تراجعت الاستثمارات الأجنبية في المغرب إلى أقل مستوى لها منذ سنوات، متأثرة بضعف أداء النمو المحلي وتأجيل تنفيذ برامج تخصيص بعض الشركات العامة الكبرى مثل الاتصالات والمصارف. وقال تقرير لمكتب الصرف المغربي المشرف على العملات والقطع الأجنبي صدر أول من أمس في الرباط: "إن الاستثمارات والسلفات الخارجية تراجعت في الثلث الأول من سنة 2000 بنسبة 9.31 في المئة ولم تتجاوز العائدات مبلغ 47.1 بليون درهم نحو 145 مليون دولار مقابل 71.2 بليون درهم 270 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي. واعتبر التقرير أنه مقارنة مع متوسط معدل الاستثمار الخارجي للأعوام الخمسة الماضية خسر المغرب 10 في المئة من تدفق الرساميل الأجنبية التي فضل بعضها الذهاب إلى مناطق أخرى. وكانت الاستثمارات الأجنبية بلغت العام الماضي نحو بليوني دولار باحتساب عائدات الشبكة الثانية للهاتف النقال التي درّت على المغرب 1.1 بليون دولار في النصف الثاني من عام 1999. وكان منتظراً أن تزيد الاستثمارات عن ثلاثة بلايين دولار العام الجاري من خلال بيع 35 في المئة من رأس مال شركة "اتصالات المغرب" العملاقة التي تقدر أسهمها بنحو تسعة بلايين دولار. لكن الحكومة قررت تأجيل فتح رأس مال "اتصالات المغرب" إلى الخريف المقبل لتمكين منافسين دوليين آخرين من المشاركة في المناقصة التي تديرها مؤسسات خبرة فرنسية وأميركية ومغربية. كما ان الصعوبات التي تواجه المصارف العمومية مثل القرض العقاري - السياحي والبنك الشعبي المركزي بعد افتاضح وجود تلاعبات واختلاسات مالية ضخمة أرجأت تنفيذ برنامج التخصيص الذي يعتبر من الأسباب المباشرة لارتفاع الاستثمارات الأجنبية في المغرب طيلة العقد الماضي. ويتوقع الخبراء أن يتواصل تراجع الاستثمارات الأجنبية في المغرب خلال النصف الثاني من سنة 2000 بعد تأجيل برامج التخصيص، ما سيدفع الحكومة إلى اقتراض مبلغ 500 مليون دولار - من السوق المحلية والدولية - لتعويض النقص الحاصل في ايرادات الخزينة التي تضررت، كذلك من انخفاض الرسوم الجمركية جراء تطبيق اتفاقية الشراكة الأوروبية منذ مطلع آذار مارس الماضي. وفي المقابل، زادت عائدات السياحة 13 في المئة وبلغت في الثلث الأول من السنة مبلغ 1.5 بليون درهم 500 مليون دولار، كما ارتفعت تحويلات المهاجرين 1.7 في المئة خلال الفترة نفسها، وبلغت 5.1 بليون درهم نحو 150 مليون دولار. وتشكل تلك الموارد مع صادرات الفوسفات والمنتجات البحرية والغذائية والملابس الجاهزة أهم مصادر المغرب من العملات الصعبة نحو 10 بلايين دولار تغطي جانباً من تحملات المديونية الخارجية 18 بليون دولا وتعوض خسائر الميزان التجاري التي فاقت 5.3 بليون دولار العام الماضي، وهي مرشحة للاقتراب من أربعة بلايين دولار نهاية سنة 2000. ويراهن المغرب على السياحة الدولية لتعويض بعض الخسائر، وكانت مداخيله فاقت العام الماضي بليوني دولار، في حين قدر حجم الاستثمار السياحي بنحو 500 مليون دولار. من جهته، قال وزير الشؤون العامة أحمد الحليمي ل"الحياة" إن حجم الاستثمارات الأجنبية المبرمجة يقدر بنحو 8.23 بليون درهم نحو 3.2 بليون دولار تشمل 80 مشروعاً، منها 58 مشروعاً استثمارياً بقيمة 3.1 بليون دولار صادقت اللجنة الوزارية، التي يرأسها الوزير الأول عبدالرحمن اليوسفي، على 37 منها بقيمة 900 مليون دولار، كما أقرت 15 مشروعاً آخر تعاقدياً بقيمة 15 بليون درهم 5.1 بليون دولار. واعتبر الحليمي ان تأخير تنفيذ بعض الاستثمارات الأجنبية له علاقة بصعوبات تحصيل الأراضي العقارية والصناعية وبالاجراءات الادارية والتراخيص. وتوقع ان يزداد الاقبال على الاستثمار في المغرب خلال الفترة المقبلة بعد الانتهاء من إقرار بعض القوانين لتبسيط الاجراءات ومواصلة اصلاح بعض المجالات المؤثرة في الاستثمار.