ذكر تقرير لصندوق النقد الدولي ان عائدات التخصيص في المغرب ساهمت في اعادة تكوين احتياط مهم من العملات والنقد الاجنبي يمكن من التغلب على الصعوبات التي تواجهها التجارة الخارجية المغربية التي فقدت بعض مواقعها في الاسواق الدولية نتيجة المنافسة الجديدة. وأضاف التقرير الذي صدر في واشنطن اخيراً ان الاحتياط النقدي الذي بلغ نحو ستة بلايين دولار ساهمت فيه للمرة الأولى رساميل خاصة غير مولدة لديون ومرتبطة اساساً بعمليات التخصيص الذي يشمل قطاع الاتصالات. وتوقع الصندوق ان تستقر التدفقات الخارجية على المغرب على نطاق واسع خلال السنوات المقبلة بفعل برامج نقل ملكيات عامة الى القطاع الخاص. ويتوقع ان تدر عائدات التخصيص خلال السنتين المقبلتين نحو ثلاثة بلايين دولار من عمليات بيع ثلث رأس مال شركة "اتصالات المغرب" المملوكة للدولة وفتح تملك اسهم في كل من "الخطوط المغربية" وشركتي "صوماكا" لتصنيع السيارات و"ريجي طابا" لانتاج السجائر. وأوضح التقرير الذي أعده المجلس الاداري للصندوق في واشنطن ان عائدات التخصيص ومداخيل السياحة ساهما في تخفيف آثار الجفاف على الاقتصاد المحلي. كما ساعد الاستثمار الخارجي في تحسين هيكلة الاقتصاد وتدارك ضعف مستوى الاستثمارات في الاعوام الماضية. وكان المغرب حقق بليوني دولار من الاستثمارات الاجنبية عام 1999 نصفها نتيجة لترخيص الشبكة الثانية للهاتف النقال ما أدى الى انخفاض المديونية الداخلية من جهة، والتحكم في العجز الاجمالي للموازنة الذي تراجع من 2.4 الى 1.9 في المئة، ولولا تخصيص قطاع الاتصالات لكان العجز بلغ 4.8 في المئة من اجمالي الناتج المحلي الخام. واشار التقرير الى ان رخصة الهاتف المحمول وحدها عادت على المملكة بما يعادل 3.2 في المئة من اجمالي الناتج ما مكن المغرب من تغطية حاجة التمويل وتفادي اللجوء الى القروض الخارجية. ويتوقع ان تغطي عملية بيع 35 في المئة من رأسمال "اتصالات المغرب" ماروك تليكوم نحو 15 الى 20 في المئة من الموازنة السنوية في 2001 والتي يسعى المغرب من خلالها الى بلوغ نمو في حدود سبعة في المئة في حال تحقيق موسم زراعي متوسط. وتوقع صندوق النقد ان يبلغ النمو السنة الجارية 2.5 في المئة نتيجة الجفاف، لكن مصادر مغربية تتوقع ان يحقق النمو نحو واحد في المئة بعد مضاعفات ارتفاع اسعار الطاقة في السوق الدولية. ولاحظ التقرير من جانب آخر ان الاقتصاد المغربي الذي حقق معدلات نمو ضعيفة طيلة العقد الماضي 1.9 في المئة بسبب موجات الجفاف وتقلص الانتاج الزراعي يواجه منافسة تجارية صعبة أفقدته بعض المواقع في اسواقه التقليدية داخل الاتحاد الاوروبي. وسيبلغ العجز الجاري بنهاية سنة 2000 نحو اربعة بلايين دولار وهو مبلغ يمثل ثلثي الاحتياط النقدي. لكن المغرب سيستخدم جزءاً صغيراً من احتياطه هذه السنة بفعل ارتفاع عائدات السياحة وتحويلات المهاجرين في الخارج التي ستبلغ مجتمعة نحو اربعة بلايين دولار. واعتبر التقرير ان المغرب سيواجه منافسة اكثر شراسة في الاسواق الدولية و"ان من شأن الزيادة في مستوى الحماية الفعلية خلال مرحلة تطبيق اتفاق الشراكة والفارق المتنامي بين نظام التعرفة المطبّقة داخل الاتحاد الاوروبي ومثيله المغربي خلق اختلالات مالية جديدة تضرّ بتوزيع الموارد الجبائية". واشار الى ان المغرب "قد يشهد صعوبات في التمويل خلال السنوات المقبلة بسبب انخفاض المداخيل الجمركية التي تترتب على تنفيذ اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي وارتفاع الالتزامات الاجتماعية والضغوط على النفقات". واقترح على الحكومة المغربية مراجعة سعر صرف العملة المحلية لاستعادة نشاط بعض الاسواق الخارجية من جهة وتوسيع القاعدة الضريبية من جهة اخرى بادماج قطاع الزراعة ضمن القطاعات الخاضعة للضريبة، وهو الاستثناء الذي يمتد الى سنة 2020، والعمل على خفض كلفة الاجور في القطاع العام التي تمثل 12 في المئة من اجمالي الناتج. واشاد التقرير بالاصلاحات التي طالت الاقتصاد المغربي وساهمت في تحديثه ما مكّنه من تحقيق "تقدم ملموس في مجال اصلاح القضاء وتوسيع نشاط القطاع الخاص وتحسين الادارة العامة والجمارك". وطالب في المقابل بإصدار مدونة جديدة للعمل لاضفاء مرونة على سوق الشغل تمشياً مع التحولات الدولية في مجال الاستثمار ومواصلة اصلاح الوظيفة العامة ونظام دعم السلع الاساسية وتحرير اسعار المنتجات الزراعي. وكان البنك الدولي في تقريره السنوي حول المغرب اشار الى ان المغرب كان "من اوائل البلدان التي حققت استقراراً في الاقتصاد الكلي وخفض تدخل الدولة في الانشطة الاقتصادية والانتاجية وتعزيز الانفتاح والنمو الذي يقوده القطاع الخاص، وهي الاتجاهات التي بدأت في تغيير اقتصادات منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في العقد الماضي. لكن برنامج الاصلاح القوي في اواخر الثمانينات فقد بعضاً من قوته الدافعة في التسعينات ومطلع الالفية الجديدة". ويرتبط المغرب باتفاقات مع صندوق النقد والبنك الدوليين تعود الى عام 1983 مكنته من جدولة نحو 12 بليون دولار من الديون الخارجية وتحصيل قروض من المؤسسات الدولية بلغت نحو ثمانية بلايين دولار