لم تنتظر صناديق الاقتراع في سلطنة عُمان كثيراً بعد وصول آخر ورقة إليها في السابعة مساء أول من أمس، إذ بدأت اللجان فرز الأصوات مباشرة لتحديد أعضاء مجلس الشورى الذي سيبدأ دورته الرابعة بداية العام المقبل وتستمر حتى نهاية عام 2003. وقبل شروق شمس أمس كانت أسماء أعضاء المجلس الجديد معلنة بصورة غير رسمية، حاملة مجلساً مختلفاً لجهة طريقة الانتخاب ووجوهاً شابة دخلته للمرة الأولى، محدثة مفاجأة، إذ خرج معظم الأعضاء الحاليين عبر صناديق الاقتراع بعدما أخرج القانون الذي لا يسمح بالترشح لأكثر من دورتين اسماء مهمة. وأعرب الناخبون عن ارتياحهم إلى التعديلات التي ادخلت على الاقتراع في الدورة الرابعة، إذ تمكنت كل الولايات من معرفة ممثليها بعد ساعات على اغلاق صناديق الاقتراع. وحافظت المرأة العُمانية على وجودها في المجلس الجديد بنجاح مرشحتين في الانتخابات، وهو العدد ذاته في الدورتين السابقتين. وعلى رغم رفع نسبة مساهمة المرأة في عدد الناخبين لتصل إلى 30 في المئة، إلا أن ذلك لم يرفع عدد الفائزات، فظل العدد اثنتين جاءتا بديلاً من طيبة بنت عبدالله المعولي وشكور الغماري اللتين خرجتا بعد دورتين متتاليتين وبالتالي لم تترشحا. وفازت لجينة حيدر درويش الزعابي عن ولاية مسقط، إذ جمعت 603 أصوات متفوقة على رجب بن علي الكثيري الذي حل ثانياً ب572 صوتاً، وجاءت رحيلة بنت عامر الريامي الأولى في ترتيب الأصوات في ولاية بوشر، إذ جمعت 421 صوتاً، يليها حمود بن عبدالله الحسين ب408 أصوات، والفائزتان من محافظة مسقط. وتعد رحيلة الريامي من الأسماء النسائية المعروفة، وترأس لجنة تنسيق العمل النسائي في محافظ مسقط، وحافظت لفترات طويلة على عضويتها في مجلس إدارة جمعية المرأة العُمانية في مسقط، وهي موظفة متقاعدة عملت سابقاً في وزارة التربية والتعليم قبل أن تتفرغ للعمل النسائي. ومن الموجوه التي حافظت على عضويتها في المجلس الجديد صحافيان حققا فوزاً كبيراً هما عبدالله بن محمد الرحبي عن ولاية بدبد وحصل على 432 صوتاً، وخلفان بن سلطان البكري الذي جاء الأول بين 13 مرشحاً وفاز ب205 أصوات عن ولاية سمائل. وعزا بعضهم فتور الحماسة نسبياً لدى الناخبين إلى عدم الاقتناع بدور المجلس الذي يكتفي بالتوصيات، لكن البكري يدحض ذلك قائلاً: "ناقش المجلس قضايا كثيرة منها تحديد الفوائد المصرفية على القروض، بعدما أعطى البنك المركزي للبنوك حرية تحديد الفوائد التي تريدها على القروض، وكذلك ارجاع نسبة الجمارك إلى ما كانت عليه، أي خمسة في المئة، بعدما رفعتها وزارة التجارة إلى 15 في المئة، وتقديم دراسات اعتمدت وأخرى ناقشها المجلس". وفي ما يتعلق بتراجع دور المرأة، دافع البكري عن الدور الحكومي، ملقياً اللوم على العادات والتقاليد التي "أضعفت مشاركة المرأة في الترشيح أو الانتخاب"، وشدد على أن "تطور المجلس يبدأ من المجتمع". عبدالله بن محمد الرحبي اعتبر ان "سياسة الخطوة خطوة" تمنح الثقة بأن المستقبل "سيكون أفضل"، مشيراً إلى ان هناك "دلالات تفرض نفسها لتطوير أداء المجلس وتجاوز دور تقديم التوصيات إلى المشاركة في التشريع". وأشار إلى أن هناك "طروحات للتدخل في عملية التشريع"، يساعدها "الدعم الذي يجده المجلس من السلطان قابوس بن سعيد"، ويأمل الرحبي بأن يكون للمجلس الخامس دور تشريعي. وأعطت الأرقام التي حصل عليها الفائزون بعضوية المجلس الرابع دلالات على رغبة العُمانيين في تغيير دور المجلس وتطوير أدائه. ففي ولاية صلالة في محافظة ظفار حقق عامر بن أحمد بن محمد قطن الرقم القياسي في عدد الأصوات، إذ حصل على 2071 صوتاً، يليه خالد بن عمر بن سعيد المرهون الذي حصل على 1642 صوتاً، وهما أكبر رقمين على مستوى السلطنة، نظراً إلى الإقبال الواسع في صلالة، إذ وصلت النسبة إلى 96 في المئة من الذين يسمح لهم بالانتخاب في الولاية، فيما وصلت هذه النسبة إلى مستوى متدنٍ في محافظة مسقط.