بدأ محققون دوليون واقليميون في البحرين أمس التحقيق في حادث تحطم طائرة "طيران الخليج" الذي أدى الى مقتل 143 شخصاً كانوا على متنها لدى سقوطها في البحر قبالة ساحل البحرين. في غضون ذلك، أكدت شركة "طيران الخليج" انها ترفض في الوقت الحالي فرضية الخطأ البشري. وقال رئيس الشركة الشيخ أحمد بن سيف آل نهيان في مؤتمر صحافي في المنامة امس "في الوقت الحالي، الأمر لا يتعلق بخطأ ارتكبه الطيار". وأوضح الشيخ أحمد ان الصندوق الأسود للطائرة "لا يمكن فتحه في البحرين، وسيرسل للفحص في أوروبا أو الولاياتالمتحدة". وكان الناطق باسم الشركة ستيفن تاكويل أفاد في وقت سابق بأن صندوقي الطائرة سيرسلان الى لندن للتحليل. المنامة، أبوظبي - أ ف ب، رويترز، أ ب - صرح مسؤولون في شركة "طيران الخليج" بأن أقارب ضحايا الطائرة المنكوبة التي سقطت مساء الاربعاء في البحر قرب مطار المنامة بدأوا في تسلم جثث ذويهم بعد التعرف على القتلى من خلال صور فوتوغرافية. وبثت وكالة "انباء الخليج" انه تم امس دفن 34 بحرينياً قتلوا في الحادث في الوقت الذي بدأت فيه البلاد حداداً لمدة ثلاثة ايام. في الوقت ذاته واصلت فرق الانقاذ انتشال اجزاء الطائرة والحقائب والملابس من الماء. ومن المقرر ان ينضم فريق من المجلس القومي الاميركي لسلامة النقل الى محققين من البحرين وسلطنة عمان وشركة "ارباص" لتحديد اسباب سقوط الطائرة في المياه قبالة مطار البحرين يوم الاربعاء اثناء رحلتها من القاهرة الى البحرين. وأوضحت وكالة أنباء الخليج ان خبيرين من بريطانيا وصلا للانضمام الى اللجنة لكنها لم تدل بتفاصيل أخرى. وذكر بيان شركة "طيران الخليج" ان الركاب هم 63 مصرياً و34 بحرينياً و12 سعودياً وتسعة فلسطينيين وستة من دولة الامارات العربية المتحدة وثلاثة من الصينوبريطانيان واسترالي وكويتي وعماني وسوداني وكوري وكندي. أما طاقم الطائرة فمؤلف من ثمانية هم الكابتن وهو بحريني ومساعد الطيار من سلطنة عمان ومضيف قمرة القيادة وهو بحريني وخمس مضيفات من الفيليبين وبولندا والهند والمغرب ومصر. وتم بالفعل انتشال الصندوق الاسود الذي يسجل بيانات الرحلة والآخر الذي يسجل الأصوات داخل قمرة القيادة. ورفض مسؤولو البحرين وشركة "ارباص" التكهن بسبب سقوط الطائرة وهي سادس وأشد حادث لطائرة من طراز "ارباص ايه 320" منذ أن دخلت تلك الطائرة المتطورة الخدمة في نيسان ابريل عام 1988. ووصل الى المنامة الخميس أقارب المصريين الذين قتلوا في الحادث ورجال دين وفريق طبي على متن طائرة خاصة تابعة للشركة من القاهرة للتعرف على جثث ذويهم من خلال صور وتسلمها. ولدى وصولهم الى البحرين عرض على الأقارب صور جثث ذويهم في فندق في المنامة. ونقلوا بذلك الى مشرحة لتسلم الجثث لدفنها. وأظهر معظم الصور الفوتوغرافية الضحايا في حقائب الجثث مع اظهار وجوههم المشوهة فقط. وبدت بعض الوجوه متجمدة من الخوف. وغادر الأقارب الموجودون في البحرين غرفة الفندق بعد أن عاينوا الصور والدموع تنهمر على وجوههم. وحاول الرجال دون جدوى مواساة النساء المنتحبات بعد أن تجمعوا معاً في بهو الفندق. ورتل آخرون آيات من القرآن الكريم. وأظهرت لائحة باسماء الذين لقوا حتفهم نشرتها "طيران الخليج" في وقت مبكر الخميس وجود عدد كبير يحمل اسم العائلة ذاتها. وتحدثت عدة تقارير اعلامية عن أسر بكاملها قضت نحبها. الافراط في السرعة؟ وأفادت صحيفة "بحرين تريبيون" الصادرة أمس ان سبب سقوط طائرة شركة "طيران الخليج" يعود الى الافراط في السرعة عند الشروع في عملية الهبوط. وأكدت الصحيفة استنادا الى مصادر في الملاحة الجوية طلبت عدم الكشف عن هويتها "ان برج المراقبة في مطار البحرين طلب من قائد الطائرة "أ 320 التابعة" لشركة طيران الخليج ان لا تهبط لأن سرعتها كانت مرتفعة جداً". واضافت المصادر ذاتها مستندة الى ما دار من حديث بين الطيار وبرج المراقبة والى صور الرادار في مركز الملاحة الجوية في البحرين: "لو هبطت الطائرة لانهت مشوارها خارج المدرج". وامتثل قائد الطائرة الى التوصيات وعاود الصعود. ودارت الطائرة مرتين لخفض سرعتها ثم عادت لتهبط مجدداً، لكن برج المراقبة اشار مجدداً الى ان سرعتها ما زالت مرتفعة جداً فصعدت مجدداً. وتابعت الصحيفة تقول: "وفي المحاولة الثالثة قام الطيار بدورة قصيرة فقد اثرها السيطرة على الطائرة بسبب الافراط في السرعة الأمر الذي جعلها تهوي في البحر قرب بداية مدرج المطار". وكانت السلطات البحرينية اكدت ان برج المراقبة اذن للطيار ثلاث مرات بالصعود في محاولة للهبوط من دون ان تسأل اذا كانت لديه مشكلة تقنية. واكدت السلطات ان الطيار لم يشر الى وقوع اي خلل على متن الطائرة قبل سقوطها. وقالت شركة "طيران الخليج" ان قائد الطائرة البحريني احسان شكيب 37 سنة، وهو أب لثلاثة اطفال، كان من الطيارين المحنكين في الشركة. وتعاقد معها عندما كان في ال17 من عمره وارسل الى بريطانيا للدراسة ثم عاد منها مهندساً على الارض في العام 1981. وباشر بعد ذلك دراسة الطيران وحصل على شهادته في العام 1989. ومنذ ذلك التاريخ قاد شكيب كبرى الطائرات من طراز "تريستار ال-1011" و"بوينغ-767" واخيراً "ارباص أ 320". واكد احد الطيارين في طيران الخليج لوكالة "فرانس برس" انه "من المحنكين وكان يقود الطائرات منذ 11 سنة ويتمتع بتجربة كبيرة". وكان مساعد الطيار عمانياً ويدعى خلف العلوي. وأكدت شركة "طيران الخليج" أيضاً أمس ان ليس لديها دليل على صحة تقارير اخبارية بأن حريقاً شب في محرك في الطائرة. وقال ناطق باسم الشركة ان موقف شركة "طيران الخليج" هو ان ليس لديها دليل على حدوث حريق في المحرك وان ثلاثة من موظفي الشركة شاهدوا الحادث ولم يبلغ احد منهم عن وجود اي شيء غير عادي في الطائرة. وكانت الطائرة وهي من طراز "ارباص ايه 320" تعمل بمحركين من طراز "سي اف ام 56/5" من صنع شركتي "جنرال اليكتريك" وشركة "سنيكما" الفرنسية الحكومية. وتحدث بعض الشهود في البحرين عن رؤيتهم السنة لهب تخرج من أحد محركات الطائرة. وقال التلفزيون البحريني في بداية الأمر ان الطائرة سقطت بعد اشتعال النار في أحد محركاتها. وكانت قناة تلفزيون امارة ابوظبي أفادت الخميس استناداً الى خبراء في الطيران المدني، ان سقوط طائرة "طيران الخليج" يعود الى خطأ بشري. وأوضحت قناة ابوظبي التلفزيونية التابعة للحكومة التي تملك اسهما في شركة "طيران الخليج" استناداً الى خبراء في الطيران المدني ان "الطيار أخطأ في مدرج الهبوط في اول محاولة للهبوط وان الطائرة ربما يكون أحد أجنحتها اصطدم في المحاولة الثانية بالماء مما افقدها التوازن وأدى الى سقوطها". وتملك كل من البحرينوعمان وقطر وحكومة ابوظبي شركة طيران الخليج ومقرها في ابوظبي، بحصص متساوية. واعلن المكتب الفرنسي للتحقيقات في الحوادث في باريس ان محققين تابعين له واربعة خبراء تقنيين يعملون في شركة "ارباص" توجهوا الخميس الى المنامة للمساهمة في القاء الضوء على اسباب الحادث. وتقوم البحرين، بناء على القوانين الدولية، بالاشراف على التحقيق في الحادث الذي وقع على اراضيها كما تنص هذه القوانين على ان الدولة التي باعت الطائرة فرنسا وصانعها يشاركان في التحقيق. واوضحت شركة "ارباص" مساء الاربعاء في بيان انها سلمت الطائرة التي تعرضت للحادث لشركة "طيران الخليج" في ايلول سبتمبر 1994 وأن الطائرة نفذت نحو 17177 ساعة من الطيران