غدا مكتب وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الاحمد "محجاً" للقوى السياسية المتنافسة في الكويت. فبعد ان زاره الليبراليون ناشدين دعم الحكومة في قضايا خسروها لمصلحة الاسلاميين، هرع الاسلاميون الى "أبو ناصر" طالبين منه ان يحافظ على حياد الحكومة وان لا يقبل التحريض على الجمعيات الاسلامية. ويشير هذا التسابق الليبرالي والاسلامي في كسب ود الشيخ صباح الى زيادة المسؤوليات الملقاة على عاتقه داخل الحكومة التي أصبح هو مديرها عملياً في ضوء استمرار الحال الصحية لولي العهد الشيخ سعد العبدالله الصباح التي تمنعه من العمل لأكثر من ساعات قليلة كل يوم. وكان التصنيف السياسي التقليدي في الكويت يميل عادة الى اعتبار الشيخ صباح حليفاً لليبراليين مقابل اقتراب الشيخ سعد من الاسلاميين. لكن جلسات مجلس الأمة البرلمان خلال الشهور العشرة الماضية أوضحت ان الشيخ صباح الذي يقود الحكومة في مواجهة النواب كان قادراً على السير بها في مسار معقول بين التيارين الليبرالي والاسلامي، وهو اتخذ مواقف "أغاظت" الصحف الليبرالية مثل تبرئة الجمعيات الاسلامية من تهم التطرف الديني في حادثة الاعتداء على طالبة المعهد التجاري في نيسان ابريل الماضي، وهو موقف اثبت القضاء صحته وحكمته. ثم لما خسرت الحكومة مع الليبراليين الجولة في قانون الجامعات الخاصة الذي يمنع الاختلاط بين الجنسين وقف خارج القاعة قائلاً: "هذه هي الديموقراطية ونحن نحترم نتائجها". ولم يعجب ذلك بعض الليبراليين. وكان وفد من "جمعية الخريجين"، وهي أبرز معاقل الليبراليين، اجتمع بالشيخ صباح الأسبوع الماضي وبحث معه في القضايا موضع الصدام مع الاسلاميين ولا سيما منح المرأة الحقوق السياسية وموضوع الاختلاط في الجامعة، معتبراً ان نجاح الاسلاميين في كسب هذه القضايا في البرلمان يسيئ الى سمعة الكويت في الدول الغربية. في غضون ذلك، نشرت الصحف ان أقطاباً في السلطة يبحثون في موضوع اعادة الترخيص ل"نادي الاستقلال" - كان يعد جمعية مهمة جداً لليبراليين - الذي اغلق عام 1976 بسبب اعتراضه على حل مجلس الأمة في تلك السنة. ويرى الليبراليون انهم دفعوا ثمن دفاعهم عن الديموقراطية في تلك السنة، في حين ان الجمعيات الاسلامية التي لم تعترض على حل البرلمان استمرت بالعمل وحققت انتشاراً كبيراً وانشأت لها فروعاً ولجاناً في شتى مناطق الكويت. والتقى ثلاثة نواب اسلاميين الشيخ صباح قبل عدة ايام شاكين له من تصريحات الليبراليين بعد لقائهم بهإ فهم منها الاسلاميون ان الحكومة تميل لليبراليين وتأخذ بآرائهم، فنفى الشيخ صباح في تصريح بثته وكالة الانباء الرسمية بعد اللقاء ان يكون ميالاً لليبراليين، وقال انه لا ينتمي الى أي فئة أو تيار سياسي بل هو "مواطن مسلم يسعى الى خدمة الكويت". وأوضح الشيخ صباح: "لست من هؤلاء ولا من هؤلاء... ومن يدعي انه من التيار الاسلامي أقوله له نحن كلنا مسلمون، ومن يدعي انني انتمي الى فئة دون أخرى فهو مخطئ". والسباق الليبرالي - الاسلامي على كسب ود "أبو ناصر" مرشح للتصاعد خلال الأسابيع المقبلة، خصوصاً مع التكهنات بإجراء تعديل وزاري موسع يكون للشيخ صباح دور رئيسي في تنفيذه.