تفاعلت الأزمة المصرية - الاميركية في شأن قضيتي الموقف المصري من مفاوضات كامب ديفيد- 2، ومسألة القبض على الدكتور سعد الدين ابراهيم وآخرين من الباحثين والمتعاملين مع "مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية". وربط السيد فريد الدريب محامي ابراهيم الحملات الاعلامية المتبادلة بين القاهرة وواشنطن وموقف موكله من القضية التي تحقق فيها حالياً نيابة أمن الدولة العليا. وأعرب عن مخاوفه من أن يكون الرد الرسمي المصري على مقال الصحافي الاميركي توماس فريدمان يتجه الى تصعيد في القضية قد يصل الى حد احالة ابراهيم وزملائه على "محكمة أمن الدولة العليا طوارئ" التي لا تخضع أحكامها للطعن أو الاستئناف أمام أي دائرة قضائية أخرى وتنفذ بعد مصادقة الرئيس عليها. وكانت النيابة استدعت ابراهيم لتحقيقات جديدة مساء الجمعة على رغم العطلة الاسبوعية، وواجهته بتهمة جديدة تتعلق ب"تقديم رشوة الى موظفين عموميين يعملون في اتحاد الاذاعة والتلفزيون"، ومعلومات عن استعانة "مركز ابن خلدون" ببعض العاملين في الاتحاد "لتنفيذ ابحاث خاصة بالاوضاع الداخلية في مصر ومنحهم اموالاً مقابل ادائهم لذلك العمل". وواجهت النيابة في الجلسة التي استمرت حتى الصباح ابراهيم بتقرير من البنك المركزي عن حساباته في المصارف المصرية ومعلومات عن حساباته في مصارف اجنبية، ونفى رئيس المركز أن يكون قدم رشاوى الى أي من العاملين في اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وأوضح انه استعان بعدد منهم للعمل بعض الوقت في مقابل مكافآت. واشار محاميه الى أن القانون حدد الرشوة بأنها "اموال تصرف الى الموظف العمومي مقابل امتناعه عن اداء عمله او لدفعه لأن يؤدي عملاً بعينه"، موضحاً أن من استعان بهم موكله من موظفي الاتحاد ساهموا في بحث يتعلق ب"التوعية الانتخابية" وهو أمر بعيد عن طبيعة عملهم. وأوضح ابراهيم أن له حسابين في مصرفين، احدهما في اميركا والآخر في انكلترا، وذلك لسداد مستحقات المتعاملين مع "مركز ابن خلدون" من الخارج. ونفى أن يكون حوّل أموالاً من داخل مصر الى الخارج وقال الديب ل "الحياة": "إذا احيل ابراهيم على محكمة عادية سيحصل على البراءة في أول جلسة، لكن الأزمة الاميركية - المصرية قد تدفع السلطات الى احالته على محكمة أمن الدولة طوارئ ليكون عبرة للاميركيين"، معرباً عن خشيته من أن تبدأ محاكمة موكله قبل رفع الحبس الاحتياطي عنه، واضاف: "في تلك الحالة ستتم الجلسات وهو محبوس". ولاحظ مراقبون ان الهجوم الاعلامي المصري استهدف الجهات التي بدأت بالهجوم الاميركي كالصحافي فريدمان واللوبي الصهيوني وبعض عناصر الكونغرس مع الحرص على التفرقة ما بين هؤلاء وجهات اخرى لم تشارك في الهجوم الاميركي. وفُسر الهجوم الاعلامي المصري على كلينتون بأنه "يعكس يقيناً مصرياً بأن فريدمان لم يكتب المقال من تلقاء نفسه وانما بناء على توجيهات من الرئيس الاميركي نفسه". واعتبرت أوساط مصرية ان اللقاء الذي جرى أول من أمس بين كلينتون وفريدمان في أحد ملاعب الغولف "قصد به تأكيد أن كلينتون موافق على ما كُتب في نيويورك تايمز"، مشيرة الى أن القاهرة تعتقد بان الاميركيين "كانوا سبب الأزمة الأخيرة بل دفعوا في اتجاهها لمجرد ان يبينوا للرأي العام الاميركي والاسرائيلي أن هناك مقاومة عربية تقودها مصر ضد الولادة المتعسرة لاتفاق سلام فلسطيني - اسرائيلي، وان الادارة الاميركية قادرة على التعاطي مع تلك المقاومة وردعها". ولفتت مصادر مصرية الى أن الرد الرسمي المصري الوحيد على التحركات الاميركية صدر عن طريق وزير الخارجية السيد عمرو موسى الذي أكد "أن مصر لا تقبل بالضغط على عرفات لكون القدس مسألة عربية وإسلامية".ويسود اعتقاد في الاوساط المصرية بوجود "بُعد شخصي في مقال فريدمان" ولهجة تحريضية "لا يمكن أن يقبلها مسؤول مصري" وأن الشعور المصري بخيبة الأمل "جاء لكون المقال صدر عن شخص حظي باحتفاء كبير اثناء زيارة لمصر قبل أشهر قليلة ولكونه مقرباً جداً من الادارة الاميركية، ولأن ما كتبه "صدر بعد فترة من اتصالات بين الجانبين لتوثيق العلاقات وصلت الى حد تحولها الى علاقات استراتيجية بالنسبة للطرفين".