يجاهر الشاعر محمد بنيس في قصائده الجديدة التي ضمّها كتابه "نهر بين جنازتين" دار توبقال - 2000 بما سمّاه سابقاً "كتابة المحو" ولكن داخل القصيدة نفسها أو داخل اللغة الشعرية وليس نظرياً كما حصل في كتابه الذي حمل العنوان نفسه. فالشعر هنا لا يحضر إلا عبر الغياب الذي يوحي به والقصيدة لا تفرض وجودها إلا عبر انقطاعها عن نفسها كوحدة قائمة في الزمن واللغة. ولا تستحيل الكتابة فعل محو إلاّ لأنها كتابة تبحث عن نفسها باستمرار، وكلّما وجدت نفسها ازدادت بحثاً عن نفسها، فما تجده أو تتركه وراءها ليس إلاّ مثالاً شعرياً صافياً هو شبه صوفي وشبه عدميّ في الحين عينه. والمثال هذا الذي يهجس به شعر محمد بنيس ليس غريباً عن المعنى الأفلاطوني انطلاقاً من طبيعته المطلقة وبعده اللانهائي. بل لعله الضوء الذي تصبو الكتابة الشعرية اليه بغية تحقيق ذاتها أي بغية تحقيق ما لا يتحقق إلا عبر الموت، موت اللغة الذي هو وجه حياتها. هكذا تبدو كتابة محمد بنيس الشعرية مغامرة داخل اللغة وليس مغامرة لغوية فقط. فالشاعر أولاً لا يكتب قصائد، مجرّد قصائد منفصلة بعضها عن بعض، بل هو يسعى الى تأسيس نصّ أو كتابة شعرية تحتفي باللغة، بحياتها وموتها معاً. ولعل من الممكن قراءة قصائده المتعددة كقصيدة واحدة أو كنص شعري واحد متعدد المراحل أو الوقفات. لا يبرر هذا الحكم بروز ذلك الخيط الشعري الخفي الذي يتخلل القصائد ويجمع بعضها الى بعض ولا طغيان بضعة موضوعات شعرية تؤلّف ما يمكن تسميته حقلاً سيميائياً واحداً ولا انبثاق مناخ شعري واحد. ثمة ما يبدو أبعد من هذه المعالم وربما أشد عمقاً وإيغالاً في التجربة الشعرية. فالكتابة التي تتأمّل في نفسها حين يتمّ اجتراحها كمغامرة سافرة وصامتة داخل اللغة إنما تسعى الى ترسيخ فضاء لغويّ، منغلق على نفسه ومشرع على العالم في آن، فضاء ذاتي وموضوعي، نرجسيّ وتاريخيّ. إنّها الكتابة التي تخلق نفسها لتمحو نفسها وتخلقها مرة تلو مرة. هنا لا تبقى حدود أمامها. الهامش يصبح متناً والمتن يتوزّع الى هوامش هي في صميم اللعبة الشعرية. أما القصائد التي يظنها القارئ منفصلة واحدة عن الأخرى فهي ما يؤسس تلك "الوحدة" الشعرية التي تصنع من الديوان قصيدة في قصائد أو نصاً في النصوص. وليس مستهجناً أبداً أن يكتشف القارئ ما يشبه الجواب في ختام الديوان عن سؤال بادره في مطلعه أو العكس. وكذلك الأمر إزاء المعجم الشعري الواحد الذي تتنازع مفرداته القصائد جميعاً أو تلك الحقول التي تتوزع المقاطع الشعرية. لا ينطلق الشاعر في صنيعه من موقف جاهز أو من قضية مسبقة أو أفكار أو تفاصيل بل هو يمارس أمام رهبة "الصفحة البيضاء" ما يسميه الشاعر الفرنسي مالارميه "الخلق من عدم". فاللغة لديه أو كما يستشفها "لها وجه البياض" وهي كانت عرفت الموت "من قبل" مثلما