تزايدت حوادث الطيران خلال الفترة الماضية ما بين الطيران المدني إلى العسكري وصولاً بالطيران الترفيهي و الشراعي، ولقي الكثير مصرعهم في هذه الحوادث لتصبح ذكراهم مقرونة بالأرقام والصور وذكريات عائلاتهم عنهم. وربما من باب الصدفة أن أولى هذه الحوادث وقع في العام 1967 بمقتل والد زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، رجل الأعمال السعودي محمد بن عوض بن لادن، عن عمر 59 عاماً، حين كان في طائرة هليكوبتر يتفقد أحد مشاريع المقاولات التي تنفذها شركته، فاصطدمت بجبل في الطائف. ومثله قضى في 1988 ابنه البكر سالم، الموصوف بأنه كان «مهووسا بالطيران»، عندما سقطت طائرته في ذلك العام، خلال عرض جوي في مطار كيتي هوك قرب سان أنطونيو في ولاية تكساس الأميركية. ويبدو أن الحظ السيء المرتبط في حوادث الطيران وكوارثها لحق العائلة بأكلمها، ففي آب (أغسطس) من العام 2015، سقطت طائرة خاصة في مطار باريس، كانت تقل ثلاثة من أفراد أسرة بن لادن. وهم سناء محمد بن لادن، الأخت غير الشقيقة لزعيم «القاعدة»، وزوجها الدكتور زهير هاشم، إضافة إلى والدتها رجاء هاشم، وقائد الطائرة، الكابتن الأردني مازن عقيل الدعجة. وفي العام 1980، وفي مطار الرياض القديم تعرضت الخطوط السعودية لأول حادث في تاريخها من ناحية عدد الوفيات بعد حادث الخطوط الجوية التركية «الرحلة 981» حين أبلغت طائرة «ترايستار» بقيادة الكابتن محمد الخويطر عن وجود دخان فيها مباشرة بعد إقلاعها، ولكنها عادت وهبطت بسلام، غير أنه لم يتم إخلاء ركابها والتعامل مع المشكلة بشكل سليم، واحترقت الطائرة بمن فيها على أرض المطار متسببة بمقتل 287 راكبا و14 من أفراد الطاقم. وبقيت الطائرة مشتعلة وفشلت فرق الإنقاذ في إطفاء الحريق أو حتى فتح أبواب الطائرة، ولقي جميع الركاب البالغ عددهم 301 حتفهم، بمن فيهم الطيار ومساعده، ووجدوا جميعا في النصف الأمامي من الطائرة. وفي 12 من تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 1996 تحطمت طائرة الخطوط الجوية العربية السعودية رحلة «رقم 763» من طراز بوينغ «747-168»، والمتجهة من نيودلهي في الهند إلى الظهران أثناء الاقلاع إثر اصطدام مع طائرة شحن من طراز «إليوشن» «إي أل-76» تابعة لخطوط كازاخستان الجوية والقادمة من شيمكنت في كازاخستان إلى نيودلهي. ما نتج عنه مقتل جميع الركاب في الطائرتين وعددهم 349 راكبا. ويعد هذا الحادث أكبر حادث لاصطدام جوي في التاريخ من ناحية عدد الوفيات. وتوصلت التحقيقات إلى أنه بعد إقلاع الطائرة من مطار نيودلهي تم إبلاغ قائد الطائرة السعودية بضرورة الالتزام بارتفاع 14 ألف قدم، فيما تم إبلاغ ملاحي الطائرة الكازاخستانية المخصصة لنقل البضائع بوجود طائرة على بعد 14 ميلاً عن موقعه، وعليه الالتزام بارتفاع 15 ألف قدم، إلا أن قائد الطائرة الكازاخستانية لم يفهم البلاغ جيداً، ما تسبب في تصادم الطائرتين. وفي العام 2014 نجا قرابة 300 شخص من كارثة كبيرة، حين كانوا على متن طائرة للخطوط السعودية أقلعت من مطار العاصمة البنغلاديشية دكا إلى جدة، إثر انفجار إطارات الطائرة لحظة إقلاعها، وانتهى الحادث من دون أي إصابات في صفوف الركاب أو الطاقم، ومن دون أي خسائر مادية لمدرج المطار. وانحرفت طائرة سعودية من طراز «بوينغ 747»، وتقل 382 راكباً، خارج مهبط المطار الدولي للعاصمة الفيليبينية مانيلا، إلى منطقة حشائش خارج المطار بعد أن فقد قائدها السيطرة عليها. وأشارت المصادر حينذاك، إلى أن الحادث كان بسبب مشكلات «هيدروليكية». وفي حادث آخر لنفس طراز الطائرة السابقة «بوينغ 747»، كان على متنها 300 راكب، هبطت اضطرارياً في مطار القاهرة الدولي، وفوجئ قائدها بتطاير غطاء مكيف الطائرة الذي يبلغ طوله أكثر من متر، ما أدى إلى اختلال الضغط الجوي، ونجح الطيار في حفظ ارتفاعه إلى أدنى مستوى والدخول إلى المجال الجوي المصري، ومن ثم السماح لها بالهبوط الاضطراري بسلام. وتلقى قائد طائرة الخطوط السعودية من نوع «بوينغ747» رحلة «رقم 781» والمقبلة من كولومبو إلى الرياض ثم جدة بلاغاً وهو على مدرج الإقلاع بأن على متن الرحلة قنبلة، فتعامل قائد الطائرة على الفور بحسب ما تتطلبه مثل هذه الحالات الطارئة، والتي تستوجب سرعة إخلاء الطائرة حفاظاً على سلامة المسافرين البالغ عددهم 424 راكباً، إضافة إلى 19 ملاحاً، وتم الاتصال في برج المراقبة والمسؤولين