تمتد مدينة تشيناي التي تعرف باسم مدراس، فوق مساحة 174 كليومتراً مربعاً عند ساحل كوروماندل في منطقة خليج البنغال. والمدينة هي عاصمة ولاية تاميل نادو، احدى الولايات الست والعشرين التي تضمها الهند. وتعتبر المدينة التي يقطنها 6.5 مليون نسمة، الرابعة بين اكبر المدن حجماً في هذا البلد الآسيوي العملاق، وهي المركز التجاري الاول في جنوبالهند، وتتميز بأنها اقل تلوثاً وازدحاماً وفوضى مما تشهده المدن الهندية الكبيرة في الشمال. وتحفل المدينة بعدد وافر من الصروح والمعابد الاثرية، الا انها مثل بقية انحاء الولاية لا تحظى بتسهيلات كافية لاستقبال السياح، اذ لا تزال بحاجة الى تطوير بناها التحتية ومرافقها الفندقية والسياحية، على رغم انها تعجّ بالحركة التجارية والشواطئ الساحرة والمطاعم الجيدة ومناطق الجذب الثقافية والتاريخية. وتعتبر تشيناي، مثل كثير من المدن التي نمت على سواحل المناطق الآسيوية التي كانت ترتبط بتجارة مع اوروبا وتنزل فيها المراكب القادمة من القارة القديمة، مدينة تدين بالفضل في ظهورها الى كونها كانت في البداية نقطة للتبادل التجاري انشأها عام 1639 فرانسيس داي، الذي كان احد مسؤولي "شركة الهندالشرقية البريطانية". ومن نقطة التبادل التي اقيمت داخل موقع محصن لا يزال ماثلاً الى اليوم ويُدعى "حصن القديس جورج"، وتقوم داخل اسواره الهيئة التشريعية للولاية ووزاراتها، انطلقت حركة العمران والاستيطان. وبُنيت حول الحصن تدريجاً منشآت كثيرة منها كنيسة السيدة مريم التي أُنشئت عام 1680 والتي تعتبر اقدم كنيسة انغليكانية في آسيا. وتوسعت البلدة شيئاً فشيئاً ليطلق عليها لاحقاً اسم "مدراس باتنام" او المدينة البيضاء بسبب قوافل الاوروبيين الذين كانوا يتدفقون اليها. واشترت "شركة الهندالشرقية البريطانية" اراضي واسعة حول الحصن ما سمح بتخطيط توسعات المدينة في شكل يغلب عليه النظام. وتعرضت المدينة التي كانت عاصمة لاحدى الولايات الاربع التي تألفت منها مملكة الهند البريطانية الى احتلال فرنسي عام 1646 دام عامين. وادى الامر الى تفضيل البريطانيين التحول عن اتخاذها مركزاً لتجارتهم في الهند واختيار كلكوتا، التي باتت منذ ذلك الحين المركز الرئيسي للتجارة البريطانية في شبه القارة الهندية. وتم تغيير اسم مدراس عام 1996 واطلق عليها تشيناي في محاولة لاضفاء مسحة اكبر من الاصالة الهندية عليها. على اساس ان تشيناي هو الاسم الذي حملته مستوطنة من الحائكين الهنود اندمجت مع المستوطنة البريطانية في المراحل الاولى لتطور المدينة. وتحمل تشيناي بعداً دينياً غير هندوسي يتمثل في كونها كانت المكان الذي تقول الروايات ان القديس توما، احد حواريي السيد المسيح، هبط فيه عام 52. ويُقال ايضاً انه دُفن فيها بعد موته. ويزور المدينة مئات الآلاف من السياح كل سنة يأتون براً بالقطار او السيارات من الولايات المجاورة او عبر المرافق التسعة التي تضمها ولاية تاميل نادو، او عبر مطار "آناي" الواقع على بعد 16 كلم من تشيناي. وتستحق المدينة اسمها الذي تشتهر به وهو "بوابة الجنوب"، وهي تعجّ بالنشاط التجاري والصناعي. وتؤكد حكومة الولاية انها جادة في تطوير الخدمات السياحية فيها لتواكب النمو في بقية القطاعات الاقتصادية الاخرى، وهي تراهن لهذا الغرض على مشاريع كبرى بقيمة تفوق 20 بليون دولار تنفّذ حالياً لتطوير البنى التحتية والمرافق الاساسية.