صدر في القاهرة عن مكتبة الدار العربية كتاب "الفنون القديمة في بلاد الرافدين" لأستاذ تاريخ الفن في كلية الآثار في جامعة القاهرة حسن الباشا. يتألف الكتاب من أربعة فصول حملت العناوين الآتية: "المجتمع العراقي وتأثيره الفني"، "العمارة"، "النحت"، "التصوير والزخرفة" بالاضافة الى فهرس لأشكال الكتاب. يشير الباشا في كتابه الى أن دراسة الفنون القديمة هي علم حديث لم يتبلور إلا في القرن العشرين، ومرّ بمراحل عدة مختلفة حتى صار علماً. وتمثلت أولى هذه المراحل في جمع التحف وحفظها ثم عرضها، وكانت بلاد الرافدين سبّاقة في هذا المضمار، إذ كشفت أعمال الحفر الحديثة في موقع مدينة أور القديمة في العراق عن مبنى من المرجح أنه كان متحفاً محلياً لجهة أنه احتوى تحفاً قديمة جمعتها إحدى الاميرات. ويضيف الباشا: إن الفنون القديمة في بلاد الرافدين تمثل طرازاً فنياً يُعد من أقدم الطرز في العصور التاريخية، بل إنه في حقيقة الأمر يتنافس على الصدارة مع الطراز الفني في وادي النيل من حيث القدم والأصالة. ويتضح في هذا الطراز أثر المجتمع، إذ كان رعاة الفن فيه، خصوصاً من الكهنة والملوك، ولذلك كان الفن في خدمة هذا النظام الديني الرسمي، ومن ثم صار يتميز بطابع الوقار والفخامة والقواعد الثابتة شبه المقدسة حين طغى هذا الأثر الاجتماعي على شخصية الفنان الذي استعاض عن التجديد بالدقة الصناعية والمهارة الحرفية. والطراز الفني العراقي العام - شأنه شأن الطرز الفنية العامة الأخرى ينقسم الى طرز فرعية أهمها: الطراز السومري، الطراز الاكدي البابلي، الطراز الآشوري، الطراز الكلداني، أو البابلي الجديد. وتبادلت هذه الطرز التأثيرات مع الطرز المصرية القديمة وكان لها أثرها في تكوين فنون أخرى مثل الفن الحيثي في آسيا الصغرى، الفن الفينيقي في بلاد الشام، الفن الاغريقي في بلاد اليونان، والفن الأخميني في إيران، ولا تزال بعض رواسبها باقية الى الآن. وخلّف الفن العراقي آثاراً رائعة في شتى المجالات، من تخطيط مدن، عمارة، نحت، تصوير، فنون تطبيقية. ومن أشهر منتجاته إحدى عجائب الدنيا السبع، حدائق بابل المعلقة التي ورد ذكرها في التاريخ.