بالمطار، الذين طلبوا من قائد الطائرة سرعة وضعها في منطقة العزل المخصصة للطوارئ وسرعة إخلاء الركاب، إلا أن حال الفزع والهلع تسببت في مقتل سيدة وإصابة 62 راكباً، بسبب التدافع على ممرات مخارج الطوارئ داخل الطائرة. واندلعت النيران في محرك طائرة من نوع «بوينغ 777»، ورحلة «رقم 313»، متجهة من مطار الملك خالد الدولي في الرياض إلى القاهرة، وهبطت الطائرة اضطراريا ونجا ركابها البالغ عددهم 250 راكباً. وفي العام 2003 سجلت إحدى طائرات السعودية من طراز «ام دي – 90» التي أقلعت من مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي في المدينة المنورة للقيام بالرحلة «رقم 317» متجهة إلى القاهرة، إذ تعرض أحد إطاراتها لانفصال تلبيسته خلال عملية الإقلاع من المدرج، من دون أن يلاحظ برج المراقبة في المطار هذا الأمر، وواصلت الطائرة رحلتها بشكل طبيعي وعلى متنها 117 مسافراً، إضافة إلى طاقم الطائرة المكون من سبعة ملاحين، إلى أن هبطت بسلام في مطار القاهرة الدولي. ونجا 240 مسافراً من الموت بعدما تعرضت طائرة تابعة للخطوط السعودية لحادث عرضي أثناء هبوطها في مطار إسلام آباد، بسبب انفجار إطارات الطائرة دفعة واحدة لحظة ملامستها أرضية ممر الهبوط. واختطفت طائرة من طراز «إيرباص إيه 310» تابعة للخطوط الجوية السعودية فيما كانت متجهة في رحلتها رقم 450 بين مطار الخرطوم في الجمهورية السودانية ومطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، وتقل على متنها 185 راكبا، و19 ملاحا، وبعد مغادرة الطائرة مطار الخرطوم بحوالى 22 دقيقة، قام راكب مسلح بمسدس بإعلان اختطافه الطائرة بمشاركة آخر، وطلبا من الطيار التوجه بالطائرة إلى الولاياتالمتحدة. وتم احباط المحاولة من قوات الأمن الخاصة بعد 22 دقيقة. وخطف ضابطين سعوديين طائرة سعودية في العام 2003 «بوينغ 777» أثناء رحلتها من جدة إلى لندن عبر الأجواء المصرية وتحويل مسارها إلى مطار بغداد وعلى متنها 95 راكباً إضافة إلى طاقم الطائرة المكون من 17 فرداً، والضابطين هما: فيصل ناجي البلوي عايش الحربي. وفي حادث محلي قتل 13 شخصاً وجرح 8 في حادث سقوط طائرة هليكوبتر تابعة ل«أرامكو»، بسبب عطل مفاجئ في محرك الطائرة، لم يستطع قائدها السيطرة عليه، فسقطت في مياه الخليج العربي. وكان من بين القتلى بريطاني و12 سعودياً. وتوفي سعوديون في حوادث لشركات طيران أخرى، إذ سقطت طائرة شركة طيران الخليج من نوع أيرباص إيه 320 يوم 23 آب (أغسطس) من العام 2000، وكان على متنها 12 سعودياً في رحلة من القاهرة الى البحرين وقتل جميع الركاب وطاقم الطائرة. ولقت الراكبة السعودية سحر حسين خوجة وابنتها التي تحمل الجنسية المصرية، حتفهما في سقوط الطائرة المصرية في 19 أيار (مايو) 2016 في مياه البحر الأبيض المتوسط. ولم تقتصر حوادث الطيران على المدني فقط، إذ لقي سعوديون مصرعهم في حوادث الطيران الشراعي، منهم: المدرب محمد كلنتن في حادث غرق إثر طيرانه المنخفض فوق سطح الماء قبالة كورنيش ينبع في 23 تموز (يوليو) من العام 2011. وسقط مدرب الطيران الشراعي عايض حاصل الأحمري اثناء تحليقه في منتزه النزهة بمحايل عسير في الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) 2015. وتوفي السائح السعودي حبيب شعب البخيت، في حادث سقوط طائرة ترفيهية صغيرة بمحرك واحد في مدينة رامسر شمال إيران في العاشر من شباط (فبراير) 2015، كان يستقلها مع قائد الطائرة، وعثر صيادون في منطقة تنكابن الواقعة على ساحل بحر قزوين، على جثة حبيب التي علقت في شباكهم. وفي آب (أغسطس) 2014 سقطت مروحية جايرو كوبتر (طائرة خفيفة)، شمال جدة بالقرب من نادي الطيران السعودي، ما أدى إلى وفاة اثنين كانا على متنها، أحدهما المدرب السعودي محمد المحمدي، وشاب سعودي (18 عاماً) كان يتدرب معه على الطيران. وبحسب تقرير الاتحاد الدولي للنقل الجوي، والمنظمة الدولية للطيران المدني فإن أسباب حوادث الطيران تختلف وفقا لأسباب بشرية، مثل تصرف خاطئ من أحد أفراد طاقم الطائرة أو الفنيين الأرضيين، وأخطاء الرقابة الجوية، أو أسباب طبيعية مثل سوء الأحوال الجوية المفاجئة. أما الأسباب الفنية فتتمثل في حدوث خلل في أنظمة الصيانة، وأعطال مفاجئة، وأسباب تصنيعية، ثم يأتي احتمال تعرض الطائرة إلى عمل إرهابي كأحد أهم الأسباب المتخوف منها في ظل الأحداث السياسية المتوترة التي يشهدها العالم.