يعبّر. ولكنّ "النشيد" إنّما يفيض في تلك اللغة القائمة من موتها. لكن الشاعر يدرك إدراكاً مأسوياً أنه يعود من اللغة وليس له سوى "الهباء". لكنه الهباء الذي يشبه ليل العالم أو ليل التكوين لأنه ليل اللغة والكتابة: "أهبط رافعاً أنفاسي الى علو الزفير. هذا موقف الكتابة ليلٌ على ليلٍ". وإذ يجاهر الشاعر ب"جفاف" لغته "الأقسى من العطش" فهو يسترجع مأزق الصفحة البيضاء الذي عبّر عنه مالارميه خير تعبير حين قال: "على فراغ الصفحة التي يتمنّع بياضها". وتمنّع البياض هنا هو امتناع اللغة عن التجسد أو الظهور. تغرق اللغة في الصمت حتى تتوحد به توحداً صوفياً. يصبح الصمت الوجه المشرق ولكن الأبكم للغة. يصبح الصمت كيمياء التجربة تجعل الكلمات تتبدّل من "بخار" الى "نزيف" والى "بياض" كما يعبّر بنيس. ترى أليست اللغة التي تنشأ من "السكرات" هي نفسها لغة الصمت الذي يحفر في عمق التجربة؟ أليست لغة الشاعر هي تلك التي تردّد "سماء الموت" و"تطلّ على سماء الموت" وتورث الشاعر الموت؟ إلا أنها اللغة التي تنهض من موتها نهوضاً شعرياً. ألم يقل موريس بلانشو: "في الكلمة يموت ما يمنح الكلمة حياة، فالكلمة هي حياة هذا الموت، إنها الحياة التي تحمل الموت وتدوم فيه". ولعل كتابة بنيس لا تواجه الموت إلا لتنصهر في ناره سارقة جذوته الداخلية. وهي إذ تخطف بريق الموت فإنما تميته أو تؤجله جاعلة منه حالاً شعرية تتجلى في اللغة أو حالاً لغوية تتجلى شعرياً. قد يذكّر شعر محمد بنيس بمقولة شهيرة للشاعر بول فاليري، مفادها أن الشعر "اكتشاف للغة". فالشعر هنا لا يكتشف اللغة فحسب، بل يسبرها كفضاء مجهول يخبّط في ليله. واللغة تطيع الشاعر أيّما طاعة وتمنحه ما يسنح له أن يدخل كهوفها المظلمة ليخرج بما يصادفه من معان وأحوال. لكنه لا يسلك طريق "الكتابة الآلية" التي نادى بها السورياليون بل هو ينسج لغته نسجاً يتفاوت بين الوعي بها والغياب فيها. لا يكتب الشاعر وفق ما توافر له أن يكتب بعد أن يستسلم لدوار اللغة التلقائية. فالشعر لديه يتوالد من نفسه وبنفسه ولكن عبر ضوء المخيّلة وكيمياء الوجد وايقاع السكون ورحابة الرؤيا. ومثلما عبّر فاليري فإن القصيدة ليست إلا تلك "الآلة" التي تولّد الحال الشعرية من خلال الكلمات. لكن الشاعر الذي ينغلق على "انفتاح اللانهاية" كما يعبّر يدرك أن "ظهوراً" ما هو الذي ينطقه. وهو يكتب مقدار ما يصمت، يغنّي مقدار ما يقتضب، يعبّر مقدار ما يتأمل. أما الكلام فيحلّ في مرتبة بين الفيض والصمت، بين الحركة والسكون، بين الاصغاء والهجس. لا غاية للشعر هنا سوى نفسه ولا طموح للغة في أن تعيد خلق العالم من خلال إعادة بنائه. الشعر يمحو كل ما يهدده ويحاصره ليبقى هو الوسيلة والغاية معاً. واللغة تهدم أكثر مما تبني، تمّحي أكثر مما تفصح، تتلاشى أكثر مما