَمَرَّت في عصر الطباعة حيثُ وُقِفَ العَديدُ من الكتب المطبوعة أيضاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.