فجأة هبطت درجة الحرارة إلى 30 درجة مئوية تحت الصفر ودهمت كتل ثلجية مدينة دبي حولت صيفها من الأربعين درجة وأكثر إلى شتاء قارس، والمدينة إلى منتجع سويسري للتزلج، وعاش سكانها على مدى عشرة أيام تجربة سكان المحيط المتجمد الشمالي. هل هذا حلم أم حقيقة؟ الواقع انه حقيقة ولكنه مفاجأة! بين الفجأة والمفاجأة تحول صيف دبي اللاهب إلى شتاء متجمد في وقت لف الصيف الحار منطقة الخليج والشرق الأوسط وجنوب أوروبا، وجاءت حرائق اليونان وجنوب ايطاليا اعلاناً عن المفاجأة المعاكسة في هذه المناطق مخالفة لمفاجأة دبي. الشيء الفارق بين مفاجأة دبي والمفاجآت الأخرى ان المفاجأة الأولى هي من صنع الإنسان، والثانية من فعل الطبيعة. فدبي، وفي إطار مهرجان المفاجآت الصيفية لهذه السنة، وفي إطار خطتها واستراتيجيتها لتنمية السياحة، استطاعت بناء مدينة ثلجية، والمفاجأة تأخذ بعدها الحقيقي في أن بناء هذه المدينة كان من صنع شركات إماراتية محلية، اعتادت التعامل مع الارتفاع في درجات الحرارة، ولم يكن من صنع شركات على صلة بالمحيط المتجمد الشمالي أو الدول المجاورة له. فقد مكّن بناء هذه المدينة الثلجية سكان دبي وزوارها الخليجيين من اختصار المسافات للانتقال إلى أجواء المحيط المتجمد الشمالي وشتاء موسكو مع بقائهم وسط الصحراء الملتهبة. فالسماء في هذه المدينة تنثر ذهباً أبيض والأرض تحولت إلى جليد وطرقها إلى مسارات للتزلج والتزحلق، وسكانها يرتدون ملابس شتوية غليظة بألوان صيفية زاهية، وتنطلق في ساحتها الألعاب الشتوية التي يشارك فيها الكبار والصغار يضع فيها الكبير وقاره جانباً أو يجمده ليكون متناسباً مع الطبيعة في هذه المدينة، وليثبت الصغار أنهم أقدر على الحركة من ذويهم، والشيء الوحيد الذي يجمع بينهم هو المرح والانسجام داخل المدينة التي وحدتهم وقلصت وجمدت أهدافهم عند المرح والحبور ولا شيء آخر. هذه المدينة زارها خلال أسبوع 17 ألف زائر من داخل الإمارات وخارجها، الأمر الذي دفع بالقائمين عليها إلى تمديد افتتاح المدينة الثلجية أمام الزوار أسبوعاً آخر. وكما ان تتابع الفصول قدر، فإن تتابع مفاجآت صيف دبي حمل إلى سكان هذه المدينة وزوارها، وبترتيب يتفق مع توالي الفصول وخصائصها، أسبوع "مفاجآت الزهور" الذي بدأ أمس في دبي. وقد عكست الحفلة الافتتاحية لهذا المهرجان الكثير من المفاجآت التي ستظهر خلال الأسبوع. إذ اشتملت الحفلة على استعراضات حية ترافقها مؤثرات صوتية وضوئية متميزة في إطار كرنفال شامل، حمل المشاركون فيه مجسمات مختلفة الأشكال والألوان يتخللها تساقط أمطار من الورود والرذاذ العطري بمصاحبة أصوات الرعد وسحب الدخان والموسيقى. ويتضمن أسبوع "مفاجآت الزهور" الذي يستمر في الفترة بين 20 و26 من الشهر الجاري، أكثر من 50 فعالية ونشاطاً، وسيحمل كل يوم من أيامه اسم زهرة معينة هي وردة "الروز" والقرنفل والياسمين والزنبق والنرجس والأوركيد واللوتس. كما يقدم خلال هذا الأسبوع العديد من الفعاليات، كالمسابقات اليومية والمعارض الفنية القائمة على الزهور المجففة، بالإضافة إلى مسابقة أفضل واجهة مزينة بالزهور، وقيام الفنانين برسم الزهور على الوجوه وتزيين الصور بالزهور الطبيعية. ومن الفعاليات المميزة خلال الأسبوع، عرض للأزياء تحت عنوان "زهور 2000" الذي تشارك فيه أرقى دور الأزياء، إضافة إلى مسابقات تشمل مسابقة أجمل باقة ورد طبيعية، وأجمل "كوشة"، وإقامة معرض للزهور في حديقة "الخور" يتضمن اقساماً مختلفة خاصة بالزهور الطبيعية والاصطناعية وركناً للزهور النادرة، وآخر للعطور وثالثاً للوحات والمجسمات الفنية المستوحاة من الزهور ورابعاً لمستحضرات العناية بالجسم والبشرة المستخلصة من الزهور. ولكي يكون الأسبوع شاملاً تخلع مدينة دبي ثوبها الثلجي وتلبس ثوبها الزهري، إذ سيتم تزيين المدينة والمرافق الرئيسية فيها ومجمعاتها التجارية بمختلف أنواع الزهور والورود وتوزيع الزهور على القادمين إليها من مطار دبي وميناء راشد. مفاجآت دبي متواصلة وجديدة، بدأت بمهرجان التسوق الذي يقلده الآن الكثير من المدن العربية، وكلها تصب في جذب السياحة العربية والعالمية، وفق هدف محدد هو زيادة دخل السياحة ليكون أعلى من دخلها من النفط خلال بضع سنوات، وعندها تتحقق المفاجأة، بل المعجزة.