تظهر. غير أن "لا غائية" الشعر في مفهومها البودليري قال بودلير: ليس للشعر من غاية سوى نفسه لا تعني المجانية في مفهومها السوريالي أو كما عرفت كشرط من شروط قصيدة النثر سوزان برنار. فالشعر هنا إنما يصبو الى مرتبة المطلق أي الى ما يسمّيه فاليري "الحدّ القائم في اللانهائي" أو "مثال قدرة جمال اللغة". والتوق الى المطلق لا يدفع الشعر الى التفلّت من "حيلة" الصنيع أو البناء أو الصوغ اللغوي، إنما على العكس، فالمطلق لا يتفجر إلا داخل كثافة اللغة ولا يتجلّى إلا عبر تجلّيها. فإذا اللغة تنساب انسياباً ايقاعياً وجمالياً وسيميائياً جارفة كل ما يواجهها من أشراك وحافرة مجراها الذي يصب في المطلق واللانهائي: "أحتمي بغبار أشرعة يشعّ مع الهواء" يقول الشاعر، أو: "أسمع غيمة عند اشتداد الأزرق الفضّي". وإن لم يكن من غاية للشعر إلا نفسه فهو لا ذريعة له سوى ما يختزن من مصادفات ومعان وأبعاد مغربة في لازمنيتها. فالقصيدة هي تماماً كما يصفها أيضاً موريس بلانشو، "لا تنتمي الى الحاضر أبداً. إنها دوماً دون ذلك وأبعد من ذلك. إنها تفلت منّا لأنها في الأحرى غيابنا أكثر مما هي حضورنا ولأنها تشرع في صنع الفراغ". لكن مأساة الشاعر تكمن في ادراكه حال الانفصام التي يحياها ككائن منتم الى التاريخ ومتجذّر في أديم العالم ومأخوذ بالمطلق والماوراء: "أقول لنفسي التي لست أعرفها سوف يجري المدى بيننا". أو يقول أيضاً مخاطباً نفسه: "إهبط يا محمّد. إهبط.. إهبط إليك متقداً بما أنت فيه، عارياً". والشاعر الذي يخطّ على "الليل" ضوء المستحيل يدرك أن ثمة ميتين وبينهم وجهه كما يعبّر. ولعلّ ما وصف به جاكوبسون الشعر في كتابه: اسئلة الشعرية ينطبق كل الانطباق على شعر بنيس. فهو يقول: "فيض غنائي من الكلمات على دقة في الشكل". فالشعر هنا يجمع حقاً بين الفيض أو الانسياب والدقة في البناء وحسبُ الدقة هذه أن تكفل عدم سقوط اللغة في شرك اللفظية والاطناب. فالشاعر كلما بدا أنه يُنعم في الفيض اللغوي بدا كأنه يمعن في صمته. لكن هذا التناقض الظاهر لا يُفسِّر في كونه تناقضاً شعرياً أو هباء لغوياً ولفظياً بل هو ينتمي الى صميم اللعبة الشعرية التي تؤالف بين ما تنافر واختلف مؤالفةً داخلية. وحيال هذه اللعبة يغدو الصنيع أشبه ب"برق على ماء" كما يقول الشاعر في إحدى قصائده. ألم يقل الشاعر إنه "انغلق على انفتاح اللانهاية" وإنه أودع اللانهاية أيضاً في زهرة وأن "في غور الرماد تقاطعت طرق"؟ وفي جملة تذكّر بما قاله ريلكه في مطلع "مراثي دوينو" كل ملاك راعب... يجمع الشاعر بين الرعب والملاك قائلاً: "رعب هناك/ رعب الملاك". ولعل الجمع بين الحالين المتناقضتين ظاهراً يؤكد قدرة الشعر على إلغاء الثنائيات. فالرعب حين يستحيل ملائكياً يتحرّر من أسر صفته وينتحل جوهراً آخر. إنه رعب الانتقال من الحال البشرية الى الحال الملائكية أي من الزائل والمحدود الى الأزلي واللانهائي. رمزية النهر وإن بدا شعر محمد بنيس عبر انقطاعه عن العالم والواقع، مغامرة داخل اللغة وفعل إصغاء أو "إنصات" وفق ما يعبّر الشاعر أو فعل "تأسٍّ" على "زمن مقبل دائماً من الدخان" فإنه لا ينثني عن استيحاء رمز النهر استيحاءً مطلقاً، محرّراً هذا الرمز من المعاني الجاهزة التي أسبغت عليه سواء في الفلسفة أم الشعر والأدب. يحضر "النهر" حضوراً طاغياً بدءاً من عنوان الديوان وانتهاء بالمعجم الذي تؤلفه مفرداته ودلالاته داخل القصائد نفسها. حتى ليمكن القول إن الشعر هنا "نهري" بامتياز أو هو يسعى الى تجسيد مقامه "النهري" والى ترسيخ الحال "النهرية" ولكن ليس حسب ما قال بها هيراقليط معبراً عن السيلان الأزلي والصيرورة الدائمة. ولا يحضر النهر بشدة عبر تلك المفردات والدلالات فقط يمكن احصاؤها بسهولة بل يحضر الماء أيضاً كعنصر تكويني شعري. فالنهر والماء يكمل بعضهما بعضاً ويستويان في صميم التجربة الشعرية كمرجعين أساسيين يصنعان كينونة اللغة الخاضعة لحركة السيلان والصيرورة. وكلاهما، النهر والماء، يدلاّن على الخصب مثلما يدلاّن على الموت والبعث. ربّما هي المعاني المطروقة التي يجسدانها، لكن الشعر هنا لا يكتفي في كونه يعيد تأليف المعاني، بل هو يبلورها انطلاقاً من "انغلاقه" على المطلق واللانهائي. إنها حال من "النيرفانا" الشعرية يحياها الشاعر عبر الهجس "النهري". فالنهر الشعري أو اللغوي يتجه الى هذا المحيط الملآن والفارغ الذي يحيط به ليصبّ فيه ويذوب أو يتلاشى. ولعل الشعر إذ يتجه الى المحيط الخفيّ، الى تلك "الجهة التي لا تراني" كما يقول الشاعر إنما يرجع الى النبع الأبدي وربما الإلهي أي الى المبدأ الأول والأساس الذي انبثقت منه العناصر. ولا ضير إن قوبلت صفة الأبدي بصفة الإلهي. فالشعر لا يتوانى عن إعلان انتمائه الصوفي. لكن الصوفية هنا غير دينية تماماً حتى وإن بدت ميتافيزيقية صرفاً أو تكوينية. وليس اعتماد الشاعر بعض التعابير الصوفية السائرة الاشارة، المسلك، الخلوة، الغيب، الحجاب، النشوة، الامتثال... إلا من قبيل الإفادة الشعرية من معجم اللغة الذي يكتسب في الشعر معاني أو أبعاداً جديدة. فلا عرفانية هنا ولا جدلية ظاهر وباطن ولا سلوك. ولكنْ ثمة وجد وانقباض ورؤيا وفيض ووحدة... إنها حال من الصوفية الحرّة، الميتافيزيقية والوثنية، الروحية و"الجسدية"... تحضر في شعر محمد بنيس معظم التأويلات التي خضع لها رمز النهر عبر التاريخ: فالنهر هو في الحين عينه نهر النعم والخيرات السماوية النهر العلوي وهو أيضاً نهر الألم والاحتراق، نهر الرعب والنسيان، نهر الجحيم أو النهر السفلي كما في الأساطير الاغريقية. ولا ينثني بنيس استيحاء النهر، عن وصفه وصفاً