قبل أن أكتب كلماتي الى الاحزاب المعارضة العراقية، أريد أن اعبر عن تقديري للجريدتين "الحياة" و"الزمان" اللتين تكشفان بين الحين والآخر تقارير وأخباراً عن هدر حقوق الانسان في كردستان العراق، تلك المنطقة التي أصبحت بسبب قاطنيها، الذين لا يتكلمون اللغة العربية، أرضاً حرام، وفي الوقت نفسه مباحة في نظر الحكومة القومية الشوفينية العراقية، أو حقل تجارب للمخابرات الدولية في التجسس، أو محطة استراحة لسائر القوى المعارضة العراقية التي تهتف بالشعارات الديموقراطية الطنانة. أي مستقبل تنتظره جماهير العراق على أيدي تلك المعارضة، اذا كان معنى الحرية غائب عن قاموسها السياسي؟ وإذا كانت كلمة الديموقراطية يتاجرون بها، ويستخدمونها ورقة للضغط على نظام صدام حسين الدموي، في مساومات سياسية؟ وإذا كانت المرأة وحقوقها مشطوبة في برامجها اذا كانت لها برامج، وإذا كان وجود العامل العاطل عن العمل منذ الحرب العراقيةالايرانية لا يستخدم الا وقوداً في حربهم لوصولهم الى غاياتهم، وإذا كانت الطفولة المعذبة التي تعمل باعة مفرق في شوارع بغداد والسليمانية والموصل والبصرة لا يأتي ذكرها حتى في احاديثهم الصحافية واليومية؟ اذا كان أحد فصائلها، وهو الاتحاد الوطني الكردستاني، يذبح الشيوعيين؟ فأي مستقبل تنتظره جماهير العراق وأي بديل مرتقب للنظام البعثي الفاشي؟ لقد تباهت المعارضة العراقية كثيراً بالتجربة الديموقراطية في كردستان العراق وراحت تعقد الاجتماعات العلنية والسرية في أروقة البرلمانات والمخابرات الغربية ودول المنطقة كي يصبح جنوبالعراق مثل كردستان، اي لا وجود للنظام البعثي وأجهزته القمعية فيه. بيد ان تباهي المعارضة العراقية بالتجربة الكردستانية كانت فقط مزايدة سياسية لتحويل العراق الى طوائف وقوميات تحركها الاحاسيس الرجعية والمشاعر اللاإنسانية من القومية والطائفية. ولم تقف عند ذلك الحد، بل وقفت تتفرج على تلك التجربة التي حققت بدماء الأحرار والشرفاء، وهي تذبح ... ما هو تفسير المعارضة العراقية لسكوتها عن تصرفات الاتحاد الوطني الكردستاني الذي قتل عدداً من اعضاء الحزب الشيوعي العمالي العراقي في كمين، وغلق مقراته، ورفض بعد ذلك تسليم الجثث الى الحزب المذكور، وراح يهدد اهالي القتلى إذا أقاموا مراسيم العزاء بأن يفعل فيهم مثلما فعل بأبنائهم؟ أليست هذه التصرفات هي تصرفات النظام البعثي الفاشي؟ وفي مكان آخر تغلق قوات الاتحاد الوطني مركزي حماية النساء وحماية الاطفال ومنظمة النساء المستقلة، ومن المعروف ان هذه المراكز والمنظمة دافعت عن حقوق الاطفال والنساء، وطالبت بتغيير قوانين احوال الشخصية المكرسة للتمييز الجنسي ضد المرأة. لماذا سكتت المعارضة العراقية عن هذا التصرف؟ ... ألا يثير الاستغراب أن تشجب منظمة العفو الدولية، والمنظمة الاشتراكية الدولية التي تنتمي اليها جميع الأحزاب الاشتراكية الديموقراطية في العالم، وكذلك الاحزاب في بلدان أوروبا وكندا، وشخصيات عراقية وعربية، والشاعر الكردي المعروف شيركوبيكس الحائز على جوائز دولية عدة، الممارسات القمعية للاتحاد الوطني الكردستاني، بينما المعارضة العراقية، حامل راية التغيير في العراق، ومبشرة جماهير العراق بنظام ديموقراطي، لم تحرك ساكناً كي لا تخسر احد اطرافها التي ليس افضل من نظام صدام، ومن اجل المزايدة في أسواق ساسة البيت الأبيض وطهران؟ ان الانفجارات الأخيرة وعمليات الاغتيالات في مدينتي السليمانية وأربيل، وحظر نشاط الحزب الشيوعي العمالي العراقي في مناطق نفوذ الاتحاد الوطني، وغلق مقر منظمة النساء المستقلة ومركز حماية الاطفال الذي ثمن في صحيفتي "بهار" التابعة للاصلاحيين و"كيهان" التابعة للمتشددين في طهران، لا تخدم مصالح شعوب المنطقة .... ومن يعتقد ان من يعقد الصفقات تحت المظلة الاميركية، او مظلة الجمهورية الاسلامية في ايران، او مظلة حكومة بغداد، يستطيع ان ينجو من أزمته السياسة وانعدام آفاقه، فليعرف انه يغرق في وحل أزمته اكثر وأكثر، ولا تخلصه إلا رصاصة الرحمة .... سمير عادل رئيس تحرير جريدة "الأفق" كندا