حضرت مدينة بيروت في مهرجان لوكارنو عبر عملين سينمائيين: الأول شريط فيديو عنوانه "حال حرب" للمخرجة دانييل عربيد والثاني "الرجل ذو النعل الذهبي" لعمر اميرلاي. وأثار الأول بعد عرضه، أسئلة ونقاشات مع مخرجته اللبنانية التي أرادت لشريطها أن يعرض لسنوات الحرب الأهلية في بلادها من خلال استرجاع أهم فصولها مأسوية ودموية، على شكل لقاءات مع نماذج ساهمت فيها أو دفعت ثمنها باهظاً. فتلك الحرب، بأسبابها المعلنة والخفية، أصابت الجميع وبدت في الشريط وكأنها لم تنته بعد. ولئن كانت الحرب واحدة، فإن قصص وأسباب خوضها متعددة. فأحدهم لا يزال يعيش يومياتها باعتبارها وسيلة ارتزاق، و"يدخل بيت العروس ويخرج من بيت العريس"، بحسب قوله. ويبرر أحد "الشخصيات" قتله للآخر في سياق معادلة بسيطة ظاهرها الدفاع عن النفس، تحت شعار: "قاتل أو مقتول". ويبدي آخر ثقته بتلك التجربة التي خلقت منه "رجلاً شديد البأس"، ما أن يزور مواقع القنص حتى تنفرج أساريره، فهي "المهنة - اللعبة" التي يجيدها في الحياة. ويتلبس أحدهم شخصية "رامبو" السينمائية ويعيد تقمصها الفعلي في يومياته على رغم هدوء أزيز رصاص الحرب. وفي المقابل، قدم السوري عمر أميرلاي شريطه "الرجل ذو النعل الذهبي"، وهو جزء من سلسلة أعمال موضوعها المال والسلطة في العالم العربي. ويدور الشريط حول رجل الأعمال ورئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، والمشاريع الاقتصادية والسياسية التي يخطط لتنفيذها مستقبلاً. وصوّر الشريط الحريري باعتبار انه وسم مدينته ببصمته الشخصية، سواء اتفق اللبنانيون على ارثه أو اختلفوا. وتتبعه في قصوره وجلساته الاجتماعية والسياسية وسفراته داخل البلد وخارجه. وتمحور سؤال الفيلم حول امكانات دخول رجال الأعمال معترك العمل السياسي، وأيهما يطغى على الآخر؟ ولتوسيع دائرة نقاشه لهذه الظاهرة، قاطعها المخرج مع وجهات نظر مجموعة مثقفين منهم: فواز طرابلسي والياس خوري، لتقويم تجربة سنوات حكومة الحريري. وتكمن خطورة شريط عمر اميرلاي في أنه قدم الحريري كشخصية مثيرة للجدل.