تأويلياً وعن مخاطبته وأنسنته، عن إحيائه و"أسطرته": "النهر حضن اللانهاية" يقول، أو: "يطول النهر/ شمساً من أساطير/ توارث رصدها الشعراء/ أو غنّوا لسيد ليلها". وعلى غرار رامبو في قصيدته الشهيرة "المركب السكران" يخاطب الشاعر النهر: "إهبط بي أيها النهر". لكن الهبوط هنا ليس سوى صعود إذ عبره يرفع الشاعر "أنفاسه" كما يعبّر الى "علو الزفير هذا". وإن حمل "المركب السكران" شاعره رامبو الى قدره جاعلاً من مجرى النهر مجرى زمنياً هو باختصار معنى التاريخ فإن الشاعر محمد بنيس يظلّ على حال رؤيوية تجمع بينه وبين النهر أو توحّد بينهما: "عجباً ها إن لي أنهاراً في نهر أو نهراً في أنهار كدت أغفو على دفة المركب...". أما التوحّد المتبادل بين الشاعر والنهر فيدفع الشاعر الى المجاهرة بأن النهر ينبع منه أو يجري في داخله: "وفي أعماقي تجري كل هذه الأنهار". أو: "في أعماقي أنهار/ تكبر/ بي تنأى...". ولعلّ هذه الوحدة النهرية - المائية أو التوحّد تذكّر كثيراً بالطابع الميتولوجي للماء الذي لا يتم فيه التطهر فقط وإنما التجدد والخلق الدائم. فإذا كان الماء يرمز الى الموت في أحيان فهو رمز الحياة أيضاً ورمز الخصب. وليس من المستهجن أن يخضع لما يُسمّى "التأويل الأنثوي" والشبقي، فهو رمز اللذة والانتشاء. وإن بدا النهر في شعر محمد بنيس نهراً في المطلق، نهراً أزلياً لا يُنزل فيه مرتين بحسب عبارة هيراقليط، أو نهراً "لا مصب له" أبصره الشاعر في الصحراء، أو نهراً لغوياً شعرياً "يفيض بين الصمت والكلمات" أو نهراً "سماويا" كما يقول أو نهراً مجهولاً أو "شعشعانياً" كما يعبّر أهل الصوفية وفي مقدمهم الحلاج فإن النهر لا يني ينتحل بضعة أسماء مؤكداً تاريخيته أو في الأحرى اسطوريته. فهو النيل حيناً "يطول مكتملاً" عبر "شعشعة النفوس" وهو الفرات حيناً آخر "يأتي إليّ منسرحاً" يقول الشاعر وهو نهر سبو في أحيان "يمزج راحتيّ ببعض من شموس" كما يقول الشاعر. ولم يسمّ محمد بنيس هذه الأنهر الثلاثة إلا لما يجمعه بها من معان ورموز. إنها أنهر التاريخ والحياة، أنهر الطفولة والمخيلة، أنهر الأرض والذات. أنهر كأنها نهر واحد ينبع من الداخل أي داخل: يسأل الشاعر ويمضي نحو الخارج أي خارج: يسأل الشاعر أيضاً. ولئن طغى الرمز النهري على القصائد فهو لم يجعلها تفيض بما يحمل النهر عادة أو يجرف في مسراه. فالشعر هنا وإن عرف حالاً انسيابية يظلّ قائماً على تجربة "المحو". لا فيض لغوياً في القصائد ولا إطناب بل اختصار يدفع اللغة الى الاكتفاء بجوهرها. أما الكثافة التي تسم الصنيع الشعري عموماً فهي ليست إلا كثافة روح اللغة، كثافة ذلك البياض الذي يتخلّل اللغة ويجعلها لغة مضاءة ب"الوجد" أو كما يعبّر الشاعر أيضاً "لغة تطلّ على أحد / لا أحد". إنها اللغة التي "لها وجه البياض".