اعتبرت مصادر سياسية مصرية ان التعديل الذي طرأ في آخر لحظة على برنامج زيارة الرئيس الاميركي بيل كلينتون لأفريقيا ليتيح له التوقف في مطار القاهرة في طريق عودته من تنزانياونيجيريا، إشارة ذات مغزى تفيد ب"جديد يمكن أن يتوج الجهود المصرية الحالية لتجفيف الفجوات بين مواقف الفلسطينيين والإسرائيليين". وشددت على أن كلينتون "لا يغامر بزيارته القاهرة والاجتماع مع الرئيس المصري حسني مبارك إلا إذا كان يحمل في جعبته شيئاً". ورفضت المصادر الإفصاح عن طبيعة "الأفكار" التي طرحتها القاهرة، واكتفت بالقول إن مصر مهتمة تماماً بقضية القدس، وبأن يكون حلها مرتكزاً إلى مقررات الشرعية الدولية. لكن كلينتون قلل من التوقعات بشأن لقائه مع مبارك "عدا اننا نعمل في ظل احساس بالحاح الجدول الزمني الذي حددته الاطراف لنفسها"،، وقال في ابوجا نيجيريا امس انه يعمل "بشعور من الالحاح" من اجل التوصل الى اتفاق لكن هناك "صعوبات مستمرة". واضاف رويترز: "اننا لا نقلل من مقدار الصعوبات المستمرة لكني مسرور لانهم لا يزالون يعملون ويعملون تحت ضغوط هائلة". اما الرئيس مبارك فقال امس ا ف ب، ان الاقتراحات المطروحة حالياً في اطار المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية "تستبعد السيادة الاسرائيلية على الاماكن المقدسة" في القدس، واوضح في تصريحات نقلها وزير الاعلام صفوت الشريف ان هدف هذه الاقتراحات هو التوصل الى "اطار وليس الى اتفاق" بشأن وضع القدس. وأكدت المصادر المصرية أن عملية السلام لم تمت بعد وأن قمة كامب ديفيد الثانية لم تكن نهاية المطاف، وأن كل المؤشرات يفيد بأن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لن يعلن قيام الدولة الفلسطينية يوم 13 أيلول سبتمبر المقبل. وأشارت الى أن محادثات مبارك مع عرفات في الاسكندرية أمس، ومع كلينتون في القاهرة بعد غد الثلثاء، ومع المسؤولين الفرنسيين في باريس الأسبوع المقبل، تتركز على عملية السلام التي تمر بمرحلة حاسمة وضرورة التعاون والتنسيق بين الأطراف لدفع عملية السلام والتغلب على العقبات. في الوقت نفسه شكك مصدر مصري في نتائج المفاوضات المقبلة، وقلل من فرص إمكان التوصل الى اتفاق، وقال ل"الحياة" إن "فرص التوصل إلى اتفاق قد تضاءلت بشكل كبير"، واضاف ان قضية القدس لا تحتمل أي حلول وسط وأنه ليس في استطاعة عرفات أو أي رئيس عربي أن يقدم حلولاً وسطاً تحت شعار المرونة في قضية تمس حقوق العرب والمسلمين والمسيحيين. وأكدت مصادر مطلعة ل"الحياة" أن هناك تنسيقاً مصرياً - فلسطينياً كاملاً وأن هناك أفكاراً بناءة في إطار استماع القاهرة بتفهم وبوضوح كامل إلى كل ما يطالب به الجانب الفلسطيني من حقوق لا يمكن التنازل عنها أو التفريط فيها. وأوضحت المصادر أن خبراء مصريين عاكفون على بلورة أفكار يمكن أن تساعد في تلبية أي مطالب لهذا الطرف أو ذاك، من دون الخروج على المبادئ الأساسية التي تحكم عملية السلام، خصوصاً مرجعيات مؤتمر مدريد التي تشمل قراري مجلس الأمن 242 و338 ومبدأ الأرض مقابل السلام. وأعربت المصادر عن اقتناعها بضرورة أن يكون مصير القدس رمزاً لاحترام الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي. وكان عرفات وصل إلى الاسكندرية ظهر أمس للقاء الرئيس مبارك، يرافقه وفد يضم محمود عباس أبو مازن وصائب عريقات وياسر عبدربه ونبيل أبو ردينة. وهذه هي الزيارة الخامسة لعرفات منذ فشل قمة كامب ديفيد. وقال وزير الخارجية عمرو موسى إن المحادثات تهدف إلى تقليص الخلافات بين الإسرائيليين والفلسطينيين حول المسائل المعلقة. وقال نبيل أبو ردينة، الناطق باسم عرفات قبل اللقاء مع مبارك، إن "الأيام القريبة ستكون حاسمة، فالجهود العربية والدولية مكثفة لإنقاذ عملية السلام، خصوصاً ان موعد 13 أيلول سبتمبر أصبح قريباً ولا يستطيع أحد التنبؤ بما يمكن حدوثه"، وطالب الولاياتالمتحدة ب"الضغط على إسرائيل لإلزامها بالشرعية الدولية"، مؤكداً "ان القدس مفتاح السلام في المنطقة". وفي واشنطن توقعت مصادر أميركية أن يدعو الرئيس كلينتون الطرفين الفلسطني والإسرائيلي إلى قمة سلام جديدة أواخر أيلول سبتمبر المقبل "في حال تحقيق تقدم أثناء اجتماعه بكل من عرفات وباراك في نيويورك في 6 أيلول المقبل". وجاء إعلان البيت الأبيض أن الرئيس كلينتون سيتوقف ساعات قليلة في القاهرة للقاء الرئيس مبارك، ليؤكد تقارير بأن مصر تقدمت ب "أفكار" لحل مشكلة القدس. وذكرت مصادر أميركية ان الأفكار المصرية لقيت اهتماماً من جانب إسرائيل والولاياتالمتحدة، "وهي تشكل الآن المحور الأساسي للمفاوضات الجارية". وذكرت مصادر مطلعة ان كلينتون سيتمنى على مبارك المبادرة في اجتماع لجنة القدس لتجنب صدور بيان متشدد يطيح المساعي الأميركية الحالية، فباستثناء إيران، ابدى معظم الدول المشاركة في لجنة القدس استعداداً لتفادي أزمة.